الأرقام بعد 5 سنوات تؤكد صحة رؤية القيادة فى حفر القناة الجديدة.. الشعب المصرى أثبت فى 2014 أنه قادر على التحدى ومواجهة المستحيل لتحقيق المعجزة الهندسية.. والمشروع القومى عبر عن الحشد الشعبى والاصطفاف

سيبقى يوم 6 أغسطس 2015 محفورا فى الذاكرة المصرية وساكنا فى وجدان ملايين المصريين.. مثله مثل يوم 26 يوليو 1956 يوم إعلان تأميم قناة السويس وعودتها للسيادة والإرادة المصرية وتعبيرا عن الكرامة الوطنية. كان يوم 6 أغسطس يوم افتتاح قناة السويس الجديدة تعبيرا أيضا عن التحدى والإرادة السياسية والوطنية والاصطفاف الشعبى ورمزا للأمل والمستقبل الذى ينتظر هذا الوطن بعد تحقيق إعجاز هندسى نفذته وأنجزته السواعد المصرية الفتية فى عام واحد فقط وهو ما وصفته يومها وسائل إعلام عالمية بالمعجزة المصرية. لا أنسى ذلك اليوم منذ خمس سنوات- ولا يمكن نسيانه أبدا- فالعالم يشاهد يوم التحدى والإرادة المصرية الجبارة التى يولد بسواعدها الأمل من رحم أحزان سنوات عجاف طوال 5 سنوات قبلها.. يومها كان السؤال الذى اعتبر البعض فى الداخل والخارج أن هناك صعوبة فى الإجابة عليه وهو: كيف يتسنى لدولة ووطن فى ظروف اقتصادية وأمنية وسياسية صعبة أن تغامر بمشروع قومى ضخم لحفر قناة بطول 72 كيلومترا ومن أين لها بالأموال لإنجاز المشروع وهل يستطيع المصريون ويقدرون على حفر القناة فى عام واحد.. هل يتجاوب شعب مع نداء رئيس لم يمر على حكمه شهور قليلة بشراء شهادات استثمار قناة السويس لجمع 64 مليار جنيه..؟ تساءل العالم بدهشة: كيف لهذا البلد فى ظروفه الاقتصادية والأمنية والسياسية الصعبة أن يحفر قناة جديدة؟ تساؤلات كثيرة لم يرددها الخارج فقط الصديق والشقيق قبل العدو والغريب بل رددها بعض من المصريين وتشككوا-كالعادة- فى إمكانية التنفيذ وانجرفوا خلف هجوم وتشكيك وأكاذيب وسخرية الجماعة الإرهابية والدول وأجهزة الاستخبارات التى تمولها وتدعمها من المشروع.. قالوا «هو ده وقته عشان نحفر قناه جديدة.. مش الأولى والأجدى أن تضخ هذه الأموال لتوفير الأكل والشرب للمصريين.. وإيه الجدوى من القناة.. هل خدعت القيادة السياسية الشعب وحصلت على أمواله وإهدارها فى الصحراء».. أكاذيب كثيرة تعرض لها المشروع الحلم الذى كان يتم إنجازه بالسواعد المصرية ولم يتوقف العمل لحظة واحدة وواصل العمال والمهندسون والفنيون المصريون ساعات الليل بالنهار ولم يلامس جفونهم النوم لتحقيق الهدف بالأمل قبل العمل. الحلم أصبح حقيقة فى عام واحد فقط وشهد العالم برؤسائه وملوكه وقادته وحكامه معجزة المصريين وهدية مصر للعالم. يومها قالت صحيفة لوفيجارو الفرنسية، إن مصر افتتحت المعجزة الخاصة بها فى حفر قناة السويس الجديدة.. وإن طائرات الرافال والإف16 كانت ضمن الاحتفال الذى جرى فى جو رائع لكشف النقاب عن مشروع رائد أنجز فى عام. وصحيفة اللوموند قالت إن شعار قناة السويس هدية مصر للعالم يتكرر فى انسجام تام من قبل جميع وسائل الإعلام فى البلاد ليشكل ملحمة مليئة بالأحداث حيث تختلط روح مغامرة رجل الأعمال الفرنسى فرديناند وطمع القوى الاستعمارية فى القناة مع الفخر القومى. ونائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد الألمانى زيجمار جابرييل، الذى شارك فى حفل الافتتاح، أشاد بجهود مصر فى إنجاز المشروع العملاق، قائلاً: «إن توسيع قناة السويس يعد إنجازاً هندسياً رائعاً تم النجاح فى إتمامه