واصل الرئيس السادات، حواره مع الفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية من 11 يونيو 1967 إلى 13 مايو 1971، فى لقائهما يوم 6 يناير 1976، بحضور حسنى مبارك، نائب الرئيس، وكان اللقاء الثانى بينهما بعد قرار السادات بالإفراج عنه فى عام 1974، قبل استكمال عقوبته بالسجن 15 عاما أشغال شاقة فى قضية «15 مايو 1971»، والتى أطلق عليها السادات «مراكز القوى»، «راجع، ذات يوم 6 و7 يناير 2020».
طلب «السادات» من «فوزى» أن يدلى بشهادته عن نكسة 5 يونيو 1967 أمام «لجنة كتابة تاريخ ثورة يوليو 1952»، وحسب حواره مع الكاتب الصحفى عبدالله إمام فى كتابه «الفريق أول محمد فوزى، النكسة، الاستنزاف، السجن»، فإنه تشكك فى نوايا «السادات»، وعلى هذا الأساس أبدى استعداده للتعاون مع اللجنة، ولكن بالأسلوب الذى يقرره هو.
يذكر «فوزى»، أن «السادات» واصل حديثه معه قائلا: «فيه نقص فى المعلومات وفى الدوافع والأسباب، وكذا فى إدارة المعركة، يعنى لو كان عبدالناصر، الله يرحمه، راح طارد المشير عبدالحكيم عامر بعد ضربة الطيران مباشرة، ووضعك أنت مكانه، زى مارحت أنا طارد الشاذلى عندما دخل اليهود فى الثغرة، كنت على الأقل وقفت وصمدت فى المضايق الجبلية شرق قناة السويس، وكانت نتائج معركة 1967 تغيرت».
رد «فوزى»، قائلا: «الرئيس عبدالناصر كان بعيدا عن إدارة المعركة، وكان لا يرغب فى التدخل فى أى وقت خلالها، مثلما كان حاله قبل المعركة، ومنذ تعيين اللواء عبدالحكيم عامر قائدا عاما للقوات المسلحة طوال 14 عاما»، يتذكر «فوزى»، أن الكلام تحول إلى نقاش حول علاقة «عبدالناصر» بـ«عامر»، يضيف: «نوهت فى هذا المجال للصراع الخفى الذى كان قائما مع توافر الثقة المتبادلة بينهما، والتى أدت إلى امتناع الرئيس عبدالناصر عن التدخل فى إدارة المعركة، التى كان يديرها المشير عامر وحده».
ثم عاد الكلام بين الاثنين إلى «لجنة تسجيل التاريخ»، يقول «فوزى»: «أراد الرئيس أن يختبر اتجاهاتى فى الإجابة عن أسئلة اللجنة التى علمت فيما بعد أنها معدة إعدادا متقنا لإدانة عبدالناصر»، يقدم «فوزى» دليله، قائلا: «وجه إلىّ السادات سؤالا: طيب إنت فاكر يا فوزى لما حضرت أنا مع الرئيس جمال الله يرحمه يوم الجمعة 2 يونيو فى القيادة، وصدق لكم على الخطة، وقال على بركة الله؟»، يؤكد «فوزى»: «قاطعت الرئيس السادات، وقلت: لم يحدث هذا، سيادتك لم تحضر هذا الاجتماع، والرئيس عبدالناصر لم يصدق على خطة العمليات، إذ أنها لم تعرض عليه إطلاقا، ولم يكن فى نية المشير عبدالحكيم عرضها عليه».
يكشف «فوزى» رد فعل الرئيس: «ظهر الضيق على ملامح السادات، وازرّق وجهه، لكنه سرعان ما أخرج نفسه من هذا المأزق الذى سببته إجابتى المباشرة، وقال بلهجة الهزار: «يظهر إنك عاوز ترجع القلعة تانى.. كانت القلعة هى السجن اللا إنسانى الذى قضيت فيه ستة أشهر قبل الحكم علىّ بالسجن خمس عشرة سنة أشغالا شاقة»، يضيف: «لم أقبل من السادات هذا التهكم على شخصى، وقلت له: «يعنى حتكسب إيه هذه المرة من وضعى فى القلعة، لا أنا وزير الحربية ولا جنرال، أنا مواطن مدنى أحافظ على شخصيتى، وأقول الحق حتى أموت بإذن الله».
يتذكر «فوزى»: «ارتفع صوت السادات بالضحك، وطلب كوب شاى للمرة الثانية، واقتنع بوجهة نظرى فى تذكر أحداث معركة 1967 خلال أسبوعين، ثم بدأ يعطى تعليماته إلى النائب حسنى مبارك لاستقبالى فى مبنى مجلس قيادة الثورة بالجزيرة، باستدعاء جميع رؤساء تحرير الصحف والمجلات والمصورين، ويتم استقبالى خارج مقر اللجنة فى اليوم الذى أقرره بالاتفاق مع النائب».
فى يوم 8 يناير، مثل هذا اليوم، 1976 ذهب الفريق «فوزى» إلى مقر مجلس قيادة الثورة القديم، واستقبله رئيس وأعضاء اللجنة العسكرية لتسجيل التاريخ بقيادة لواء محمد حسن غنيم، وعميد بحرى أحمد عبدالرؤوف جمال الدين، الذى كان عضوا فى محاكمة فوزى، والعميد مصطفى ماهر، والسيد زكى، يذكر «فوزى»، أن رئيس اللجنة أطلعه على الأسئلة التى دارت جميعها حول أسباب ودوافع معركة 1967، واتفق على يوم 21 يناير 1976 موعدا لتسجيل شهادته.
يؤكد «فوزى» أن حسنى مبارك قدمه لأعضاء اللجنة تقديما جيدا، يضيف: «ذكر مبارك مجهودى الخاص فى إعادة تنظيم وتسليح وتدريب وإعداد القوات المسلحة بعد نكسة 1967، وأن هذه المجهودات مهدت للنجاح فى معركة العبور عام 1973»، يقول: «فى اليوم التالى 9 يناير 1976 نشرت الصحف اليومية خبر وصورة هذا اللقاء، وفى يوم 21 يناير 1976 سجلت أمام اللجنة تسع ساعات».