- العدوى ينتقد تحصيل الدولة للضرائب
- ياسر برهامى دعا لتأديب الزوجة المتهكمة على زوجها لتناوله المنشطات
- أستاذ بجامعة الأزهر يطالب بالحجر عليهم.. وباحث: المفتى لابد أن يتبع مؤسسة الدولة
«الموسيقى»، و«شم النسيم»، وارتداء الصندل المكشوف بدون جورب».. كانت هذه أبرز الفتاوى التى أصدرها أساطين التيار السلفى مؤخرًا، لتكبل حياة المصريين، وتعرقلها وسط فوضى من الفتاوى المثيرة للجدل التى تغرق المجتمع فى مناقشات سفسطائية لا تنتهى، حول تحريم ارتداء ملابس بعينها، أو تحريم طريقة فى الملابس، وهكذا تتضارب الفتاوى مع صحيح الدين، حيث يتدخل علماء مجمع البحوث الإسلامية وأساتذة الشريعة بجامعة الأزهر، وعلماء مجمع البحوث الإسلامية، بفتاوى تدحض الفتاوى السلفية، وتثبت خطأها وفراغها من المنطق وخواء استنادها للأسانيد الفقهية.
وبالمتابعة للأسئلة التى ترد إلى مشايخ التيار السلفى، المنتمى بعضهم للأزهر، تجدها متكررة، ويدور محورها حول مسائل تتعلق بالمرأة والجنس، بالإضافة طبعًا لمسائل تتعلق بالمناسبات السياسية أو الاجتماعية، وأبرزها المشاركة فى احتفالات شم النسيم، أو المشاركة فى الثورات، كما أن هناك أسئلة تتعلق بالطهارة والصلوات والصيام والزكاة وما إلى ذلك، وبصرف النظر عن الموضوعات التى تدور فى محورها فتاوى التيار السلفى، هناك أمر مهم يلفت النظر ألا وهو نوع السؤال وصياغته التى ترد إلى هؤلاء المشايخ، حيث تبدو أنها سطحية ولا تحتاج إلى فتوى، فمثلا تجد سؤالا قد ورد إلى أحد شيوخ التيار السلفى يستفسر فيه السائل: هل يمكن أن أدعو الله لكى تخس زوجتى؟ وقس على ذلك كثيرًا.
وبرصد أبرز الفتاوى التى صدرت عن الشيوخ تجدها متنوعة بين تحريم الاحتفالات بشم النسيم وسماع الأغانى والموسيقى، وإجازة التهرب من دفع الضرائب، وعدم جواز ارتداء المرأة «صندل» دون جورب، وإلى استعراض لأبرز فتاوى التيار السلفى
تحريم الاحتفال بشم النسيم
حرم الشيخ سامح عبدالحميد، الداعية السلفى، الاحتفال بشم النسيم وقال فى فتوى: المسلمون لهم عيدان «الفطر والأضحى»، وشم النسيم عيد لغير المسلمين، ولا يجوز للمسلم أن يُشارك غير المسلمين فى أعيادهم الدينية، ولكن يجوز للمسلم أن يُهنئ المسيحى بنجاح ابنه أو بزواجه أو بشفائه، وتجوز عيادته عند المرض، ومواساته عند المصيبة.
وعن تناول الفسيخ فى هذا اليوم، قال عبدالحميد فى فتواه: «إذا ثبت أن الفسيخ يترتب على تناوله ضرر، وذلك من خلال أهل الخبرة والاختصاص الموثوقين فلا يجوز للمسلم أن يضر بنفسه، لقوله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» «النساء: 29»، وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»، رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألبانى.
تحريم ارتداء المرأة للصندل المكشوف
هذه هى آخر فتاوى ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية عن المرأة، وربما تكون الأكثر جدلا، حيث زعم عدم جواز ارتداء المرأة حذاء صيفيا مكشوف «الصندل» دون أن يكون تحته جورب «شراب» لا يشف، أى لا يظهر القدمين.
جاء ذلك ردًّا على سؤال ورد لـ«برهامى» من إحدى السيدات نصه: «ما حكم لبس المرأة حذاء صيفيا مكشوفا، وأسفله شراب، يعنى ليس الحذاء مقفولاً أو مغلقًا بأكمله فوق القدم؟».
وقال «برهامى»، فى فتواه المنشورة على الموقع الرسمى للدعوة السلفية «أنا السلفى»: «فلا بأس إذا كان الجورب صفيقًا لا يشف، والأفضل أن يكون الجلباب سابغًا مغطيًا للقدمين، ولكن إن حصل الستر بغيره جاز».
