«إن كتاب «الفريضة الغائبة لا ينتسب إلى الإسلام، وكل ما فيه أفكار سياسية».. هكذا وصف الشيخ جاد الحق على جاد الحق، شيخ الأزهر، كتاب «الفريضة الغائبة» لمؤلفه الإرهابى محمد عبدالسلام فرج، وبالرغم من قلة صفحاته، فإنه يحتوى على أكثر الفتاوى ضلالا، واتخذها الإرهابيون ميثاقا تبرر لهم سفك دماء الأبرياء، وقادتهم إلى اغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 1981، وقتل مئات آخرين بعد ذلك.
ولد «فرج» عام 1952 وتخرج فى كلية الهندسة، وقضت المحكمة بإعدامه فى قضية اغتيال الرئيس السادات، وحسب مذكرات اللواء فؤاد علام فى مذكراته «الإخوان وأنا»، «اعترف فرج بأنه جمع محتويات الكتاب «الفريضة الغائبة» بنفسه من كتب السلف، وطبع منه خمسمائة نسخة فى مطبعة بإمبابة، ووزع منها حوالى ستين نسخة، غير أن عبود الزمر زميله وآخرين فى تنظيمهم الإرهابى اعترضوا على عملية التوزيع، خشية انكشاف أمر التنظيم، فقام بحرق باقى النسخ المطبوعة».
كتب الشيخ «جاد الحق» تقريره عن هذا الكتاب، أثناء شغله منصب «مفتى الديار» قبل أن يصبح شيخا للأزهر من عام 1982 إلى وفاته فى 15 مارس 1996، وتقدم به فى 35 صفحة إلى المدعى العسكرى يوم 16 نوفمبر، مثل هذا اليوم،1981، وفقا لفؤاد علام، وكانت التحقيقات تتواصل مع الإرهابيين المتهمين باغتيال السادات، ومع الإرهابيين المنفذين لمذبحة مديرية أمن أسيوط صباح 8 أكتوبر 1981، ووافق يوم عيد الأضحى، وفى مقدمتهم الإرهابى عاصم عبدالماجد، وراح ضحيتها 118 قتيلا من رجال الشرطة ومواطنين عاديين، حسبما يذكر الباحث ماهر فرغلى فى كتابه «الخروج من بوابات الجحيم».
شمل كتاب «الفريضة الغائبة» مجموعة أفكار ضالة، مثل:«إعادة الخلافة فضلا عن كونها أمرا من أوامر المولى عز وجل، واجب على كل مسلم تنفيذه، وحكم إقامة حكم الله على هذه الأرض فرض على المسلمين، وبالتالى قيام الدولة الإسلامية فرض على المسلمين، والأحكام التى تعلو المسلمين الآن هى أحكام الكفر، بل هى قوانين وضعها كفار وسيروا عليها المسلمين، وحكام هذا العصر فى ردة عن الإسلام، وقتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد، وعليه «فإن البدء فى قتال الاستعمار عمل غير مجدٍ وغير مفيد».
يضيف الكتاب فى فتاويه الضالة القول بأن الرئيس السادات «كافر»، لا يطبق شرع الله ولا حدود الله، واستهزأ بحرمات الله، وأقيمت عليه الحجة، وجحد أصلا من أصول الدين الإسلامى بمحاولته التفرقة بين الدين والسياسة، ولذلك وجب على جماعة المسلمين الخروج عليه وقتاله وخلعه، وتنصيب إمام مسلم يحكم بما أنزل الله، وأن «الجهاد» ليس هو قتال الحكام فقط، وإنما قتال جميع العناصر التى تعاون النظام ولا تحكم بما أنزل الله.
فند الشيخ جاد الحق كل فتاوى الضلال، التى جاءت فى الكتاب، ومما ذكره فى تقريره المرفوع إلى المدعى العسكرى: «لا يحل تكفير مسلم بذنب اقترفه، سواء كان الذنب ترك واجب مفروض، أو فعل محرم منهى عنه، وأن من يكفر مسلما أويصفه بالفسق يرتد عليه هذا الوصف، إن لم يكن صاحبه على ما وصفه، وأنه إذا ما حصل نزاع فى أمر من أمور الدين، يجب أن يرد إلى الله وإلى الرسول، أى كتاب الله وسنة رسول الله، ومن يتول الفصل وبيان الحكم هم العلماء بالكتاب والسنة، فليس للمسلم أن يحكم بالكفر أو الفسق على مسلم، وإن ما ذكر من أن أحكام الكفر تعلو البلاد، وأن أكثرها مسلمين هو قول يناقض الواقع، فالصلاة تؤدى، والمساجد تبنى ومفتوحة، والزكاة تؤدى، والناس تحج إلى بيت الله.
وأكد جاد الحق أن ما ورد فى كتاب «الفريضة الغائبة» فى جملته هى أفكار الخوارج، وهم جماعة من أتباع على بن أبى طالب، رضى الله عنه، خرجوا عليه بعد قبوله التحكيم، ثم انقسموا إلى عشرين فرقة، كل فرقة تتكفر بالأخريات.. وأضاف أنه لا يوجد فى القرآن والسنة أمر بالقتال موجه ضد المواطنين من غير المسلمين - وهم أهل الذمة- لهم مالنا وعليهم ما علينا من حقوق وواجبات، وأنه إذا حدث ما يستدعى القتال دفاعا عن الدين والبلاد، وهذا ما يدعو إليه الإسلام ويحرص عليه، ويقوم به الجيش الذى استعد وأعد، هذا هو الجهاد قتالا، ويكون الجهاد بمجاهدة النفس والشيطان، وهذا هو الجهاد المستمر الذى ينبغى على كل إنسان.