ما أن اقتحمت قوات الأمن حرم نقابة الصحفيين مساء الأحد الماضى، فى حادثة أولى من نوعها خلال تاريخ النقابة الممتد لـ75 عامًا، وتوافد المئات من أبناء صاحبة الجلالة، والعاملين بمهنة البحث عن المتاعب منتفضين من أجل كرامة نقابتهم، وأعلنوا الاعتصام بمقرها، ليفاجئوا مع فجر الاثنين، بمن يسمون بالمواطنين الشرفاء يقفون أمام النقابة ويسبونهم بأقذع الشتائم.
"المواطن الشريف"، المصطلح الذى تطلقه الداخلية على عدد من العناصر التابعة المستعدة لتنفيذ ما يطلب منها من مهام، ظاهرة تستدعى الوقوف أمامها بالتحليل والدراسة، وهى كتل بشرية غالبًا ما تجهر بتأييدها لممارسات سلطوية غير قانونية، غرفتها أوروبا فى ظل النظم الفاشية والدكتاتورية فى البرتغال وألمانيا، كما عرفتها بعض جمهوريات أمريكا اللاتينية.
بالفيديو.. وصلة رقص لأنصار الداخلية أثناء... by youm7
الاعتداء على أعضاء عمومية الصحفيين
وعقب انتهاء الجمعية العمومية الطارئة للصحفيين، اعتدى منذ قليل عدد من "المواطنين الشرفاء" المتواجدين بمحيط نقابة الصحفيين، على الصحفيين أثناء خروجهم من محيط نقابة الصحفيين، كذلك اعتدوا على خالد داوود، القيادى بحزب الدستور، عقب مغادرته مقر النقابة، بعد مشاركته فى اجتماع الجمعية العمومية، الأمر الذى أدى تدخل قوات الأمن للفض بينهما.
ويشهد محيط نقابة الصحفيين حالة من الكر والفر بين الصحفيين المعتصمين والعشرات من هؤلاء "المواطنين الشرفاء" الذين بدأوا في الحشد منذ صباح اليوم حول نقابة الصحفيين، لإيهام الرأى العام من جهة بوجود معارضة شعبية للجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، ولمهاجمة الصحفيين والتحرش بهم والاعتداء عليهم من جهة أخرى.
ومنذ اندلاع ثورة يناير، وانتشر المواطنون الشرفاء فى كل مناسبة، ورغم تعدد النظم الحاكمة، وتعاقب الحكومات على اختلاف مشاربها وانتماءاتها، فإن وجوه أولئك المواطنين تكاد تكون ذات ملامح واحدة، وغالبا ما تمارس عملها فى حماية رجال الأمن!!
المواطون الشرفاء يتوجهون إلى نقابة الصحفيين، وأولهم رجل بلا كفين، يقف على سلالم نقابة الصحفين ليسب المعتصمين، متهمًا إياهم من أصغرهم حتى النقيب الذى نطق اسمه خطأ "جلاش"، وليس يحيى قلاش!
سؤال: من أين علم رجل بمستوى وهيئة الرجل الذى تكلف عناء السب والشتم، باعتصام الباحثين عن حريتهم، والمدافعين عن حق التعبير، وهى الضمانة الأولى لتحقيق مطالب كالعدالة الاجتماعية التى قد تنقذ مثل هؤلاء؟ يبدو لا محل له من الإعراب، بخاصة مع الحادث الثانى مساء الاثنين، والذى وقع تحت سمع وبصر قوات الأمن التى تحاصر مقر النقابة والمعتصمين.
خالتى فرنسا تواجه الصحفيين
مساء أمس الأول الاثنين، احتشد عدد من "المواطنين الشرفاء" رجالا ونساء، فى مواجهة سلالم نقابة الصحفيين، وعلى مرأى ومسمع قوات الأمن، ليبدأوا وصلات من الردح والشتائم البذيئة، والإشارات الخارجة بالأصابع والأيدى، وبدت الوجوه التى اعتادت الهتاف والتأييد وكأنها عليها غبرة، ترهقها قطرة. بينما ردد الصحفيون المعتصمون السلام الوطنى، هاتفين "بلادى بلادى، لكِ حبى وفؤادى"، لترد نسوة من البلاطجة بقذف الحجارة.
بينما بدا المشهد عبثيًا يوم أمس، فأقدام أفراد وعساكر قوات الأمن تحاصر مقر نقابة الصحفيين، فى لافتة إلى استعراض القوة الأمنية بوجه أقلام أبناء صاحبة الجلالة، وتواصل وزارة الداخلية تصعيدها، ولم تسمح لعدد من الوفود بالمرور إلى شارع عبد الخاق ثروت للتضامن مع الاعتصام، بينما تسمح لبلطجية، اعتدوا مساء اليوم، على الصحفيين بالقرب من الحواجز الأمنية بشارع شامبليون!!