لم تكن فتوى «الصندل» فقط هى الخاصة بملابس المرأة التى أفتى فيها الدكتور ياسر برهامى، فقبل فتوى «الصندل» بحوالى 3 أيام ورد لياسر برهامى سؤال حول حكم ارتداء الحجاب فوق «البادى» الضيق الذى يظهر منه نحافة أو بدانة الذراعين، فكان منه أن أفتى بأن «البادى» الملتصق بالجسم ويصف حجم العظام لا يجوز لبسه، مضيفا أنه إذا كان غير ملتصق بالبدن، ولا يصف الحجم، جاز، موضحا أن شرط جواز لبسه هو لبس طرحة طويلة تغطى الذراعين وغيرهما.
كما أفتى برهامى، فى فتواه التى نشرها موقع أنا السلفى، بجواز ظهور المرأة «بالبادى» أمام النساء والمحارم «دون الأجانب»، مضيفا أنه لا يجوز «البادى» الملتصق بالصدر «أمام غير الزوج»، وكذا البنطلون «الاسترتش» الملتصق بالفخذين.
الزوجة تستحق التأديب إذا تهكمت على زوجها
وبصرف النظر عن الفتاوى الخاصة بملابس المرأة، فقد اهتم ياسر برهامى بالفتاوى الخاصة بالممارسة الجنسية، وكانت ترد له أسئلة عن أمور دقيقة للغاية فى هذا الأمر من النساء والرجال على حد سواء، ومن أشهر الأسئلة التى وردت إليه سؤال قال فيه صاحبه: «هل يجوز للزوجة أن تتدخل فى أخذ زوجها للمنشطات الجنسية وتحدد رغبته فى ذلك، وإلا لم تعاشره برضا وسماحة؟ فإنى قد تزوجتُ حديثًا ولا أستطيع الانتصاب والمعاشرة الزوجية بدون الفياجرا والمنشطات الجنسية، وهل يجوز لها أن تتهم زوجها بالغش، وأنه لم يذكر لها حالته مع أنى أقول لها إن المهم هو حصول العلاقة ولو بالأدوية، ولكنها لا تقتنع وتقول: «الرجل لا يأخذ فياجرا، وإذا كنت رجلا فلا تأخذها؟ فما قولك فى هذه الزوجة التى تقول هذا القول المؤلم جدًّا للزوج، ويتأثر به بشدة، رغم أنها من أسرة مُحافِظة وملتزمة؟
وأجاب ياسر برهامى قائلا: «فليس لها التدخل فى هذا الأمر»، وكلامها باطل ومنكر، وتستحق عليه التأديب، وأخذه للفياجرا الذى يمكِّنه من المعاشرة لا يضره، وقولها هذا يدل على عدم التزامها، وليس من حقها اتهامه مع إمكان المعاشرة بالأدوية».
احتمال الزوجة «الريجيم» من حسن معاشرتها للزوج
ومن أحد الأسئلة الطريفة التى وردت لبرهامى كان سؤال من أحد الأزواج الذى أراد أن يستفسر عن حكم دعاء الزوج بأن يجعل الله زوجته رشيقة وأن تنقص من وزنها وجاء فى السؤال نصا: «أرجو أن تعذرنى فى هذا السؤال ولا تظن أننى ليس لى هم إلا الشهوات، ولكنى شاب وأعانى كغيرى مِن فتن النساء، والله قد منَّ على بزوجة صالحة، لكنها بدينة، وإرادتها ضعيفة فى أن تكون رشيقة وتحافظ على وزنها، رغم قولى لها إن هذا فيه عفافا لى وإنى لا أحب أن أراها بدينة، فهل يحرم على أن أدعو الله أن يجعلها رشيقة وأن يجملها فى عينى وأن تستطيع إنزال وزنها؟ وهل مِن كلمة يمكن أن توجهها حضرتك لها؟ وجزاكم الله خيرًا».
ولم يبخل برهامى على الزوج بالإجابة وتوجيه النصيحة للزوجة فأجاب قائلا: «فلا يَحرُم عليك الدعاء بذلك، ولكن ليس هو الأفضل، بل الأفضل أن تسأل الله العفاف والغنى، فيقدِّر الله لكَ ما تريد أو خيرًا منه، إن شاء الله، وأنا أقول لها: ساعدى زوجك على العفة، واحتملى برامج التخسيس، فإن ذلك من أسباب حسن العشرة بينكما».
