يواصل إعلام إيطاليا تحذيراته من سد النهضة الأثيوبى وتأثيرته السلبية على اثيوبيا وكينيا بشكل خاص، وحذر ماركو باسى عالم الأنثروبولوجيا الإيطالي في جامعة أكسفورد، من سد النهضة الأثيوبي مؤكدا أن السد ينتهك القوانين والمعايير الدولية، وله آثار جانبية متعلقة بتغير المناخ، كما أنه سيؤثر سلبا على أكثر من 200 الف شخص فى أثيوبيا، وقال باسى، الذى سافر إلى وادى أومو فى عام 2010، إن السد بارتفاع 240 مترا ، ويمتد حوضه لمسافة 150 كم، وتم بناء السد فى وادى أومو السفلى، وهو ما سيجعله يمثل خطورة كبيرة على أثيوبيا نفسها بسبب حجبه لفيضانات نهر أومو التى تغذى زراعة المراعى.
وانتقد باسى، شركة سالينى الإيطالية لمشاركتها فى هذا العمل الخطير، والتى بررته بأنها تعمل من أجل مصلحة إفريقيا، وهذا غير صحيح، لأن السد سيتسبب فى العديد من الأضرار لهذا البلد الأفريقى ، خاصة وأن السد ينتهك حقوق السكان الذين يعيشون على ضفاف الأنهار، من المزارعين الذين يزرعون المحاصيل على طول ضفاف النهر، هذا بالاضافة إلى بداية هجرة الأسماك مما ينذر بانخفاض كبير فى الثروة السمكية فى أثويبيا.
ونقلت صحيفة "كورييرى" الإيطالية تحذيرات باسى، بأن سد النهضة سيتسبب فى حدوث مجاعات مزمنة ومشاكل صحية، كما أنه يهدد أثيوبيا بتدهور عام فى الاقتصاد واستقرار نسيجها الاجتماعي، فى بيئة فى الأساس تعانى من الهشاشة من الناحية البيئية.
وأكدت الصحيفة الإيطالية أن شركة سالينى الإيطالية فشلت من البداية فى تقييم جميع المخاطر الاقتصادية والفنية للسد وتأثيره السلبى على اثيوبيا نفسها.
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية إن سد النهضة سيتسبب فى أضرار كثيرة من بينها قطع المياه عن شمال كينيا وأضرار تلحق ببحيرة توركانا وتشريد 200 ألف كينى، والتسبب فى أضرار بيئية بالغة للبيئة النهرية سواء فى كينيا أو إثيوبيا، وأوضحت الصحيفة فى تقرير لها على صفحتها الإلكترونية أن "السد حول مجرى نهر أومو ، وهو ما يؤثر سلبا على بحيرة توركانا فى كينيا المجاورة، التى هى مصدر رزق لكثيرين من سكان المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن السد الضخم الجديد الذى بنته إثيوبيا يقطع إمدادات المياه عن بحيرة توركانا، شمال كينيا، موضحة أن السد ومزارع السكر على طول النهر تسببت فى نقصان عمق بحيرة توركانا بمعدل 1.5 متر عن مستوياتها السابقة، منذ عام 2015.
وأضاف أنه فى إحدى مناطق البحيرة، التى تعتبر أكبر بحيرة صحراوية فى العالم، انحسرت المياه لمسافة تقارب كيلومترين، وانتقدت الصحيفة الحكومة الأثيوبية لتهجيرها السكان على طول النهر.
وقال فيلكس هورن، الباحث فى منظمة هيومن رايتس ووتش، إن "إثيوبيا مهتمة بتطوير مواردها على حساب الناس على طول خط المياه والمهمشين، الذين أصبحوا مستبعدين من المعادلة".
ومن جهتها، أدانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" بناء السد، وأعربوا عن خشيتهم من أن يعيق تدفق نهر أومو الذى يشكل 80% من المياه المتدفقة إلى بحيرة توركانا.
وأكد التقرير أن سد النهضة سيعرض كويجو وبودى وداساناش ومجتمعات آخرى ، للتهديد بسبب اختفاء نظام زراعى رعوى قائم على الفيضانات الطبيعية للنهر، كما سيتسبب فى انخفاض الصيد فى بحيرة توركانا، وبذلك فإن السد سيتسبب فى انخفاض منسوب المياه، كما أنه سيخفض الموارد السمكية للبحيرة .
أما ديفيد تورتون، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة أكسفورد وأحد كبار الخبراء الذين زاروا جنوب أثيوبيا، فقد حذر من أن سد النهضة الأثيوبى سيتسبب فى كارثة إنسانية حقيقة تطول حوالى نصف مليون أثيوبى من إجمالى عدد سكان يتجاوز المليون.
ونقلت صحيفة "البوست" الإيطالية قول تورتون بأن "90 ألف شخص يتحدثون 6 لغات مختلفة يعيشون على طول الروافد الدنيا لنهر أومو الذى بنى عليه سد النهضة ، فإنهم شعبوب متميزون لغويا وغالبيتهم أثيوبيين، يتحدثون الاورومو أو الامهرية، وترتبط حياتهم ارتباطا وثيقا بدورات النهر التى معرضة للخطر بسبب السد، فإن التربة المغطاة بالمغذيات معرضة للازالة، وهو ما يؤثر على الأقل على نصف مليون شخص ، من السكان الاثيوبيين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".
وأضاف تورتون أن "المصادر الرئيسية الثلاثة للغذاء فى اثيوبيا معتمدة على الزراعة الغرينية والثروة الحيوانية والزراعة البعلية، ومعظم السكان على طول نهر اومو يعتمدون على التبادل التجارى بهذه الموارد ، ومع سد النهضة فإن هذه الموارد ستتلاشى تماما مما يعرض البلد الى أسوأ ازمة ومجاعة.
واعترضت منظمة Survival International غير الحكومية ، التي تتعامل مع الدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم ، على المشروع في الصحف وفي الميدان ، لزيادة وعي الحكومة الإثيوبية والرأي العام العالمي بشأن المخاطر التي يواجهها السكان وادي أومو.
وأضاف "يبدو أن المجتمع الدولي لا يدرك أنه يتبرع بأموال للسماح للحكومة الإثيوبية بتدمير حياة الشعوب الأصلية في وادي أومو،فالتمويل القادم لا يحسن الظروف المعيشية على الإطلاق، كما يدعى البعض، وبدلاً من ذلك ، تستخدم السلطة التنفيذية الميزانية لجعلها أسوأ من خلال برامج القرية ".