بابا "ماجد" وماما "نعمة" رزقا بثلاثة أطفال، يعانى كل منهم بدرجات مختلفة من الأنيميا فى دمهم، حتى اكتشفا أن طفلهما الثالث أصيب بأنيميا البحر المتوسط العظمى، وظهرت عليه مضاعفات كثيرة، وبعمل الفحوصات للأسرة اكتشفا أن جميعهم يعانوا من درجات مختلفة من أنيميا البحر المتوسط، وبالبحث فى تاريخ العائلة تم اكتشاف أن العائلة من الطرفين يعانون من أنيميا البحر المتوسط، ولعدم ظهور الأعراض عليهم لم يتم التعرف عليهم.
لم تكن عائلة "ماجد" هى الوحيدة التى تعانى من هذه المشكلة ولكن هناك من 10% إلى 15% فى مصر حاملين للمرض ويتزوجون من بعضهم دون إجراء الفحوصات اللازمة، مما ينتج عنه أطفال حاملين لنفس المرض، وهو ما وضحه الدكتور "عمر الألفى" باحث مساعد فى أمراض الدم بالمركز القومى للبحوث وزميل الجمعية البريطانية، خلال احتفال العالم اليوم باليوم العالمى "للثلاسيميا" أو فقر الدم.
ويتابع د. عمر قائلا: "فقر الدم نوعان أولهما أنيميا نقص الحديد أى نقص خلايا الدم الحمراء فى الجسم، وهناك ما يقرب من 40% إلى 50% من الأطفال فى مصر يعانون من هذا النوع، وذلك نتيجة سوء التغذية والمعلومات المغلوطة عن أساليب الأطعمة التى لابد أن يتبعها الطفل أثناء فترة الفطام، بالإضافة إلى تقديم وجبات الجانك فود للطفل فى أول سنين تكوين جسمه".
وعن النوع الثانى يقول الدكتور "عمر" يشتهر هذا النوع باسم "أنيميا البحر المتوسط"، نظرا لانتشاره بين دول البحر المتوسط، والاسم العلمى له هو "الثلاسيميا"، ولابد أن من يصاب به يكون هناك تاريخ وراثى للمرض فى العائلة من أحد الطرفين أو العائلة من الجانبين، وهناك 3 أنواع من أنيميا البحر المتوسط، وهى:
العظمى: وتظهر عادة فى أول سنة من عمر الطفل بمشكلات فى الكبد والكلى بسبب ترسب الحديد فى الجسم وتحوله إلى مادة مسممة، ويحتاج مريض الدرجة العظمة إلى متابعة شهرية ونقل للدم.
المتوسط: تظهر عليه علامات بسيطة ولكن تحتاج إلى طبيب متخصص فى أمراض الدم حتى لا تتدهور الحالة وتحتاج بعض الحالات إلى نقل دم، ولكن بكميات أقل من حالة المصاب بالعظمى.
الصغرى: وهى مرحلة ضعيفة يمكن التغلب عليها بأقراص الفيتامينات والحديد.
ويضيف الدكتور "عمر": "حالات زواج كثيرة تحدث دون القيام بالفحوصات الشاملة التى تكشف المرض، وهو ما يعرض أبناءهم لخطر الإصابة بنفس المرض نظرا لنقل الأنيميا لهم من الجانب الوراثى، ومن المحتمل ظهور الأعراض عليهم سريعا مثل تضخم حجم الكبد وقلة كفاءة عمل الكلى أعراض المرض خفية نوعا ما، فمن الممكن أن يتم قياس نسبة الهيموجلوبين فى الدم والنسبة تكون مناسبة، ولكن حجم كرات الدم غير طبيعية وهنا يكون هناك احتمال إصابة بأنيميا البحر المتوسط، وعن طريق الطبيب المتخصص فى أمراض الدم نستطيع التأكد من الإصابة من عدمها وطرق التغلب عليها، ومن الممكن أن يصاب بها الفرد فى مرحلة الطفولة ويتم التعرف عليها عند الكبر فى عمر 25 سنة أو 30 سنة".
وعن نظام العلاج فى مصر يقول "عمر": "الدولة تتكفل بمن هم فى تحت مظلة التأمين بالعلاج للأطفال والكبار، وهى تكلفة غالية، خاصة لمن يحتاجون نقل الدم شهريا لهم، ويظهر الأمر سيئا فى مصر نظرا لعدم الوعى، فعلى سبيل المثال فى باقى دول البحر المتوسط عند التأكد من إصابة أحد الأبوين بأنيميا البحر المتوسط يقومون بعمل الفحوصات اللازمة للجنين أثناء وجوده فى رحم الأم، وعند التعرف على إصابة الطفل يتم إجهاضه حتى لا يكون عبئا على الأسرة والدولة فيما بعد، ويمكننا تطبيق هذا هنا بسهولة عن طريق تقديم التقارير الطبية لدار الافتاء، وعلى حسب كل حالة يتم إقرار أو عدم إقرار الإجهاض لها للحد من عدد المصابين ونقل المرض فيما بعد للأجيال القادمة".
ويشير الدكتور عمر الألفى إلى أن الفتيات عند سن البلوغ تقل نسبة الحديد فى أجسامهن بصورة طبيعية، وتقوم الأم بإهمال هذه الفترة وتعتمد على الأفكار الموروثة وهى تقديم التغذية الجيدة للفتاة خلال هذه الفترة دون الرجوع للطبيب، ولكن لابد من القيام بالتحاليل الشاملة وتقديمها لطبيب أمراض الدم لحمايتها الفتاة من مضاعفات الأنيميا، حتى تصل لمرحلة الأمومة بسهولة دون مرض كبير، وهناك دراسات تؤكد أن الأم المصابة بأنيميا نقص الحديد تكون احتمالية ولادة طفل يعانى من نفس المرض كبيرة.
ومن أكثر الآثار الجانبية الناتجة عن الإصابة بالأنيميا على الأطفال هو التأثير على غدد الجسم وتأخر مرحلة البلوغ، فهناك أطفال كثيرة فى مصر يصلون إلى عمر الـ16 والـ17 عاما ولم يبلغوا بالصورة الطبيعية، ولديهم كسل فى وظائف الكبد والكلى.