- إخوان الداخل يتلقون 50 % من تمويل المخطط من القيادات الهاربين إلى قطر وتركيا
بعد شهور من فض اعتصامى رابعة والنهضة المسلحين وسقوط جماعة الإخوان بثورة شعبية فى 30 يونيو 2013، حاول التنظيم الإرهابى لملمة ما تبقى له فى الداخل المصرى على أمل البقاء والعودة إلى استكمال مخطط نهب ثروات مصر.
مفاصل الخطة الإخوانية اقتضت تجنيد أطفال مصر عن طريق المدارس والنوادى ومراكز الشباب فى المحافظات، بما يقتضيه المخطط الجديد من أهداف لغسل عقول الأطفال ومن ثم إقامة القاعدة التى على أساسها تكون بشرى العودة الإخوانية.
فى أواخر ديسمبر 2013 صدر قرار بوضع مدارس تابعة لجماعة الإخوان تحت إشراف وزارة التربية والتعليم لتجفيف منابع الأفكار التكفيرية التى زرعتها الجماعة لعقود بإحكام سيطرتها على المدارس والنوادى ومراكز الشباب فى المحافظات، وقتها تسلمت الوزارة نحو 84 مدرسة فى 16 محافظة، أحكمت عليها قبضتها برقابة شديدة، لكن وفقا لمخطط الإخوان الجديد لم تتوقف أنشطة عناصرها من المعلمين والإداريين الملتزمين تنظيميًّا، سواء فى مدارس الإخوان، أو فى عموم مدارس مصر.
بقراءة الأحداث والرجوع إلى 20 فبراير من العام 2019 وقت تنفيذ حكم الإعدام فى حق متورطين باغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات، كانت أعمار المتورطين حينها تتراوح بين 21 و26 عاما، بما يضع بين أيدينا خيطا لكشف مخطط جماعة الإخوان، من خلال نتيجة أن المتورطين وقت التخطيط لحادث الاغتيال كان أصغرهم أقل من 18 سنة، بما يضع نتيجة مباشرة بشكل واضح أن هؤلاء المراهقين انخرطوا فى صفوف جماعة الإخوان منذ طفولتهم، وهذا نتاج سنوات من التربية على المناهج الإخوانية داخل المدارس ومكاتب تحفيظ القرآن والأندية ومراكز الشباب.
«لجنة الأشبال والزهراوات».. ذلك المسار الذى اتبعته جماعة الإخوان لتجنيد الأطفال فى المدارس لم يتخل عن التكليفات والتوجيهات المباشرة من قيادات الجماعة وبإشراف كامل تحت أيديهم فى محاولة لإقامة الدولة الإرهابية الكبرى بعقول تكفيرية خالصة منذ النشأة.
أبرز تلك المخططات ما تتبعناه وراء القيادى المسجون محمد وهدان، الذى تولى مسؤولية قسم التربية، وزوجته وكيلة المعهد الأزهرى التى عاونته طويلا فى إعداد البرامج التربوية والإشراف على تنفيذ أنشطتها ومُعسكراتها، يليهما القيادى أيمن عبدالغنى، زوج ابنة خيرت الشاطر ورئيس قسم الطلبة بالجماعة ثم أمين شباب حزبها «الحرية والعدالة».
لإحياء الحلم القديم، ومن خلال المعلومات التى حصلنا عليها من منشقين عن الجماعة ومقربين من قياداتها فى أسطنبول، جمعت الإخوان شتات الخطة من جديد لإحياء ما سمى بلجنة الأشبال، لإعداد برنامج تربوى كامل يستهدف الأطفال والمراهقين فى المدارس والنوادى ومراكز الشباب، يكون بقاعدة أكثر وصولا وتأصلا لتلك الأجيال فى المجتمع بخطة سرية يكون فيها اسم الجماعة متواريا.
وفقا للشهادات التى حصلنا عليها من «محمد. ع»، 31 سنة، نجل قيادى بالمكتب الإدارى للإخوان فى إحدى محافظات الصعيد، يقول «لم أعد إخوانيا بعدما سافر شقيقى إلى سوريا وورّطت الجماعة والدى فى أعمال عنف دفع هو فاتورتها ودخل على أثرها السجن أعقاب فض اعتصام رابعة، لكنى أخفى انشقاقى عن الجماعة خوفا من انتقام يدفع ثمنه والدتى وأخوتى، ويضر بنصيبى من مشروع كان يتشارك فيه والدى مع عناصر من الجماعة».
