ياسر عرفات رمز نضال يقاوم الزمن.. فلسطين تحيي الذكرى الـ16 للرحيل.. بدأ حياته من المقاومة إلى السلطة.. وازن بين التفاوض الكفاح المسلح وقاد القضية الفلسطينية للمنصات العالمية.. والحصار كتب السطور الأخي

16 عاماً مرت على رحيل المناضل الفلسطيني الأبرز، رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، الذي كان ولا يزال رمزا للنضال الفلسطيني منذ النكبة وحتى رحيله في مثل هذا اليوم، من عام 2004. عرفات الذي تقلد العديد من المناصب داخل حركة فتح، تولي رئاسة السلطة الفلسطينية للمرة الأولي، في الفترة من 5 يوليو 1994، وحتي وفاته. وبعد سنوات من النكبة، في الخمسينات بدأ عرفات استخدام اسم "أبو عمار" كاسم حركي، حيث أن اسمه الحقيقي محمد عبد الرحمن عرفات القدوة الحسيني، وينحدر من أصول غزاوية. من القاهرة إلى خطوط النار عاش عرفات طفولته في مصر، وبعد وفاة والدته تزوج والده بامرأة ثانية في 1937 ، لمضي سنوات شبابه الأولي في مصر ويتلقي تعليمه الأساسي والمتوسط في القاهرة ويلتحق بجامعة الملك فؤاد بكلية الهندسة المدنية وأثناء حرب 1948 ترك عرفات الجامعة، وذهب إلى فلسطين مع غيره من العرب وسعى إلى الانضمام إلى الجيوش العربية المحاربة لإسرائيل وحارب مع الفدائيين الفلسطينيين وانضم إلى الجيش المصري في حربه الرئيسية في غزة. في عام 1949، عاد عرفات إلى القاهرة ليبدأ نشاطا سياسيا داخل الجامعة ويتم انتخابه رئيساً لاتحاد الطلاب الفلسطينيين في القاهرة من 1952 إلى 1956 ثم هاجر إلى الكويت وعمل كمهندس بعد العدوان الثلاثي وهناك قابل اثنين من اصدقائه الفلسطينيين وهما صلاح خلف والثاني هو خليل الوزير، (أبو جهاد) وأصبح الأثنين فيما بعد من أقرب أصدقاءه ومعاونيه. ومن الكويت إلى سوريا، توالت رحلات عرفات في شبابه، إلا أن الأمور لم تكن على ما يرام داخل دمشق، حيث تم سجن عرفات مع عدد من قيادات حركة فتح، ليبدأ خلف أسوار السجن الاستعداد للمقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي. واستثمر عرفات ارتفاع اسهم القضية الفلسطينية وتبنيها من زعماء عرب بمقدمتهم الراحل جمال عبدالناصر، وهو ما مكنه من حشد الرأي العام العربي لصالح القضية ودعم المقاومة بتأييد عربي علي الصعيد الشعبي، ليتم في عام 1963 الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من قبل الدول العربية لتوثق تلك الخطوة في قمة القاهرة 1964 . وكان لنتائج نكسة 1967 تأثير كبير على الحركة الفلسطينية بعد الهزيمة التي أدت إلى احتلال إسرائيل لرقعة واسعة من الأراضي العربية ومن ضمنها الضفة الغربية وقطاع غزة وفي 3 فبراير 1969، تولى ياسر عرفات رئاسة المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية فأرسى سياسة المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين. وفي 1974 ألقى عرفات خطبة في الأمم المتحدة كأول شخص في منظمة غير رسمية يقوم بذلك وتوجه بخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وندد في كلمته بالصهيونية، وقال أشهر عبارته الرمزية الموجهة لإسرائيل إن المسدس في يدي وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي وكسب خطاب عرفات التعاطف مع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية. وبعد سنوات من المقاومة، بدأ عرفات يدرك أن القضية الفلسطينية باتت في حاجة للتفاوض كأحد الحلول التي يجب أن تكون مطروحة بجانب خيار السلاح، لتنخرط إسرائيل ومنظمة التحرير في مفاوضات سرية، أسفرت عام 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو حيث قام ياسر عرفات، بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالاعتراف رسميا بإسرائيل، وفي المقابل اعترفت إسرائيل، بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. وفي 1 يوليو 1994 عاد عرفات مع أفراد القيادة الفلسطينية إلى الأراضي التي أعلنت عليها السلطة وهي (أجزاء من الضفة وقطاع غزة) وقد التزم عرفات، بإيقاف الأعمال المسلحة ضد إسرائيل ونبذ الإرهاب بعد اتفاقيات أوسل وفازعرفات واسحق رابين وشمعون بيريز بجائزة نوبل للسلام. ثم انتخب عرفات رسميا كرئيس للسلطة الفلسطينية، وفي يوليو 2000 التقي عرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في كامب ديفد تحت إشراف الرئيس الأمريكي كلينتون وكان لدى الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي طموح يرتقي إلى توقيع اتفاقية حل نهائي، ينهي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لكن عرفات خيب ظن الأمريكيين والإسرائيليين ورفض التوقيع على الحل المطروح، الذي اعتبره عرفات منقوصا وهو أراضي 1967 بما فيها، القدس الشرقية. وبعد مباحاثات كامب ديفيد وطابا بدأت واشنطن وتل أبيب الترويج أن ياسر عرفات لم يعد يعتد به وعدم جدوى التفاوض معه وازداد العنف والعنف المضاد وارتكبت عدة عمليات فدائية أسفرت عن مقتل كثير من الإسرائيليين. وعلى الرغم من شجب عرفات واستنكاره الواضح لهذه الأعمال حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون عرفات مسؤولية ما يحدث وقامت إسرائيل بمنعه من مغادرة رام الله وفي 29 مارس من نفس السنة. وتمت محاصرة عرفات من قبل قوات إسرائيلية ليتحول مقره إقامته إلى قبله للفلسطينيين والشخصيات الدولية لإعلان التضامن، وما تدهور حالته الصحية اضطر للتنازل عن بعض صلاحياته لرئيس الوزراء آن ذلك، والرئيس الحالي للسلطة محمود عباس. وبعد احتدام المرض، انتقل إلى الأردن ومنها إلى فرنسا في 29 أكتوبر 2004، ليرحل عن عالمنا في 11 نوفمبر 2004، ويتولي أبو مازن قيادة السلطة الفلسطينية بعد سنوات من النضال خلد فيها عرفات اسمه بقوة وشرف.