واقع أليم وشيطان يظهر أمام أعين الجميع ينشر التلوث بمياه النيل منذ عشرات السنين لكن كل المسئولين فضلوا البحث عن مشكلات أخرى غيره، نظرا للتكلفة الجبارة التى يحتاجها هذا المصرف لإيقاف التلوث، ورغم أن المصرف يعتبر المصدر الأول لتلوث مياه النيل بالمنيا، وذلك الصرف الزراعى والصناعى والمبيدات ورمم الحيوانات النافقة التى يستقبلها المصرف ثم تعاود الصب فى نهر النيل مباشرة، وعلى بعد عشرات الكيلو مترات من المصب تقع محطات مياه شرب مرشحة ليهدد كثير من القرى بكوارث بيئية جسيمة.
يقول نادر محمد موظف إن جميع أهالى القرى التى يمتد بداخلها المصرف يعانون بشدة لأنه يشكل خطرا كبيرا على صحة أبنائهم، ويتسبب فى انتشار الناموس والذباب والأوبئة، وأشار إلى أن المصرف يمتد لأكثر من 150 كيلو مترا تبدأ من مركز ديروط التابع لمحافظة أسيوط جنوبا وتنتهى بمركز سما لوط شمال محافظة المنيا، ويمر المصرف على مئات القرى الواقعة ما بين الطريق الزراعى مصر أسوان والظهير الصحراوى الغربى.
فيما أشار إبراهيم على موظف إلى أن عنوان مصرف المحيط هو قرية إطسا التى تعرف من رائحتها رغم تغطية المصرف أمام القرية لأنها النقطة التى يتحول أمامها مجرى المصرف ناحية الشرق ليصب مباشرة فى النيل، موضحا أنه فى عام 1996 بدأ أهالى القرية يستشعرون حجم الكارثة التى تلاحقهم بطريقه بشعة فأرسلوا الآلاف من الشكاوى والاستغاثات للمسئولين لكن لا حياة لمن تنادى.
ويؤكد إبراهيم ثروت مزارع أنه على بعد عشرات الكيلو مترات من مصب المصرف بقرية إطسا تقع محطات مياه شرب مرشحة مأخذها من النيل، وأقربها محطات عزبة بشرى وزهرة وعرب الزينة وطهنا الجبل، وحذر الموظف من تفشى الأمراض الوبائية بسبب قرب هذه المحطات من مصب المصرف.
تعامل المحافظون مع المشكلة
فضل المحافظون السابقين التعامل مع المشكلة على الورق فقط، وعقد اجتماعات كثيرة، إلا أن جميها ليست ذات جدوى ولم توقف التلوث.
الدكتور أحمد ضياء الدين محافظ المنيا الأسبق قال إن حل هذه الكارثة يكمن فى البحث عن مصادر تمويل وتدبير اعتمادات مالية لردم المصرف لأن تكلفة الردم تحتاج إلى المليارات من الجنيهات، ويصعب على الإدارة المحلية وحدها تدبير المبالغ اللازمة لردم مصرف بهذا الحجم لأن هذا يحتاج إلى قرار، وأشار إلى أن الخطورة الحقيقة تأتى من مصنع سكر أبو قرقاص الذى يصب مخالفته فى المصرف.
وكان الدكتور جمال فخرى أستاذ البيوتكنولوجى بكلية الزراعة قدم حلا للمشكلة تتضمن الردم أو الصرف المغطى، وكذلك زراعة نباتات تمتص الرائحة والعناصر الثقيلة باستخدام مادة الـEM، التى تقوم بتقسيم المركب إلى نصفين، ولا تُبقى إلَّا الماء وثانى أكسيد الكربون وبحث إمكانية استخدامها لتطهير المصرف المحيط لكن لم يستمع أحد.
أما اللواء حسن حميدة محافظ المنيا الأسبق فقد وقف أمام المشكلة حتى انتهت مدته كمحافظ، ولم تكن هناك حلولا جذرية للمشكلة.
