محمد دياب المخرج والصديق الذى أعرفه وأتابع أعماله كواحد من المخرجين والكتاب الواعدين، الذين يلتقطون بحس إنسانى تفاصيل حياتية قد تبدو للبعض عادية، ولكن دياب واحد من هؤلاء الذين يجيدون إعادة صياغة الواقع وتركيب التفاصيل بطريقة "البازل"، ليجعلنا نطرح على أنفسنا أسئلة شائكة ونخوض فى مناطق دائما ما نتجاهلها، أو نحاول إقناع أنفسنا أنها غير موجودة.. دياب الفنان صاحب وجهة النظر، والذى ينطلق فى أعماله من واقع اجتماعى شديد القسوة تعيش فى ظله شخصياته وهو ما يعكس حالا سياسيا مرتبكا هذا هو محمد دياب الذى أعرفه، والذى قدم تجارب سينمائية متنوعة بدءا من سيناريو "أحلام حقيقة"، وألف مبروك وبدل فاقد وفيلم الجزيرة بجزأيه، "وفيلم 678" أى أن المتأمل لنوعية الأفلام التى قدمها دياب سيجد أنها مختلفة وتتنوع مابين الدرامى والكوميدى والاجتماعى والخيال هذا هو دياب الذى اعرفه وأتابع ما يقدم باستمرار وقد نتفق أو نتخلف حول إبداعاته فنيا ولكنه يظل واحدا من مخرجى جيله الواعدين.
أما محمد دياب الذى قدمت عنه المدعوة "أمانى الخياط" تقريرا أقل ما يوصف به أنه تقرير "إرهابى فاشستى محرض" فهو دياب آخر حيث حولته الخياط، التى أشادت بالتقرير وصياغته _(أتمنى من الله أن يجعل لها من اسمها نصيبا ويخيط لسانها الذى لا ينطق سوى بالأكاذيب)_ حيث قالت الخياط خلال حلقة برنامجها:"محمد دياب من نشطاء السبوبة الذى يقدم صورة مشوهة للمجتمع المصرى خلال أعماله السينمائية المتعددة".
بث "أنا مصر" تقريرا مصورا عن دياب، أكد فيه أن المخرج الشاب كاره للقضاء المصرى وللشرطة وحرض ضدهما فى أكثر من مناسبة، مشيرا إلى أن دياب قدم المجتمع المصرى عبر أعماله على أنه مجتمع متحرش لا يتحلى بأية أخلاق، مضيفاً: "دياب كاره لمصر وحرض ضدها فى واقعة مقتل الشاب الإيطالى ريجينى".
ومن هول الصدمة على رأى "يوسف بيه وهبى" لم أصدق ما أراه وأسمعه، ولذلك أعدت مشاهدة "الفيديو المحرض" على الاغتيال المعنوى لمبدع كل جريمته أنه قدم فيلما يعرض باسم مصر فى واحد من كبريات المهرجانات وحصل على إشادات نقدية واسعة من الصحافة العالمية ومن شاهد الفيلم من النقاد العرب ورفع رأس مصر بشهادة كل جرائد ومجلات العالم، والذين اختاروا الفيلم من أهم 10 أفلام فى المهرجان وسموه "جوهره كان المدفونة"، ولم تكتف أمانى بتكييل الاتهامات لدياب بل أخذت فى طريقها المبدع الكبير يوسف شاهين ويسرى نصر الله، وتقريبا أى مخرج مصرى يشارك فى مهرجانات خارج مصر الكل متآمرون فى نظر الخياط ومن كتب تلك الصياغة المريضة لهذا التقرير الأحادى المحرض الملئ بالإدعاءات.
