خلف كل غرفة نوم حكاية عن عقدة تجعل زواجهما غير سعيد، أو على الأقل من جانبها، عُقد قد تراها أنت تافهة، أما هى فترى أنها قنبلة موقوتة ستنفجر فى أى وقت، حكايات عما يخفيه القلب بداخله، ويعجز لسانهن عن البوح به، مشاكل من نوع خاص، تبنى فى الأساس على وهم كبير وأساطير صنعها المجتمع، ويدفعن هن ثمنها، يرى بعضهن أن هذه الأشياء تحول بينهن وبين السعادة، مما يجعل حياتهن الزوجية غير سعيدة، فالأوهام قادرة على أن تصنع عشرات الكوابيس والأفكار السيئة، فتبقى السعادة رهن إشارة لهذه الأوهام التى لا أساس لها من الصحة، مشاكل تبتلعها الزوجة فى بداية الأمر، عملاً بمبدأ «مش معقول مش هتجوزه عشان أقصر منى»، تمر الأيام وتمضى، تختفى هذه القناعة، ويبقى العيب الذى ابتلعته من قبل أشواكًا يصعب عليها ابتلاعها مرة أخرى، مع الأيام والروتين والمشاكل تقف عيوب البداية سكينًا حاميًا يهدد جسد الزواج الذى صنعاه فى بداية الأمر، وتبقى العيوب حاضرة وقوية تدفع بهما إلى فشل محقق.
«جوزى تخين».. «جوزى شكله مش حلو».. «أنا أطول من جوزى».. «أنا أكبر منه فى السن»، وغيرها من الحكايات التى ستستمع إليها مرارًا وتكرارًا، وتجدها على صفحات الفضفضة النسائية، وكأن السعادة لن تحل على هذه العلاقة إلا إذا كان الطرفان وصلا إلى حد الكمال، حكايات رغم بساطتها فإنها كانت قادرة على أن تحول منازل بأكملها إلى جحيم، سبب خفى لكثير من النزاعات والخلافات الزوجية التى من الممكن أن تتطور إلى الطلاق فى يوم ما.
عُقد الزوجات، ومشوار البحث عن الكمال الذى يكلل بالفشل، ويتحول مع الوقت لأسباب كافية لخراب البيوت العامرة..
«جوزى أحلى منى وده مضايقنى»
«وأنا بنت عمرى ما تمنيت إن جوزى فى المستقبل يكون وسيم.. عادى يعنى، وسيم مش وسيم مش فارقة، كانت أهم حاجة عندى إنه يكون ملتزم ملتحى وبتاع ربنا وشخصية قوية ومحترم، وموضوع الشكل ده مكانش فى بالى بالمرة».. هكذا تحكى «منى»، واحدة من أصحاب المشاكل التى يظن الجميع أنها عادية وقد تمر، ولكنها استعادت مرارتها بعد فترة.
تكمل قائلة: «أنا فى الكلية لله الحمد قبل النقاب كنت فى وسط زميلاتى بيعتبرونى من البنات الحلوة.. يعنى على مستوى الجمال المصرى أنا كويسة، شغالة يعنى».