على مدار شهور بين مارس وأكتوبر من العام الماضى، امتد حصولنا على الشهادات من صحفيين مصريين فى تركيا ومنهم منخرطون فى الإخوان نفسها، بشأن الحديث عن لجنة الأشباب ومخطط الجماعة لتجنيد الأطفال والمراهقين فى مصر.
إحدى هذه الشهادات كانت من أحد المصادر الخارجية ويدعى «م. ر»، حيث قال إن «مشكلة التربية داخل الجماعة موروثة عن رسائل البنا، وليست مرتبطة بأخطاء الأجيال اللاحقة، لهذا تُوجد فى الأدبيات والإفرازات الأولى للإخوان، بدرجة وجودها فى برنامجها التربوى الجديد لإعداد الشرائح»، وأضاف «خطة أعدتها الجماعة لاجتذاب النشء ووضع برامج جديدة لتربية الصف»، وأنه سمع بها من صديقه الشاعر «ى. ع»، الذى كان ينتقدها ضمن انتقادات عديدة لممارسات قادة الجماعة فى أسطنبول، ووعد بتزويدنا بنسخة حال حصوله عليها من العمدة. انتقلنا بتلك التفاصيل إلى مصدرنا الشاب بالداخل، فقال إنه لا يعرف عن تلك الخطة شيئا، لكن لديه صديق منخرط فى أنشطة الدعوة والتربية ومُنتم لأسرة إخوانية بارزة بالدلتا.
خلال رحلة البحث التى أجريناها تعرفنا على أحد المصادر المقربة من الجماعة فى إسطنبول بزعم أننا فريق بحثى يُعد دراسة أكاديمية عن مناهج التربية داخل التيار الإسلامى، لا سيما الإخوان والتيار السلفى، وحصلنا من خلاله على أحد الملفات التى وصفها بالخطيرة ووصفها بـ«خطة الإخوان الجديدة»، وأكدت تلك الوثائق أن عناصر داخلية منخرطة فى التنظيم ومصدر رسمى آخر يتابع أنشطة الإخوان، والذى قال إن تلك الخطة الإخوانية دخلت حيز التنفيذ مؤخرا، بما يؤكد ما حصلنا عليه من معلومات بشأن خطة جماعة الإخوان لتجنيد الأطفال.
فى تفاصيل محاور خطة الإخوان يمكن قراءة 4 محاور رئيسية شملت خطة الإعلام والوعى لوحدة الشرائح، ورؤية لتطوير الوحدة، والعمل فى المدارس، وأماكن بديلة للمدرسة، من خلال لجنة مُزدوجة ضمّت عناصر من كوادر لجنة الأشبال والزهراوات فى الشُّعب والمكاتب الإدارية بالمحافظات، وخليط من الإعلاميين والتربويين والكوادر التنظيمية من المكتب الإدارى بالخارج، وفى ضوء استطلاع موسع للرأى شاركت فيه رموز تنظيمية متخصصة فى مجالات عمل مُنوَّعة، سواء بالداخل أو الخارج.
وفقا لتتبع الأحداث مع المصادر فقد بدأ اقتراح الخطة الإخوانية الجديدة باقتراح من بعض عناصر الداخل لقيادات المكتب الإدارى بالخارج، بشأن إعادة تنظيم لجنة الأشبال، وتحديث آليات العمل داخل الصف وفى المحيط الاجتماعى، بما يسمح بتطوير أنشطة المتابعة والفرز وانتقاء عناصر من الأجيال الجديدة، تكون نواة مستقبلية لإعادة بناء هياكل الجماعة ولجانها النوعية، وتضمن الاقتراح عرضا لما حققته طلائع الجماعة فى المرحلة التالية لثورة 25 يناير وما بعدها، وكيف كانوا الجسم الصلب للجماعة بعد 2013، والأساس الذى قامت عليه الأنشطة التنظيمية والحركية وجهود اللجان النوعية فى مواجهة «القبضة الأمنية للدولة» وحصارها الخانق للجماعة.
مخطط الإخوان ذلك خضع للدراسة منذ رفعه أواخر العام 2018، وبعدما أقره الأمين العام محمود حسين ومعاونه أحمد عبد الرحمن، بدأ العمل على وضع أطره التنظيمية ومسارات تنفيذه اعتبارا من منتصف 2019، وتسارعت وتيرة العمل عليه بعدما أظهرت دعوات المقاول الهارب محمد على للتظاهر خلال سبتمبر من العام ذاته، وما بعده، أن قدرات الحشد لدى الجماعة تآكلت عمّا كانت عليه بين 2011 و2013، وأن هناك حاجة ماسّة لبدء تكوين قاعدة شعبية جديدة حتى لا ينعكس هذا التآكل على فرص وجود التنظيم نفسه.
