رغم تكرار جرائم تعرض المواطنين للنصب على يد أشخاص ينتحلون صفة ضباط ومستشارين وموظفين بجهات حكومية، إلا أن تلك النوعية من الجرائم ما زالت تتكرر باستمرار، البعض أرجع أسباب وقوعها إلى طمع بعض الأشخاص فى الحصول على خدمات ليست من حقهم، فيبحثون عن من يساعدهم لتحقيق أهدافهم، وهو ما يتيح الفرصة للمحتالين لاستغلال الفرصة إعمالا للمقولة الشهيرة "طول ما الطماع موجود، النصاب دايما بخير"، وهناك أسباب أخرى لانتشار تلك الجرائم، مثل جهل بعض الأشخاص بالطرق القانونية التى يجب سلوكها للحصول على مستحقاتهم، وهو ما يوقعهم فريسة للنصابين منتحلى الصفة.
وحدد قانون العقوبات عقوبة منتحلى الصفة، بالحبس سنة، وغرامة 200 جنيه، لكل من اختلس لقب أو وظيفة بدون وجه حق، للنصب أو السرقة، أو لإنها مصالح خاصة.
ويعرض "انفراد"، عددا من القضايا التى شهدت تورط أشخاص فى جريمة انتحال الصفة، فى الآونة الأخيرة، ومنا لجوء أحد الأشخاص، لانتحال صفة النائب العام، من خلال إنشاء حساب بموقع فيسبوك، للنصب على المواطنين، وتم القبض عليه بعد إبلاغ شخص عن تعرضه للنصب على يد المتهم، ولطلبه مبلغ مالى منه، لمساعدته على تنفيذ حكم قضائى لصالحه، بعد أن بحث المجنى عليه على صفحة النائب العام عبر فيسبوك، وعثر على صفحة تحمل اسم وصورة النائب العام، أنشأها المتهم للنصب على الضحايا.
وفى منطقة البساتين بالقاهرة، انتحل 4 أشخاص صفة مفتشى تموين، للنصب على أصحاب أكشاك البيع بالشوارع، وتهديدهم بتحرير محاضر ضدهم، والحصول منهم على مبالغ مالية، وتمكن رجال المباحث من ضبط اثنين منهم.
وفى محافظة القاهرة أيضا، انشأ صاحب محل قطع غيار سيارات، حساب شخصى عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وادعى خلاله أنه ضابط شرطة، وعرض على مالك شركة إنهاء نزاع بينه وآخرين، مستغلا منصبه الوظيفى، وحصل منه على مبلغ 175 ألف جنيه، وأجبره على توقيع إيصالا أمانة بمبلغ مليون وخمسين ألف جنيه لابتزازه، إلا أن ضباط مباحث الأموال العامة تمكنو من القبض عليه بعد إبلاغ المجنى عليه عن تعرضه للنصب.
وتعرض مهندس مدنى للنصب على يد مسجل خطر، انتحل صفة موظف بإحدى الجهات، بعد ادعاء المتهم مساعدة المجنى عليه على إنشاء شركة معارض دولية، واستولى منه على 3 ملايين جنيه، وتمكن رجال المباحث من القبض عليه بالقاهرة.
ولتحليل تلك الجرائم قال اللواء فاروق مقرحى، مساعد وزير الداخلية السابق، والخبير الأمنى، إن جرائم انتحال الصفة، رغم أنها ليست مستحدثة، إلا أنها ما زالت تتكرر، للإيقاع بالضحايا، سواء لتحقيق مكاسب مادية، والاستيلاء من الشخص المجنى عليه على مبالغ مادية، أو لفرض سيطرته لتحقيق مكاسب أخرى بالتهديد والابتزاز.