هكذا تتحدث عن العقدة التى صنعتها هى وحاول كل من حولها ترسيخها على اعتبار أنها حقيقة واقعة، وأزمة يجب أن تبحث لها حل، تستكمل حديثها قائلة: «الأزمة مش فى إنه حلو، ديه نعمة من عند ربنا علشان ولادى طلعوا حلوين، بس أنا بزعل من تعليقات الناس حواليا، دايمًا أسمع كلام فى سكة هو أحلى بس إنتى دمك خفيف وتستاهلى، وبضايق أكتر لما نروح مكان وتحديدًا عند أهله ويخطف منى الأضواء لأنه وسيم جدًا، بزعل قوى من الموضوع ده، وبدأت أحس بالغيرة شوية من ناحيته، وكمان الشعور ده مضايقنى جدًا، وساعات بفتعل معاه مشاكل من غير سبب وبظبط نفسى إن السبب الحقيقى للخناقة إنى غيرانة منه، مش عارفة أتخلص من المشكلة ديه، وساعات بحس إنى أقل منه وبتكسف أخرج معاه عشان محدش يلمح بالكلام ده، أو يقولى إنتى مش حلوة زى جوزك زى ما بسمع كتير جدًا، وده أثر على علاقتنا قوى، حاولت الأول أسيطر على الموضوع، بس حاليًا الموضوع تحول إلى هاجس، بحاول أتعامل معاه بشكل أفضل، بس للأسف الأفكار السيئة إن الناس بتتكلم عننا وعن إنه أحلى مسيطرة، وده خلانى كمان أشوف نفسى وحشة، مش زى الأول كنت بشوف نفسى بنت جميلة، إنما دلوقتى خلاص بقيت أكره نفسى، مش عارفة الإحساس ده هيوصلنى لفين، بس أنا مش مبسوطة بيه وزعلانة من نفسى جدًا إنى بفكر كده، بس مش عارفة أعمل إيه».
«جوزى أقصر منى»
5 سم كانت كافية لأن تصنع لها هاجسًا كبيرًا حوّل حياتها لجحيم، تحكى «سلمى» عن تجربتها مع هذه العُقدة قائلة: «أنا طولى 175 وهو 170 بس، بحس إن شكلنا مُحرج واحنا خارجين سوا، ساعات بشوف ناس كتير قوى كده بس أنا مش عارفة الموضوع ده مسيطر عليا بدرجة كبيرة، ومخلينى أشوفه بشكل تانى وكأنه أذنب فى حقى، أنا عارفة إن ديه حاجة مش تقلل منه، بس أعمل إيه ده إحساسى ومش عارفة أغيره، مع إنى أنا وهو متجوزين عن حب، بس رغم كده العقدة ديه فضلت معايا حتى بعد الجواز، وساعات بحس غصب عنى إنى دى حاجة تقلل منه قدام الناس، أنا عارفة لو حكيت الكلام ده لأى حد هيقول عليا مجنونة، بس كل واحد بيحسبها بطريقته وأنا حسبتها كده، ومش عارفة أتخلص من الإحساس ده، لدرجة إن الموضوع أتطور معايا جدًا، وبقيت حساسة من أى كلام عن القصر أو الطول أو الكلام ده، وكأنى على راسى بطحة مثلاً أو جوزى عنده مشكلة».
تستكمل حديثها: «أنا فى وقت كنت بفضل إنى أخرج لواحدى أو لو خارجين مش أمشى جمبه بالظبط، علشان محدش يلاحظ ويعلق تعليق سخيف، أنا عارفة إن الموضوع أوفر بس ده إحساسى ومش عارفة أغيره».
«جوزى أصغر منى»
عُقدة أخرى وجدت طريقها داخل قلوبهن، أصبحت هاجسًا يعكر صفو الحياة، ويجعلها هى الأسوأ على الإطلاق، شعور تفضل صاحبته أن تكتمه بداخلها خوفًا من أن تجرح مشاعر الشريك، ولكن يبقى هذا الهاجس قادرًا على أن يصنع آلاف الحواجز بينها وبين الحبيب، بعيدًا عن الشكل والطول تحكى صاحبة هذه القصة عن عُقدة تراها هى الأصعب بين العُقد جميعها، هى أن يكون شريك الحياة أقل فى العمر من عُمر زوجته، هذه المعاناة النفسية التى تحكى عنها «شيماء».