مزاج الزوجة ليس سببا فى امتناعها عن «المعاشرة»
ومن ضمن فتاوى الدكتور ياسر برهامى عن المرأة والجنس، فتوى شهيرة له قال فيها إنه لابد أن توطن الزوجة نفسها على تلبية حقوق زوجها حتى لا تتسبب فى انحرافه، مؤكدا أن تقدم المرأة حبها لزوجها على حبها لأهلها، ولا بد أن توطـِّن نفسها على ما ألزمها به الشرع.
وكان سؤال ورد إلى ياسر برهامى عبر موقع «أنا السلفى»، التابع للدعوة السلفية، كان نصه: «لماذا الزوجة ملزمة دومًا أن تستجيب لزوجها فى أى وقت، وعلى أى حال؟ أليس الشرع يراعى نفسية الزوجة كبشر وإنسانة، وأنها ليست دومًا فى حالة نفسية تجعلها مريدة للمعاشرة الزوجية».
ورد برهامى على السؤال قائلا: «ليس الأمر إهانة ولا ترخيصًا للمرأة، ولا بد أن توطـِّن نفسها على ما ألزمها به الشرع، وليس لأن مزاجها غير مهيأ فى توقيت ما تمتنع مِن إعطاء حق الطرف الآخر، الذى له أيضًا احتياجات قد يكون عدم إعطائها له سببًا فى انحرافه».
وأوضح برهامى أن درجة الحب والمقارنة بينه وبين غيره غير لازمة، ولكن لا شك أن إظهار الزوجة محبتها لزوجها مِن أسباب السعادة الزوجية واستمرار العشرة، أما الحقوق الظاهرة، فالزوج مقدّم على غيره، لأنه أعظم الناس حقًّا عليها.
تحريم الموسيقى
من المعروف للجميع أن الدعوة السلفية، الكيان الأكبر والمنظم للسلفيين، تحرم الاستماع للأغانى وتحريم الموسيقى، وقد تطرق الشيخ عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمى للدعوة السلفية، إلى حكم الموسيقى فى الإسلام، وقال إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أباح الغناء، ولكنه حرم الموسيقى، و«نحن فى ذمتنا لا نكاد نتصور الانفكاك بين هذا وذلك، حيث يمكن أن يوجد إنشاد ينشده الناس فى سفرهم، ينشده العمال فى عملهم الشاق، أو يردده المسافرون يقطعون به السفر، ولكن الموسيقى تعد خمر النفوس».
جواز التهرب من دفع الضريبة
من البديهى داخل التيار السلفى، أن التهرب من الضريبة أمر مباح، وقد أنتقد الشيخ مصطفى العدوى، الداعية السلفى، تحصيل الدولة ضرائب، معتبرا ذلك ظلما من الرئيس والحكومة لعامة الشعب، مشددًا على أن عدم تنفيذ الحدود ظلم أيضا من الحكام للرعية.
وأشار «العدوى» إلى أن فرض الرئيس ضرائب على الشعب فيه ظلم، متسائلا: هل المصلحة العامة أن نصدر قوانين من أجل الأغنياء وتساعد المحتكرين على الاحتكار؟ والحديد أبرز صورة لهذه الصور، على حد قوله.
البحوث الإسلامية: السلفيون هدفهم الشهرة
وعن رأى مجمع البحوث الإسلامية فى فتاوى التيار السلفى، قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو المجمع، إن من يصدرون فتاوى التحريم من التيار السلفى، وآخرها فتوى تحريم الاحتفال بعيد شم النسيم، هم مجرد باحثين عن شهرة فقط، ولا علم لهم بأصول الفتاوى وعلم الفقه، مطالبًا إياهم بالتوقف عن إصدار الفتاوى التى تثير الفتن.
وأضاف: تصريحات شيوخ السلفية عن أمور كثيرة غير صحيحة، فمثال حديثهم عن الضرائب غير صحيح، وهذا الكلام من شأنه تعطيل الاقتصاد المصرى، مشيرًا إلى أن دعاة التيار السلفى يستحلون التهرب من دفع الضرائب ويحصلون على أموال من أتباعهم ينفقونها فى أمور يعلم الله أنها تخالف الشريعة الإسلامية.
