فى ظل ما يشهده العالم من تغول الإرهاب الذى يهدد الإنسانية ويقض مضاجعها ولم تعد عملياته محدودة بنطاق إقليمى، بل اتسعت دائرته لتطال أكثر العواصم أمنا في العالم، خاصة فى أوروبا بات الدين الإسلامى والمسلمون فى مرمى النيران واتسعت ظاهرة الإسلاموفوبيا وتسارعت وتيرتها لتشمل أوروبا بشكل شبه كامل، وأصبحت صورة الإسلام المغلوطة تمثل مشكلة كبيرة لدى كثير من الأوربيين، ففى إسبانيا قال المحلل السياسى خوسيه فيرنانديز كامباس: "دعونا نكون واضحين بشأن الإسلام، فهو ليس دينا، بل إنه نظام سياسى واقتصادى واجتماعى معقد، يستخدم كدين لمجرد الدخول لأذهان الناس، وتغيير معتقداتهم وقيمهم للوصول إلى السلطة من أجل إقامة نظام ثيوقراطى قمعى وتمييزى.
ويرى المحلل الإسبانى أنه غير مقبول أن الإسلام يمثله حزب سياسى، مشيرا إلى أنه فى حال اختلط الدين بالسياسة خلق نظام تمييزيا قمعيا، زاعما أن حال المسلمين دائما فى تناقض، فمن ناحية هناك علاقة شخصية للمسلم مع الله، ومن ناحية أخرى بات الإسلام بات يمثل طريقا إلى ديكتاتورية دينية وتسلب الإنسان حريته، مشيرا إلى أن العالم الحر لا بد من أن يمنع فرض هذا النظام على الأرض وتدمدير أسس البشرية
وفى فرنسا بات الإسلام يمثل مشكلة أساسية، حيث ترى الغالبية العظمى من الفرنسيين أن المساجد والحجاب وتزايد عدد المسلمين "ثقافة سلبية جدا" للتعامل الثقافى فى فرنسا.
ووفقا لصحيفة لوفيجارو الفرنسية فإن 47% من الفرنسيين يعتقدون أن المجتمع المسلم هو أكثر تهديدا لأوروبا، و19% فقط يعتقدون أنه ثراء ثقافى، مشيرة إلى أن من بين 65 مليون فرنسى، 4 أو 5 ملايين يحملون الجنسية الفرنسية من الدين الإسلامى، وفى فرنسا هناك ما بين 2500 مسجد وأماكن لعبادة مخصصة للمسلمين.
وأوضحت الصحيفة أن 52% من الفرنسيين يعارضون بناء مساجد جديدة ، و13% فقط يوافقون على ذلك، و27% غير مهتم، كما أن 63% يرفضون الحجاب الإسلامى فى فرنسا فى الشوارع والأماكن العامة ، و28% غير مهتم، و9% فقط يوافقون على لحجاب الإسلامى فى فرنسا.
أما فى ألمانيا فالأمر مختلف قليلا، حيث إن ألمانيا منقسمة بين مؤيد ومعارض للإسلام ووجود المسلمين، فهناك بعض الأحزاب السياسية التى تتقبل الإسلام والمسلمين وهناك من يقبل المسلمين ويرفض الإسلام وهناك من يرفض كليهما.
ولكن المثير للدهشة أن حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الذى يساند الإسلام على حد زعمه، جاءت نتيجته فى استطلاعات الرأى حول حظر الحجاب مخيبة للآمال، فـ56% من أنصار التحالف المسيحى يرغبون فى حظر ارتداء الحجاب فى المدارس، الأمر الذى يهدد بتفاقم أزمة اللاجئين مع المواطنين الألمان، فألمانيا قد تضطر إلى إنفاق حوالى 14 مليار يورو العام المقبل لمواجهة تكلفة تدفق اللاجئين.
كما أن فولكر كاودر، رئيس كتلة التحالف المسيحى التابع لميركل اعتبر أن المسلمين يعدون جزءا من ألمانيا، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الإسلام، وذلك ردا على حزب البديل الشعبوى (اليمين المتطرف المعادى للإسلام) الذى اعتمد فى مؤتمره الأسبوع الماضى نهجا مضادا للإسلام فى ألمانيا.
وقال فولكر، إن 4 ملايين مسلم يعيشون فى ألمانيا، وهم جزء من البلاد، ولكن هذا ليس معناه أن الإسلام جزء من ألمانيا، ولكن فى نفس الوقت لا يجب تهميش المسلمين، كما يحرض على ذلك الشعبويون فى الوقت الحالى"، وشدد على أن المسلمين "يتمتعون بحرية ممارسة عقيدتهم، وبالتالى فمن الطبيعى أن يبنوا مساجد ويشيدوا المآذن".
وتعليقا منه على تصريحات الرئيس الألمانى الرئيس الألمانى السابق كريستيان فولف الذى فاجأ به الجميع عام 2010 بأن "الإسلام جزء من ألمانيا، تماما مثل اليهودية والمسيحية"، قال فولكر كاودر "مقولة فولف غير دقيقة وأختلف معها لأسباب عديدة، وذلك منذ سنوات وليس منذ الأمس".
وأضاف كاودر: "ليس هناك بالتأكيد إسلام واحد، كما أن للإسلام الكثير من السمات التى لا يمكن قبولها أبدا فى ألمانيا، فالدين لا يعلو عندنا أبدا على الدولة، وأضاف كاودر أن الإسلام لم يترك بصماته فى ألمانيا سواء من الجانب التاريخى أو الثقافى، كما أن هناك العديد من المدارس الفقهية فى الإسلام والعديد من التفسيرات تشير إلى أنه "لا يوجد إسلام واحد، وإنما للإسلام أوجه عديدة"، إضافة إلى أن له تأثيرات "لا يمكننا أن نقبلها فى ألمانيا"
وتربط السلطات الألمانية بين الإرهاب والإسلام، ففى الوقت الذى أعلنت فيه هيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية) أن خطر تعرض ألمانيا لهجمات إرهابية لا يزال مرتفعا، وأن الهيئة تراقب المتطرفين الدينيين والسياسيين، ولا تراقب المسلمين العاديين، قالت أيضا إنها تراقب نحو 90 مسجدا فى البلاد، الأمر الذى قد تستغله الأحزاب اليمينية المتطرفة فى ألمانيا، فى ظل غياب صورة واضحة عن المسلم الحقيقى ومن يدعيه فى ذهنية المواطن الألمانى، الأمر الذى تؤكده استطلاعات حديثة للرأى التى كشفت أن حظر ارتداء الحجاب للفتيات المسلمات فى المدارس الألمانية سيكون محل ترحيب من حوالى نصف الألمان.