«أنا كنت بحبه من وأنا فى الجامعة، مكنتش أعرف إنه أصغر منى بسنتين، غير لما ارتبطنا بجد، شكله وطريقته تفكيره يقولوا أنه هو عُمره أكبر من سنه بكتير، هو كان مخبى عليا علشان الموضوع يكمل، بس قبل ما نعمل خطوة رسمى اعترفلى وقالى، وقتها حسيت إنه عادى طالما هو شخص عاقل وفاهم وعارف يتعامل معايا ويحتوينى، وده اللى أنا عايزاه، بس من وقت للتانى كان بيجيلى شعور وكأنه خدعنى الشعور الإحساس ده رغم إنه مش حقيقى، بس أنا كنت ببرر بيه طريقة تفكيرى فى الموضوع، وكأنى بريح ضميرى فى إنى أرمى الموضوع عليه، الهاجس اللى اتحول لشبح حوّل علاقتى بيه من علاقة حب لعلاقة مليانة توتر وقلق، وكأنى خايفة من الوقت اللى بيمر، خايفة من العجز، خايفة من حاجات ملهاش وجود، حاسة إنه هيجى يوم ويكلمنى فى القصة ديه، وكأنى عاملة جريمة، بتحرج لما حد يسألنا على عُمرنا أو الموضوع يتفتح بأى شكل من الأشكال، مع إن أهلى وأهله متقبلين الموضوع وعادى مفيش أى مشاكل من أى نوع غير جوايا، ففى مليون مشكلة ومشكلة، بحس ساعات إنه شايفنى أمه، أو مش فى نفس عُمره، الموضوع بدأ يتحول لمرض، وأنا خلاص فاض بيا، وساعات الهاجس ده بيخلينى أشوف كلامه وأفسره بشكل تانى ومش عارفة ده هيودينى لحد فين أو يعمل إيه فى علاقتنا».
«جوزى شكله مش عاجبنى»
مشكلة أخرى طرحتها واحدة ممن قررن أن يفتحن قلوبهن إلينا، ويقصصن عما يشغل بالهن، تحكى «رنا» عن تجربتها عن «عقد الجواز» قائلة: «أنا جوزى شكله مش حلو».
تبدأ حديثها قائلة: «عندى 33 وجوزى نفس السن، كان زميلى فى الجامعة، مكنش فى حاجة بينا غير إننا مجرد أصدقاء، بس بعد كده الموضوع اتحول لحب، وبعد شوية بقى الارتباط رسمى، فى الأول كنت حاسة إنه عادى وشكله مش مقزز وممكن أرتبط بيه عادى، بس بعد الخطوبة حسيت إنى اتسرعت، بس لأن عمرى وقتها كان 29 سنة فحسيت إنه الفرصة الوحيدة ليا، والشكل مش سبب كافى علشان أفسخ الخطوبة، أو حتى علشان أقوله لأهلى وقت ما آخد قرار الانفصال عنه، بعدها حسيت إن الموضوع هيبقى مش لطيف وهجرحه وهو بيحبنى جدًا، فخفت أفسخ الخطوبة حد يعملها فيا فكملت، بس بعد شوية من الجواز رجع الهاجس تانى إنه شكله مش حلو، وخصوصًا إنى بقيت أقارن بينه وبين الرجالة اللى حواليا، سواء قرايبى أو حتى أزواج إخواتى، كنت ساعات بتكسف منه، وبهرب من الخروج معاه لإنى أنا شكلاً أحلى منه بكتير، ورغم إنه راجل محترم، بس أنا اللى الموضوع دهم أثر عليا جداً ومش عارفة أعمل إيه أو أتخلص من الإحساس ده إزاى».
تستكمل حديثها قائلة: «مش بس الهاجس ده جوايا، لأ كمان بقيت أسمع كلام من الناس من تحت لتحت بيخنقنى أكتر، لدرجة إنى بقيت أتكسف أخرج معاه، وأى حد يشوفنا سوا، ده غير إنى كنت مأجلة قرار الحمل، بس هو دلوقتى قاللى إنه عايز ولاد، ولازم آخد قرار، ومش عارفة أعمل إيه، ساعات بيصعب عليا وبقول هو مش ليه ذنب، وكمان ما أجبرنيش على حاجة، بس برضه مش عارفة أعمل إيه فى نفسى، ومش عارفة لو سيبته هو هيعيش إزاى وأنا هعمل إيه من بعده مش قادرة على الطلاق ولا قادرة أغمض عينى ومحسش بالحاجات دى».