وقال «الجندى»: «الضرائب تحقق المصلحة العامة للدولة والادعاء بأنه لا يجوز فرض ضريبة عادلة ادعاء يخالف الشريعة، وقد قال رسولنا الكريم «فى المال حق سوى الزكاة»، مشيرًا إلى أن تصريحات دعاة السلفية تضر بالاقتصاد المصرى والدولة المصرية فى أشد الحاجة إلى المال لإعادة بناء اقتصادها».
وأضاف: «السلفيون يعدون التهرب الضريبى حلالا ويستحلون عدم دفعها ويشجعون أتباعهم على التهرب منها وهم فى ذات الوقت يحصلون على الأموال من أبتاعهم ومريديهم ينفقونها فى أمور كثيرة يعلم الله أن من بينها ما يخالف الشريعة الإسلامية، فتصريحاتهم عن الضرائب كلام لا يراد به وجه الله لأنهم يدمرون الاقتصاد المصرى».
أستاذ بجامعة الأزهر يطالب بالحجر عليهم
بدوره انتقد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، جموع التيارات الإسلامية، والفتاوى التى تصدر منها بين الحين والآخر، وقال «كريمة»، فى تصريحات لـ«انفراد»: «هذه التيارات لديها سطحية وهشاشة فكرية».
وطالب كريمة بتطبيق الشريعة الإسلامية بالحجر على الرويبضة غير المتخصص، مثلما يحجر على غير الطبيب مهنة الطب، ولابد من الحجر على السلفية فى الشأن الإسلامى كله، لأنهم يمثلون مذهبًا طائفيًا، وما يفعلون من باب الشغب ومقاومة الإرهاب لن تجدى نفعًا مادامت هناك أفكار مثل هذه فى التربة المصرية.
وأضاف «كريمة»: «هذه التيارات سواء السلفيون أو الإخوان والموالون لهم يصدرون فتاوى كثيرة عن المرأة، لأن ثقافتهم مشغولة بشهوتى الجنس والطعام، فهذه التيارات الإسلامية مفهومها عن الفكر الإسلامى «الجنس وأحكام الطهارة»، داعيًا إياهم بعدم إصدار فتاوى وتركها للعلماء.
وتابع: «هذه التيارات خطر على الدين الإسلامى، والعضو فى داعش هو التطور والتحول الطبيعى للسلفى والإخوانى»، مضيفا: «الفترة المقبلة ستتحول الدعوة السلفية قريبا وستكون أشرس من الإخوان»، على حد قوله.
وتابع: «إن المتسلفة لا فقه عندهم ولا دراسة فقهية، وأقرب الأشياء حينما طرحت صكوك مشروع قناة السويس أفتوا بتحريمها وكادوا يضربون المشروع فى مقتل لولا دراية الشعب.
باحث: المفتى لابد أن يكون تابعاً لمؤسسة الدولة
وبدوره قال هشام النجار، الباحث فى شؤون التيارات الإسلامية: «الفتوى مهمة جليلة وعظيمة وخطيرة ينبغى ضبطها وتقنينها، نظرًا لتأثيرها الكبير ولكونها متعلقة بأمر حيوى، وهو ضبط معاش الناس وواقعهم ونوازلهم المستحدثة بالشرع الحنيف، ولذا كانت هناك شروط صارمة ينبغى توفرها فى المفتى أو فى الهيئة الشرعية الموكل لها إصدار الفتاوى الدينية، تحقيقًا لهدفين جليلين وهما حماية الدين وصيانة الشريعة من العبث بأصولها والإساءة لمقاصدها وتشويه حقيقتها بنسبة أمور لها ليست فيها ولم تأمر بها، والثانى تحقيق مصالح الناس وتيسير معايشهم ومراعاة مستجدات واقعهم بالشكل الذى تراعى فيه ثوابت الدين ومقاصده، وفى نفس الوقت تراعى ظروف العصر ومستجداته ومتغيراته».
وقال: «أرى أن الأزهر الشريف هو المؤسسة الدينية الشرعية التى ينبغى أن تقوم وحدها بمهمة الفتوى وألا يتصدى للفتوى أحد من خارج المؤسسة الدينية الرسمية، ومن تعينهم وتنتخبهم هذه المؤسسة لتلك المهمة، فالأزهر به العلماء المؤهلون لتلك المهمة العظيمة، وهو مؤسسة دينية رسمية تشرف عليها الدولة، ليست لها مصالح فى السلطة أو مصالح حزبية، أما من يزعم امتلاك القدرة على الفتوى من خارج المؤسسة الرسمية، فهؤلاء مجرد وعاظ وخطباء وليسوا علماء، وإن تحصلوا على كثير.