قال الدكتور صابر حارص، أستاذ الإعلام ورئيس وحدة بحوث الرأى العام بجامعة سوهاج، عقب خروجه من مواجهة هى الأولى من نوعها جمعت بينه وبين مدير أمن سوهاج والشيخ محمد زكى، الأمين العام للدعوة والمصالحات بالأزهر الشريف، إن اللواء أحمد أبو الفتوح، مساعد وزير الداخلية مدير الأمن بسوهاج، وجه نقدًا شديدًا بأسلوب هادئ، لعلماء الدين ونواب البرلمان والعمد والمشايخ وأصحاب الرأى والمثقفين فى كافة قرى ونجوع محافظة سوهاج خاصة والصعيد عامة بسبب غياب دورهم وتقصيرهم فى فض المنازعات وإنهاء الخصومات عامة والخصومات الثأرية خاصة.
وأوضح حارص فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أن أبو الفتوح أكد فى جلسة مغلقة بمكتبه جمعتهما بالشيخ محمد زكى، أنه مصمم أن تكون سوهاج فى 2016 أول منطقة فى مصر خالية من الثأر والدم، مُشيرًا إلى أن ثقته الكبيرة فى قوة أهل سوهاج على تحمل المسئولية ستساعدهم فى الخلاص مما أصابهم من الترويع والأخطار.
وأضاف حارص أن مدير الأمن قرر أثناء الجلسة مراجعة وتقييم أداء ومهام العمد والمشايخ ليصبح المعيار الأول فى استمرارهم بمواقعهم مدى فاعليتهم فى نشر ثقافة الصلح بين المواطنين، والقدرة على إنهاء الخصومات الثأرية، مشيرًا إلى أنه من لا يستطع القيام بدوره فى المصالحات لا يستحق أن يكون عمدة أو شيخ، كما أنه من غير المقبول ألا يتدخل العمدة فى مشكلات بلدته، كما لو كان مدير أمن يقضى بين الناس بالعدل وليس بالمجاملة ويلعب دورًا مهمًا فى تصحيح صورة رجل الشرطة عبر تنفيذ الأحكام على المطلوبين حتى لا يجبر رجال الأمن على مطاردتهم وملاحقتهم واقتحام حرمات منازلهم.
وأشار الى أن مدير الأمن كشف عن ترتيب مراكز سوهاج من حيث أكثرها خصومة ثأرية خلال عام 2015 لتحتل دار السلام الصدارة بـ(30) خصومة ثأرية، تليها طما (13)، وأخميم (11)، ثم مركز طهطا والمنشاة وجهينة كل منها (9)، والبلينا وسوهاج كل منها (7)، وساقلتة (6)، وجرجا والعسيرات والمراغة كل منها (4)، وبندر طهطا (2)، وأن جهود المصالحات حسمت (33) صلحًا بواقع 29% من إجمالى (115) خصومة ثأرية بسوهاج.
وأضاف أبو الفتوح، خلال اللقاء، أن محافظة سوهاج تفتقر إلى جهود علماء الدين وأصحاب الرأى لفض المنازعات والخصومات الثأرية، وأن هناك بعض الخصومات التى يرغب الطرفان المتنازعان فى إنهائها ولن يجدا من يقوم بذلك ويقف بجوارهما، مُشيرًا إلى أن ملف الخصومات الثأرية وإنهائها بالمصالحات يأتى على قمة أولوياته التى دفع إليها العميد خالد الشاذلى، مدير المباحث الجنائية بسوهاج، للاهتمام بها والوقوف على حقيقتها وسبل التعامل معها.
وكشف حارص عن تجاوب الشيخ محمد زكى، ممثل الأزهر الشريف، الذى فاجأ الجلسة بأنه سيقبل التصالح فى دم أخيه الذى قتل فى بندر طهطا تشجيعًا للفكرة التى طرحها مدير الأمن، ووعد زكى بتكثيف جهود المصالحات واختيار طهطا لأن تكون أول مدينة فى سوهاج خاصة ومصر عامة خالية من الدم والثأر باعتبارها أقل مناطق المحافظة فى الخصومات الثأرية التى لا تتجاوز خصومتين فقط.
وأكد الشيخ محمد زكى، خلال اللقاء، بوصفه الأمين العام للجنة المصالحات بالأزهر الشريف، أن 90% من حوادث الثأر بالصعيد لا تستوجب القصاص لعدم توافر القصدية والعمدية فيها، مُشيرًا إلى أن القتل إما خطأ أو شبه خطأ لا تتوفر فيه الشروط الشرعية أو اليقينية، أما القتل العمد الذى يستوجب القصاص فإن تقديره لولى الأمر من الحكام والمؤسسات القضائية والشرطية وإلا دخلت البلاد فى حالة من الفوضى وشريعة الغاب.
وأضاف زكى أن القتل الخطأ وشبه الخطأ ليس له إلا العفو باعتباره من شيم الكرام أو الدية بنص القرآن، "ودية مسلمة إلى أهلها"، مشيرا إلى أنه لا يحق فى الحالتين المطالبة بدم القاتل.
فيما أشار حارص إلى أن تجاوبه مع دعوة مدير الأمن ستكون من خلال إطلاق حملات توعية بمخاطر الخصومات الثأرية وسبل حلها بالطرق السلمية ومكافحة ظاهر العنف والتعصب المرتبطة بالثأر وتشجيع المثقفين وعلماء الدين للانخراط فى هذه الحملات التى سيقوم بها طلاب قسم الإعلام تحت إشرافه فى تدريس مادتى الحملات الإعلامية والتحرير الصحفى لشعبتى الصحافة والعلاقات العامة طوال الفصل الدراسى المقبل.
وأفصح حارص عن رغبة مدير الأمن بالتعاون مع الدكتور أيمن عبد المنعم، محافظ سوهاج، فى تحديد الشخصيات الفاعلة فى فض المنازعات وإتمام المصالحات بكل مركز من مراكز محافظة سوهاج والعمل على تقديرهم وتكريمهم وتيسير مصالحهم بالطرق المشروعة، إضافة إلى إقامة احتفالية شكر كبرى تضم الأطراف المتنازعة التى استجابت للصلح وقبلت الدية أو الكفن أو تفضلت بالعفو باعتبارهم سباقين للخير وفاعلين فى نشر السلام والأمان ونبذ العنف والدم.
وأكد حارص أن إنهاء الخصومات الثأرية والوقاية منها عبر الدعوة والتوعية والمصالحات تأتى على قمة أولويات مدير الأمن والأمين العام للدعوة والمصالحات بالأزهر الشريف اللذان اتفقا على سرعة تشكيل لجنتين فرعيتين إحداها للدعوة والتوعية والأخرى للمصالحات منبثقتين من اللجان العامة بالأزهر الشريف.
وأظهر مدير الأمن دوافع دينية وأخلاقية وإنسانية فى تفسير اهتمامه بمواجهة الخصومات الثأرية، مُشيرًا إلى أن إزهاق الروح من اختصاص المولى سبحانه وتعالى وليس من اختصاص البشر، وأضاف انه لا يصح مطلقًا قبول هذا النوع من المشاجرات ونحن نعيش فى القرن الواحد والعشرين والصعيد ملىء بالقامات فى الدين والأدب والشعر والفكر، واحترام القانون والتسليم بعدالته وقبول تطبيقه هو المنجى الرئيسى فى الخصومات الثأرية.