«جوزى أكبر منى بـ 10 سنين»
لم تكن وحدها من اتخذت قرارًا بالزواج من رجل يكبرها بعشر سنوات كاملة، فالأمر لا علاقة له بالعمر بل بالاختيار، وشكل العلاقة وما يقدمه كلا الطرفين لهذه العلاقة، وهو ما تخبرنا به عشرات التجارب التى أثبتت نجاحها لنساء تزوجن رجالًا يكبرهن بسنوات، ولم يعانين معاناة «حنان» التى قررت أن تشاركنا تجربتها اليوم. تحكى «حنان» قائلة: «أنا عارفة إنه اختيارى من البداية، وهو كشخص مفيش أى مشاكل معاه غير بعض الاختلافات اللى كل اللى حواليا شايفين إنها طبيعية، بس أنا نفسى ساعات بضايق من الموضوع ده، وبحس إنى ظلمت نفسى، واتجوزت راجل أكبر منى فى السن، هو شخصيًا بيحاول يعيش معايا الحياة اللى بحبها، بس الموضوع مش بيخرج من دماغى، والهاجس كل يوم بيكبر أكتر عن اليوم اللى قابله، بحاول كتير أساعد نفسى وأفكر فى الموضوع بشكل مختلف بس مش عارفة أعمل إيه». تستكمل قائلة: «أنا عارفة إنى بفكر غلط، بس فى النهاية أنا حاسة إنى مش مبسوطة، ولازم أخرج بره الدايرة ديه لإنى كده بظلمه وبظلم نفسى، وهو ملوش أى ذنب، ده غير إنه شخص متجدد، وبيعرف يتعامل مع كل حاجة، كمان مش قفل، بس أنا المشكلة عندى ومش عارفة ألاقى ليها حل، ونفسى أتخلص من الهواجس ديه فى أسرع وقت، عشان علاقتى بيه متتأثرش أكتر من كده».
الطب النفسى.. عيوب البدايات تظهر وقت المشاكل
على الجانب الآخر يعلق نائب رئيس قسم التأهيل النفسى بمستشفى العباسية، دكتور مينا جورج: من غير المنطقى أن تلجأ زوجة إلى الطلاق بسبب هذه الأسباب فقط، لكنّ هناك أسبابًا أخرى نفسية دفعتها لرؤية هذه العيوب الآن بشكل مختلف تمامًا عن البداية، اختفاء الحب أو عدم قدرتها على حبه من الأساس هو سبب أساسى فى أن تنظر إليه بشكل مختلف، تبحث لنفسها عن سبب ومبرر لكره الحياة معه، وتجد أن قصره أو شكله سبب كافٍ لأن تنهى هذه الحياة فى أسرع وقت، كما أن ضغوط الحياة وزيادة المشاكل فيما بينهما سبب كافٍ آخر يجعلها تبحث فى عيوبه الأخرى كى تجد مبررًا لمن حولها لإنهاء الزواج، على سبيل المثال من الممكن أن تقبل زوجة رجلًا يعانى من سمنة مفرطة، تحاول فى البداية أن تقنع نفسها بالزواج، إما لأنها كانت تعتقد أنها ستحبه، أو ربما لأنه فُرض عليها، وتم الزواج دون رغبتها، فمع مرور الوقت ترى هذا العيب الصغير الذى تغاضت عنه فى البداية تراه الآن كبيرًا، فبدلاً من أن تركز فى السبب الحقيقى للخلاف، تركز فى هذا العيب، لأن الطبيعة تجعلنا غير قادرين على ترك شخص أو إنهاء علاقة دون سبب، فتكون هذه الأسباب التى يراها البعض بمثابة عقدة تظهر مع الوقت مبررًا لنفسها سواء للطلاق أو الخيانة.