فى وقت قياسى بفضل مشاركة شركات ألمانية وخبرتها». لا أنسى هذا اليوم أبدا، يوم 6 أغسطس، الرئيس السيسى يجلس بكل فخر واعتزاز وشعور وطنى مستندا على اصطفاف شعبى غير مسبوق وسط 38 من رؤساء أوروبا وأفريقيا وآسيا والعالم العربى، ولحظة مرور أول سفينة تدفقت الدموع من عيون الحاضرين فى لحظة شعورية وطنية نادرة.. فهذه هى مصر التى قد تمرض لكنها لا تموت أبدا وهذا هو شعبها الذى تحدى المستحيل.. التهبت الأكف بالتصفيق وتبادل الحاضرون التهانى بالأحضان. الحلم تحول الآن إلى حقيقة توارت واختفت تحت سنابكها وأقدامها كل الأكاذيب والشائعات والتشكيك فى إرادة المصريين وقيادتهم. الحقيقة لم تتجسد فى مجرد مياه تتدفق بين شاطئين فقط أو مجرد قناة جديدة وتطوير منطقة بأكملها وإنما أيضا كان مشروعا قوميا فى بداية عهد جديد يلتف حوله الشعب المصرى.. فمنذ بناء وتشييد السد العالى لم يظهر إلى العلن مشروع قومى يجمع السواعد المصرية ويوحد الهدف ويقوى العزيمة والإرادة، فما أشبه اليوم بالبارحة فعندما أقدم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر على بناء الصرح العالى (السد العالى) فقد عادته قوى اتحدت لمنعه من بناء مجد مصر لا مجد شخصى والهدف واضح ومعلوم، فلقد تحدى الظروف والقوى المتحدة ضده لكى يضع لمصر قدماً بطريق التقدم، والآن وعلى نفس الدرب وبالرغم من صمود مصر أمام عبث الأيادى الخفية لزعزعة استقلالها فتسير مصر بمشروع قومى جديد نحو آفاق الخير المستقبلى لأبناء هذه الأرض المحروسة، مشروع حفر قناة السويس الجديدة فيكفى هذا الاسم ليعنى لنا الكثير، فبإشارة بدء من الرئيس عبد الفتاح السيسى هرولت السواعد المصرية نحو بناء مستقبل مصرى خالص وبإشارة البدء ألتف المصريون حول مشروع وطنى قومى سيجلب لمصر الخير. كان لمشروع حفر القناة الجديدة دور فى دعم قيم الولاء والانتماء الوطنى، فالإقبال الرهيب على شراء شهادات مشروع قناة السويس كان رد فعل لكل ما عاناه الإنسان المصرى، وهو يدرك بحسه الفطرى والحضارى أن مشروع قناة السويس يحل الكثير من المشكلات ويعيد للإنسان المصرى إيمانه بالانتماء وعشق الوطن بوضوح بعد ان فقد الوطن فترة طويلة. مشروع محور قناة السويس كان ومازال تجسيدا للحلم المصرى خصوصاً بعد أن سمعنا من حكومات سابقة كثيرا من التصريحات حول مشروعات عملاقة ولم تتعد التصريحات فقط، وكانت دلالته ورمزيته أن يفجر الشعب المصرى طاقاته فى العمل مع الرئيس الجديد-2015- الذى يعمل على تجسيد أحلام هذا الشعب من أجل النهوض بمصر كما تمنينا أن يبقى هذا الوطن. ولم يكن هناك من رمز وطنى يعبر عن الإرادة الوطنية والحشد الوطنى أكثر من قناة السويس وارتباطها بالذاكرة الوطنية المصرية لأنها ارتبطت بمشروع تحديث مصر، منذ عهد محمد على وارتباطها أيضاً بالتحدى فى مقاومة الهيمنة الاستعمارية على العالم وتأميم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لها من بريطانيا.. ومثلما كان تأميم القناة بداية تاريخ جديد لمصر واستقلالها، فقد كان مشروع محور قناة السويس الذى دشنه الرئيس عبد الفتاح السيسى بداية تاريخ جديد لمصر يربط ما بين التحرر السياسى والاقتصادى لمصر، وهو ما يمثل دلالة مهمة جداً لمشروع التحديث الذى يحدث للقناة. كانت أهمية المشروع القومى لقناة السويس الجديدة أيضا هو الحشد الوطنى للمصريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو توجهاتهم