الرسالة المرفقة بملفات خطة العمل على مجموعة بتطبيق «واتساب» للمراسلات تقول إن مخطط وحدة الشرائح وحملتى الصف والمجتمع وخريطة المدارس والأنشطة المُستهدفة أعدتها لجنة من الأكاديميين والخبراء التربويين، وتشير إلى إشراف أستاذ العلوم السياسية سيف الدين عبدالفتاح، ورئيس ما يسمى «المجلس الثورى المصرى» مها عزام الأستاذ بجامعة كامبريدج البريطانية، بسؤال المصدر عن ذلك، قال إنه لا يعرف تكوين اللجنة التى أعدت الورقة فى صورتها النهائية، لكن المعلومات التى وصلته من أصدقاء عديدين داخل الجماعة، سواء من مصر أو تركيا، أنها شهدت مشاركة من كل أجيال الإخوان وخبراتهم، ومن الوجوه التى سُئلت عن اقتراحاتها لتطوير وحدة الشرائح والعمل على الأشبال والزهراوات: «خالد القزاز مستشار الرئيس المعزول محمد مرسى، ووالده عدلى القزاز مستشار وزير التعليم، ووائل مصباح، وياسمين حسين، وعصام تليمة، وسامح الحناوى، وأكرم الزند، وأشرف عبدالغفار، ومعتز الفجيرى «أمين صندوق الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان»، ومهند صبرى من فريق «هيومان رايتس ووتش»، وعمرو دراج، وعزب مصطفى، ووجدى العربى، وإسلام زعبل، وسندس عاصم شلبى، ومنال أبوالحسن، وأيمن عبدالغنى، وحشمت خليفة الرئيس السابق لهيئة الإغاثة الإسلامية، ورجلا الأعمال محمود وهبة وعبدالعزيز الكاشف، وأحمد عبد العزيز مستشار مرسى، وقطب العربى، وعلى بطيخ، ويحيى موسى، ومصطفى المصرى، ومحمد العقيد، وأحمد الشيخ، وعطية عدلان، والعراقى أحمد كاظم الراوى، والتونسية سمية الغنوشى»، إضافة لآخرين بعضهم من خارج الجماعة وبينهم إعلاميون وكتاب يعيشون فى إسطنبول ولندن وعدة عواصم عالمية.
«منهج تربوى وتنظيمى مستحدث، لإعداد جيل ربانى على منهاج الإخوان الصافى، يستجيب للحاجة الناشئة عن المحنة الحالية والابتلاء الإلهى للجماعة، ويستلهم مسلك التربية والدعوة المستقى من أفكار الإمام الشهيد حسن البنا ورسائله، لا سيما الدعوة والمهمة والتعاليم والمؤتمر الخامس وطلبة الإخوان ونظام الأسر»، هكذا وصف واضعو الخطة ورقتهم فى مقدمتها، بما يعنى أن آلية العمل فى خطة الإخوان الجديدة تضع فى الاعتبار تحولات الواقع على صعيد التنظيم وفى حاضنته الاجتماعية، كما تتوسل المسالك والأدوات العصرية فى ضوء مستجدات تقنيات الاتصال وتطور نظريات التربية والتعليم والإعلام وعلم النفس والحشد والتوجيه السلوكى.
تكشف تفاصيل الخطة، وهذه أبرز النقاط الخطيرة، أن المكتب الإدارى فى الخارج يتولى تدبير 50 % من النفقات، ثم تتكفل المكاتب وشُعَب فى مصر بقية النفقات عن طريق جمعها من الاشتراكات والتبرعات وعوائد المشروعات غير المرصودة من أجهزة الدولة.
محطات «تجنيد الأطفال» وفقا لاسم ورقة المخطط «وحدة الشرائح» تقوم فى الأساس على 4 مسارات الأول ورقة تُحدّد الوصف الوظيفى والمهام التنفيذية للوحدة الجديدة، ثم ورقة فرعية باسم «خطة الإعلام والوعى لوحدة الشرائح 2020»، والثالث «دورة العمل بالمدارس»، وأخيرًا «أماكن بديلة للمدرسة»، وتُنفذ أفكار تلك المسارات من خلال 4 لجان نوعية: «المدارس» التى تُشرف على التحرّك داخل الأماكن التعليمية بكل فئاتها والنوادى ومراكز الشباب والمراكز الثقافية ومكاتب القرآن والمؤسّسات الأهلية، و«التربية» المسؤولة عن إعداد مناهج وأفكار الأنشطة والمسار التربوى والتثقيفى للطلاب المُختارين، ثم «الإعلام والوعى» وتعمل على تنشيط حلقات الاتصال وتسويق الخطط التربوية وربط فرق «إعلام الظلّ النوعى»، من خلال المجموعات التاريخية والثقافية والدينية والصفحات الترفيهية والكوميدية الخفيفة على مواقع التواصل الاجتماعى، وأخيرًا «التنمية» التى تلعب دور قسم الموارد البشرية «HR» فى اختيار مجالات العمل، وانتقاء العناصر المؤهّلة للانخراط فى الأنشطة، ثمّ اقتراح توزيعها داخل هياكل الوحدة، عبر تحديد صلاحيتها للعمل الدعوى والتربوى والتنظيمى، أو العمل الإعلامى واللجان الإلكترونية، أو العمل السياسى والحراك على الأرض.