وقال اللواء صلاح زيادة المحافظ السابق للمنيا إن المحافظة أعدت خطة لإنهاء مشكلة التلوث لنهر النيل، ويأتى فى مقدمتها مصرف المحيط غير أن المحافظ لم يكشف عن خطته لإنهاء الكارثة، خاصة أن المشكلة قائمة منذ زمن طويل، ولم يجرؤ أى من المحافظين التعامل معها.
أما اللواء طارق نصر منذ توليه منصب المحافظ من أكثر من 4 أشهر وهو يتحدث عن الاهتمام بمصرف المحيط، وضرورة إيجاد حلول له إلا أنه إلى الآن لم يقدم حلولا، ومؤخرا أصدرت إدارة صحة البيئة بمديرية الصحة بالمنيا بيانا أكدت فيه سعيها المستمر لمراقبة مصادر التلوث بمصرف محيط إطسا، والذى يصب على النيل.
وأضاف البيان أن مصادر التلوث تعددت بين محطة معالجة الصرف الصحى بالمنيا بناحية تلة، حيث يتم صرف 90.000 م3 يومياً، محطة معالجة الصرف الصحى بأبو قرقاص، والتى تصرف مخلفاتها على مصرف الداير البحرى، ومنه إلى مصرف المحيط يتم صرف 10000 م3 يومياً، ثم يليهم مصنع السكر بأبو قرقاص الذى يصرف مخلفاته على مصرف اتليدم ومنه على مصرف المحيط يتم صرف 5000 م3 يومياً.
ومن ناحيته أوضح دكتور نسيم صبحى مدير إدارة صحة البيئة أن الإدارة تقوم بأخذ عينات بصفة دورية من السبب النهائى لمحطات معالجة الصرف الصحى سالفة الذكر، وكذلك المخلفات الصناعية السائلة لمصنع سكر أبو قرقاص، ويتم بعد ذلك مخاطبة جهات الاختصاص بنتائج تحليل العينات غير المطابقة، وهى شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمنيا ومديرية الرى والموارد المائية والإدارة العامة لصحة البيئة وإدارة الرقابة على الصرف بالوزارة.
وأضاف أنه فيما يتعلق ببعض المصارف التى تصب بمصرف المحيط وهى مصرف اتليدم، ومصرف الداير البحرى ومصرف إطسا يتم أخذ عينات من تلك المصارف بصفة دورية وإرسال نتائجها إلى مديرية الموارد المائية بالمنيا لاتخاذ اللازم.
ولفت مدير إدارة صحة البيئة بمديرية الصحة والسكان إلى أن الإدارة قامت بوضع عدد من المقترحات لحل تلك المشكلة، وتتمثل فى تحويل مجرى المصرف إلى الظهير الصحراوى واستغلال مياهه لزراعة غابات شجرية، وإنشاء محطة معالجة لسوائل مياه الصرف قبل نقطة التقاءه بالنيل , وتغطية المصرف باستخدام مواسير خرسانية للصرف المغطى منعا لاستخدام مياه الصرف للرى الزراعى وانتشار الروائح الكريهة والحشرات.
مصرف المحيط حاضن القمامة
لا يقتصر تلوث مصرف المحيط فقط على المصانع وإنما يشارك أيضا الأهالى عن طريق إلقاء القاذورات والقمامة أو غسل الأوانى أو ملابس الرضع فيه، ما يساهم بشكل كبير فى تلوث المياه وذلك على مرأى ومسمع من الإدارات المحليه المختلفة التى عجزت فى التصدى لتلطك المخالفات حتى المحاضر البيئية التى يتم تحريرها ربما كانت محاضر فقط على الورق لم يتم استخدامها.
فكثير من القرى التى تقع على ضفاف النيل تغيب فيها الرقابة ويسمع للسيدات وربات المنازل فى التعامل مع مياه النيل بشكل يساهم كثيرا فى الوحدات المحلية تلقى بمخلفاتها فى المصارف، الأمر لا يتوقف عند الأهالى بل تشارك الوحدات المحلية فى ذلك التلوث من خلال إلقاء المخلفات الخاصة بالوحدات المحلية فى المصارف النائية، التى تتوسط القرى ما يساهم فى نشر الأمراض والأوبئة.
اقرأ أيضا..
- خصم يومين لموظف استخدم المحمول أثناء إشرافه على لجنة امتحانات بالمنيا