أضاف مساعد وزير الداخلية السابق، أن الشخص النصاب الذى يلجأ لانتحال صفة غيره، يعتمد على هيئته الجسمانية، أو قدرته على التحدث بطلاقة، بالإضافة إلى دراسته الشخصية التى ينتحل صفتها، فالشخص الذى ينتحل صفة ضابط، لابد أن يمتلك قوام جسمانى سليم، وأن يكون حليق اللحية، حتى لا يثير الشك تجاهه، بالإضافة إلى تزويره أوراق تحقيق الشخصية التى تثبت هويته الجديدة، مثل كارنيه الشرطة، والبطاق الشخصية.
وقال مساعد وزير الداخلية السابق، أن من بين الأشخاص الذين يعتادون ارتكاب جرائم انتحال الصفة، مرضى نفسيين، تحركهم أمراضهم النفسية، لتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه بتلك الوسيلة، من خلال خداع الضحايا، والنصب عليهم، مستغلين حاجة المجنى عليهم إليهم لتحقيق مطالبهم.
الدكتور إيهاب يوسف، الخبير الأمنى المتخصص فى المخاطر الأمنية، أكد أن هناك بعض الأشخاص معتادى الإجرام، خاصة فى مجال النصب، يبحثون عن الضحايا الراغبين فى تحقيق بعض المصالح بشكل مخالف للقانون، ويعرضون عليهم إنهاء تلك الخدمات، مدعين قدرتهم على التوسط لتحقيقها، من خلال معارفهم فى المؤسسات الحكومية المختلفة، مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة، مستغلا نقطة الضعف لدى ضحيته للنصب عليه، والإيقاع به.
وقال يوسف، إن هناك محورين لحماية المواطنين من الوقوع فى فخاخ المحتالين، معتادى انتحال الصفة، أولهما ضرورة التوعية من خلال وسائل الإعلام، لتوضيح ضرورة سلوك الطرق القانونية والشرعية، لإنهاء المصالح الخاصة بشكل قانونى، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون هناك طريقة واضحة للتحقق من شخصية الشخص الذى يعرض المساعدة، لكشف منتحلى الصفة، مع ضرورة إيجاد الية لتحقيق سرعة إصدار الأحكام القضائية، لضمان حقوق المواطنين على حقوقهم، وعدم لجوئهم إلى أشخاص لمساعدتهم، مما يعرضهم للوقوع ضحايا لمنتحلى الصفة.
وحدد قانون العقوبات وتحديدا فى الباب العاشر منه، العقوبات المقررة لاختلاس الألقاب والوظائف والاتصاف بها بدون حق، ونصت المواد ( من 155 وحتى 159) على عقوبة كل من انتحل صفة الغير سواء كانت ملكية أو عسكرية، لأى غرض بدعوى النصب أو السرقة أو لإنهاء مصالح خاصة أو بارتدائه زيا عسكريا أو شرطيا، وتصل للحبس والغرامة.
المادة 155 من القانون تنص على " كل من تدخل فى وظيفة من الوظائف العمومية، ملكية كانت أو عسكرية، من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك، أو أجرى عملا من مقتضيات إحدى هذه الوظائف، يعاقب بالحبس".
وتنص المادة 156 على " كل من لبس علنية كسوة رسمية بغير أن يكون حائزًا للرتبة التى تخوله ذلك أو حمل علنية العلامة المميزة لعمل أو لوظيفة من غير حق يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة".
ونصت المادة 157 على "يعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه كل من تقلد علانية نشانا لم يمنحه أو لقب نفسه كذلك بلقب من ألقاب الشرف أو برتبة أو بوظيفة أو بصفة نيابية عامة من غير حق".
وتنص المادة 158 على "يعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه كل مصرى تقلد علانية بغير حق أو بغير إذن رئيس الجمهورية نشانًا أجنبيًا أو لقب نفسه كذلك بلقب شرف أجنبى أو برتبة أجنبية".
ونصت المادة 159 على "فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم بأكمله أو بنشر ملخصه فى الجرائد التى تختارها ويكون النشر على نفقة المحكوم عليه".