الأيديولوجية، نظرا لما يحققه من مصلحة عامة يشترك فيها الجميع ولا يحدث حولها خلاف، فلا يوجد من يعترض على سبيل المثال على زيادة فرص العمل بهدف مكافحة البطالة، أو على التوسع فى الصناعات والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والتى تعتمد على موارد البيئة المحلية، كذلك لا يوجد من يعترض على استزراع المناطق الصحراوية، أو زيادة رقعة الأراضى الزراعية، أو تنمية المناطق الحدودية أو غيرها من المشروعات التى تحتاج إلى تضافر جهود الجميع لتحقيقها وتهدف إلى زيادة موارد الدولة وإيراداتها وزيادة التصدير وجذب رؤوس الأموال وزيادة رصيد الدولة من العملات الأجنبية وغير ذلك من الآثار الإيجابية التى تنعكس على اقتصاد الدولة وسياستها، ويفسر ذلك بأن الدولة تكون قوية فى المجال الخارجى وفى سياستها الخارجية بمقدار قوتها فى الداخل والتى يعتبر الاقتصاد من أهم مقوماتها فضلا عن الاستقرار السياسى والاجتماعى. بمعنى آخر فإن المشروع القومى هو ذلك المشروع الذى يؤدى إلى حشد جهود الجميع ويستفيد منه الجميع، فالشعب هو الذى ينفذه وهو الذى يستفيد منه أى أن الشعب هو أداة التنمية ووسيلتها ،وهو هدف التنمية وهذه هى أهمية أى مشروع قومى يمكن تنفيذه ،كما يساعد المشروع القومى على التخلص من حالة الاستقطاب والانقسام نظرا لما يؤدى إليه من تضافر جهود الجميع وتنفيذه والاستفادة من آثاره الإيجابية، كذلك فإن الحشد والتوحد يكون مطلوبا للتغلب على الصعوبات والعقبات التى تعترض أى مشروع قومى سواء كانت هذه الصعوبات تتعلق بالتنفيذ أو التمويل أو تحدى الزمن، ويقصد بذلك ان الزمن أو عنصر التوقيت يمثل تحديا هاما لأن المطلوب تنفيذ المشروع القومى فى أقل فترة زمنية ممكنة وبأكبر درجة من الإتقان، ولذلك فإن تخفيض الفترة الزمنية المخصصة لأعمال الحفر بالنسبة لمشروع قناة السويس من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة وتحقيق ذلك فعليا يمثل استجابة ناجحة لهذه الصعوبة المتعلقة بالزمن، وبذلك يؤدى المشروع القومى إلى التحول من التجزئة والانقسام إلى الحشد والتوحد. أخيرا.. فالمشروعات القومية تخرج من الشعب أنقى وأقوى وأطهر ما فيه لتنفيذ المشروع القومى المرغوب فيه والذى يضيف إلى أمجاد الوطن وإنجازاته، وهو ما يعبر عنه بالمصطلحات السياسية «المقدرة الرمزية للنظام» ويكفى الإشارة هنا على سبيل المثال إلى السد العالى والذى يعتبر من أهم المشروعات القومية فى مصر الحديثة، فالمشروع القومى الناجح الذى يرتبط بالحشد والتوحد يجب ألا يقتصر على الجوانب المادية فقط أى الجوانب الاقتصادية البحتة من عمالة وتمويل وتنفيذ وغيرها، وإنما هناك دور قوى ومؤثر مواكب لعملية التنفيذ وهو ما يتعلق بالجوانب القيمية والثقافية والفنية والإعلامية، ويقصد بذلك نشر وتنمية قيم العمل والإنجاز والثقة فى النفس والانتماء للوطن وأن يصاحب ذلك كله دور للفن والثقافة فى حشد الجهود وإبراز الإنجازات المحققة، والتى تنقل صورة الإنجاز إلى الشعب ككل من خلال الأغنية، والمسرح والأدب، ووسائل الإعلام المختلفة والتى يجب أن يكون لها دورها الهام فى التعريف بالمشروع القومى وايجابياته وحشد الجهود والطاقات للتنفيذ وأن تكون وسائل الإعلام بدورها من وسائل الحشد والتوحد بدلا من أن تكون من عناصر التفرقة والانقسام، ويتطلب ذلك بالضرورة إعادة نظر فى السياسة الإعلامية فى الفترة القريبة القادمة حتى يكون للإعلام تأثيره الإيجابى خلال مراحل تنفيذ المشروعات القومية. لكن هل كان مشروع قناة السويس الجديدة مجرد مشروع قومى معبر عن إرادة ومعانٍ قومية كبرى؟ مشروع قناة السويس الجديدة كان- ومازال- كاشفا ومؤكدا لصحة الرؤية السياسية والتخطيط والإنجاز للمستقبل بأرقام ترد بقوة وبحسم على من شككوا فى الحلم القومى للمصريين.. فماذا تقول الأرقام؟ فى العام المالى 2014-2015 كان إيراد القناة 39 مليار جنيه فقط.. بعد 4 سنوات وفى العام المالى 2018-2019 بلغ ايراد القناة 104 مليارات و200 مليون جنيه وهو أكبر عائد فى تاريخ القناة والمتوقع خلال 4 سنوات أن يتضاعف هذا الرقم على أقل تقدير. السنة المالية الحالية تم عبور 19311 سفينة مقابل عبور 18482سفينة خلال ذات الفترة من العام الماضي، وبفارق 829 سفينة. قبل القناة الجديدة كانت أقصى طاقة للقناة 49 سفينة.. الآن وحسب آخر الأرقام 81 سفينة وبلغت الطاقة الاستيعابية 97 سفينة. القناة الآن بالمنطقة الاقتصادية تأتى ضمن أهم 15 منطقة حرة فى العالم.. وخلال 2030-2035 ستبقى الأهم فى العالم مع تدفق الشركات الكبرى للاستثمار فى المنطقة الاقتصادية. القناة الجديدة حافظت على أن تبقى الممرر الملاحى الاستراتيجى الأهم فى العالم رغم كل المحاولات الفاشلة لاجهاض دورها فى حركة التجارة العالمية وتستحوذ حاليا على 12% من الحركة التجارية الملاحية وخلال سنوات قليلة سوف تتضاعف هذه النسبة. شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس طفرة غير مسبوقة، حيث بلغ عدد المشروعات الاقتصادية العاملة بها 192 مشروعا عملاقا، باستثمارات قيمتها 25 مليار دولار. وتستهدف إدارة المنطقة الاقتصادية 55 مليارا خلال الـ 15 عاما المقبلة، بما يوفر نحو مليون فرصة عمل للشباب. ورغم أزمة جائحة كورونا وانخفاض حركة التجارة العالمية بنسبة 18.5%خلال الربع الثانى لعام 2020، وتراجع مؤشرات الاقتصاديات العالمية، إلا أن عائدات القناة لم تحقق إلا تراجعا طفيفا خلال العام المالى 2019-2020 إلى ما يقرب من 5.72 مليار دولار مقابل 5.75 مليار دولار خلال العام السابق عليه. بالتأكيد يعتبر محور قناة السويس مشروعا مصري تنمويا ضخما يهدف إلى تعظيم دور إقليم قناة السويس كمركز لوجستى وصناعى عالمى متكامل اقتصادياً وعمرانيا ومتزن بيئياً، ومكانياً يمثل مركزاً عالمياً متميزاً فى الخدمات اللوجستية والصناعية، كما يسعى المشروع إلى جعل الإقليم محوراً مستداما يتنافس عالميا فى مجال الخدمات اللوجستية والصناعات المتطورة والتجارة والسياحة، حيث يضم الإقليم ثلاث محافظات هى بورسعيد والسويس والإسماعيلية، ويتوافر به إمكانيات جذب فى مجالات النقل واللوجستيات، والطاقة، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والعقارات. فهو مشروع للأجيال القادمة وللمستقبل لن يغير وجه الحياة فقط فى منطقة قناة السويس وحدها وإنما على امتداد الوطن بأكمله. وسيبقى حاملا للدلالة الرمزية كمشروع قومى عملاق تكاتف حوله الشعب المصرى، وحاملا للمعنى السياسى بقيام الشعب بتمويله، وللدلالة التنموية، حيث إن عملية التنمية تتم من خلال الشعب فهو أداة التنمية ووسيلتها، كما أنها تهدف إلى تحقيق مصلحة الشعب فهو الهدف والغاية من التنمية. ولذلك سيبقى يوم 6 أغسطس هو يوم للإرادة والفخر والعزة والكرامة الوطنية.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;