وترتكز مهمة الإشراف العام فى أوراق الخطَّة الإخوانية على لجنة فنية مُتخصِّصة، تخرج منها لجان نوعية بحسب المراحل وأماكن العمل، وهذا ما كشفه أحد المصادر الخارجية المقرب من دوائر الإخوان، قائلا «إن هناك تكليفًا لقيادات المكاتب واللجان المهنية بتشكيل لجنة من أساتذة الجامعات والمُعلّمين ومسؤولى الأنشطة فى النوادى ومراكز الشباب والعناصر التابعة فى مؤسّسات الثقافة، وأن ملامحها تُشير إلى أعضاء بهيئات تدريس بعض الجامعات الحكومية والخاصة، ومُعلِّمين وإداريين بمدارس دولية وأهلية ذات صبغة إسلامية، وكوادر فى عدد من الأندية الكبرى وعشرات من مراكز الشباب فى بعض مدن الدلتا وشمال الصعيد، وتنظيميِّين من هيئة قصور الثقافة وبعض الهيئات الشبيهة.
تُطوى صفحات التقدمة التعريفية والملامح العامة لخطة وحدة الشرائح، لتبدأ المحاور التفصيلية بورقة «رؤية لتطوير الوحدة يناير 2020»، تتضمّن الوصف الوظيفى والمهام العملية، وتستعرض هيكل الوحدة ولجانها الداعمة فى التعليم قبل الجامعى، عبر ثلاثة أقسام: «الأمانة» التى تضم مسؤولا إشرافيا من اللجنة العليا، وأمينا عاما ونائبا عنه، وممثلا عن اللجان الفنية، و«المجلس» المُشكّل من المسؤول والأمين ومُمثّلى القطاعات الجغرافية مع جواز استدعاء بعض أعضاء اللجان للاجتماعات حسب الظروف والحاجة، وأخيرًا «اللجان الفنية» المُوزَّعة على 4 مسارات، تُغطّى: «التربية، والمدارس، والتنمية والإبداع، والإعلام والوعى».
تُمثّل «أمانة الوحدة» القلب الصلب لعمل «الشرائح»، إذ تتولى 7 مهام أساسية على صعيد التخطيط والتنفيذ وتقييم الجدوى العامة مرحليًّا وإستراتيجيًّا وعلى صعيد كل طفل، وتشمل تلك المهام: «وضع خطّة عمل الوحدة فى ضوء خطاب التكليف التنظيمى وتوجيهات القيادة والملامح الإستراتيجية المُحدّدة من اللجنة العليا على أن تحقّ لها الاستعانة بكل الخبراء والعناصر الفنية الضرورية لإنجاز ذلك، واعتماد «الدعوم الفنية والمالية» الخاصة بالوحدة، والمتابعة الفنية والتنفيذية الدورية للقطاعات الفرعية بما يُحقّق الأهداف المُدرجة مع توثيق أعمال المتابعة الميدانية وزيارات الأمانة ومسؤولى القطاعات كلّما كان مُمكنًا، وتنظيم لقاءات دورية مع القطاعات لرصد المشكلات والمعوّقات ووضع اقتراحات عاجلة بالحلول، ورصد التجارب البارزة فى أنشطة الشرائح بالنطاقات الجغرافية والمكاتب الإدارية ووضع آلية لنقل النماذج الصالحة للتطوير والتعميم، وإعداد تقرير دورى كل 3 أشهر يُرفع إلى اللجنة العليا وإلى «القيادات التنظيمية» بكل الأهداف المُنجزة والمقترحة ومحل التنفيذ «خاصة الاستيعاب والتوجيه والدمج والانتقاء والتجارب اللامعة»، وأخيرًا التنسيق الدورى والمُتّصل مع اللجان والوحدات المُناظرة لا سيما الصف والتربية والدعوة والمناهج والإعلام.