وليت الخياط ومن ورائها توقفوا عن ذلك بل إنها قررت أن دياب متأمر وتساءلت أمانى بعبقرية فذة وسؤال ينم عن ذكاء خارق: "ازاى يبقى خريج تجارة وبعدين يقرر يغير كل مجاله ويسافر أمريكا ليدرس سينما"؟ _وكأنه لا يوجد مخرجين كثر سبق وأن غيروا مجال حياتهم للسينما_ وازاى يطلق لحيته فى فترة هو بالتأكيد إرهابى وكان أى رجل يصاب باكتئاب أو يكسل يحلق ذقنه فهو إرهابى فى عرف الخياط"، والأغرب أنها تساءلت حول فيلمه الجزيرة وهو الفيلم الذى حقق المعادلة الصعبة فى الجمع مابين الإشادة النقدية والإيرادات ورشح فى الأوسكار وأنه فيلم ضد الداخلية –( وكان عزت حنفى وقضيته الشهيرة كانت وهما وخيالا نسجناها نحن وأخيرا وليس آخرا قضية الدكش تعكس واقعا لا نعيشه فى مصر فى عرف المرأة الخياط)- وواصلت الخياط فى بلادة متناهية تكيل الاتهامات على كل شكل ولون، حيث اتهمت دياب أنه يروج بأن نساء مصر يتم التحرش بهن؟؟ لحد هنا ولازم نقولها: "لا ياشيخة" ألم تقرئ انتى ومن صنع ذلك "الخراء" المسمى تقرير عن الدراسات التى تؤكد أن مصر تحتل المرتبة الثانية فى نسبة التحرش على مستوى العالم ثبتت الدراسات والبحوث أن مصر تحتل المرتبة الثانية على العالم بعد افغانستان فى التحرش الجنسى، وأن حوالى 64 % من نساء مصر يتعرضن للتحرش الجنسى سواء باللفظ أو بالفعل فى الشوارع والميادين العامة.. والسؤال الأهم فى هذه المنطقة أطرحه على الست الخياط التى من المفترض أنها امرأة الم تتعرضى للتحرش اللفظى أو الجسدى مرة فى حياتك مثلا عندما كنت تركبين أتوبيس النقل العام فى بداياتك؟.. "أكيد ركبتيه زينا كلنا وزى ستات مصر ولا أنتى مش مننا".
لا أكتب دفاعا عن دياب فقط ولكن عن المبدأ عن حرية الاختلاف عن الرغبة فى تسليم أى من كان تسليم أهالى بحسب التعبير الدارج عن قهر الآخر وقمعه لأن كل ذنبه أنه يحاول أن يقول رأيا مغايرا أو يجعلنا نفكر ونتساءل حول واقعنا وأود أن أطرح سؤالا استباقيا هل ما قامت به الخياط خطوة لإرهاب الرقابة المرتعشة أصلا والتى قد تأخذ موقفا من الفيلم وتمنع عرضه؟ وهذا هو الخطر الحقيقى فيما تفعله الخياط وأمثالها.
دياب الذى احتفت به صحف العالم افتتح فيلمه "اشتباك" مسابقة "نظرة ما" فى الدورة الـ 69 من مهرجان كان السينمائى الدولى، وقالت عنه وسائل الاعلام إن بعض الأفلام تصنع التاريخ حتى قبل عرضها ومنها فيلم "اشتباك" للمخرج محمد دياب، وطبقا لوسائل الإعلام والآراء النقدية فإن الملفت فى الفيلم أنه يوضح وجهات النظر المختلفة فى ما حدث فى مصر فى الفترة بعد ثورة 25 يناير وأثناء حكم محمد مرسى من خلال استعراض رأى كل فصيل، كما أن الفيلم يجعل المشاهد يشعر بقدر من الهدوء ويحثه على التفكير فى وجهات النظر الأخرى المطروحة ولا يوجه رسالة معينة لأنه معقد جدا ولكن رسالته الأساسية هى الإنسانية والتعايش وقبول الآخر، ولكن الخياط وأمثالها لا يعرفون تلك المعانى الإنسانية بل هم محرضون يطلقون رصاصاتهم وإرهابهم من منصات إعلامية دورها الأساسى هو التنوير وزيادة الوعى وليس تعليق المشانق أو التحريض على الاغتيال، تذكروا المحرضون فى واقعة "فرج فودة" و"نجيب محفوظ".. الخياط ارتكبت نفس الجرم هى ومن معها.