منذ منتصف الشهر الجارى تشهد مصر موجة من الحرائق غير المعتادة، والتى ألحقت خسائر مادية ضخمة بأصحاب المنشآت، إلى جانب إصابة العديد من المواطنين بحروق مختلفة، يأتى فى مقدمة تلك الحرائق سوق الرويعى، وسوق الغورية.
«انفراد» رصدت فى هذا التقرير وضع أربع أسواق للبحث عن «طفاية حريق»، والتعرف على وسائل التأمين ضد الحرائق والكوارث فى كل منها، وهل هى كافية أم لا، وهى «سوق الجيزة، سوق البالات بالإسعاف، سوق الأقمشة والموتوسيكلات بالوكالة، سوق إمبابة».
سوق الجيزة
البداية كانت فى سوق الجيزة التى يتردد عليها آلاف من المواطنين يوميًا، ورغم كثرة الأعداد، فإن وسائل التأمين فيها تكاد تكون منعدمة، خاصة أن مساحة الشوارع الجانبية للسوق لا تتعدى ثلاثة أمتار، وفيما يفترش مئات من الباعة الجائلين الأرض، الأمر الذى يمنع دخول سيارات الإسعاف فى حال وقوع أى مكروه، أحد الباعة الجائلين- طلب عدم ذكر اسمه- أخفى «طفاية الحريق» الخاصة به أسفل كميات كبيرة من القماش، قائلًا إن الحى يفرض عليهم حملها، ولكن لم يتم تدريبهم على كيفية استخدامها وقت الضرورة.
تقول نهى محمود التى تدير محل ملابس: هناك مشاكل كبيرة تتعلق بعدم توفير أى وسيلة أمان، لدرجة أن كابلًا كهربائيًا تسبب فى اشتعال الأرض أمام المحل، ولم يسعفنا سوى «طفاية حريق» كانت فى المحل.
وأضافت «نهى»: المشكلة أنه مع بداية كل صيف، ومع ارتفاع درجات الحرارة، تتأثر الأسلاك الكهربائية، وينتج عنها دومًا ماس كهربائى، إن لم يتم تداركه بسرعة قد تحدث كارثة ضخمة، خاصة أن المحل ملىء بالملابس والأقمشة القابلة للاشتعال.
فيما يطالب محمد رأفت، بائع، الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنقاذ السوق من أن تلقى نفس مصير سوق الرويعى، قائلًا: «طفايات الحريق» ليست هى الحل، ونخشى أن تلتهمنا النيران كما التهمت سوق العتبة، خاصة مع غياب وسائل الأمان، والازدحام، والشوارع الضيقة.
وكالة البلح وحرائق مؤجلة
كسابقتها، لم تختلف سوق وكالة البلح عن سوق الجيزة من افتقادها لوسائل الأمان، خاصة أن الشارع الرئيسى للسوق لا يزيد على مترين فقط، ويزدحم بالباعة الجائلين، مما يجعل حركة السير صعبة للغاية، وتنقسم سوق وكالة البلح إلى عدة أسواق، واحدة منها للأقمشة والستائر والملابس، وأخرى للموتوسيكلات وإصلاح السيارات، وهو ما يقول عنه محمد محيى: هذه الأسواق مليئة بالمواد القابلة للاشتعال، خاصة أن سوق الموتوسيكلات والسيارات، وما بها من بنزين وجاز ومشتقاتهما، وأكد «محمد» أن «طفايات الحريق» موجودة لأنها ضمن شروط الترخيص، ولكن نظرًا لغياب الرقابة على الأسواق، عادة لا يهتم البائعون بها، ولا يتم عمل صيانة لها، ولا تعبئتها، مطالبًا الحكومة بعمل توعية لأصحاب المحال والعمال على كيفية تأمين أنفسهم، والاهتمام بـ«طفايات الحريق» وعدم إهمالها.
وعن طرق تأمين التجار أسواقهم، يقول زين فؤاد، صاحب محل: نحن حريصون على عدم شرب السجائر داخل السوق، ونبذل كل جهدنا لمنع الزبائن أيضًا، حتى المشروبات نخصص لها مكانًا بعيدًا عن السوق، وأكد «زين» غياب الرقابة الحكومية على السوق، وعدم اهتمام الحى بتوفير وسائل الأمان المناسبة.
المشهد يتكرر فى إمبابة
البحث عن «طفاية الحريق» داخل المحال التجارية مشهد متكرر بجميع الأسواق، خاصة سوق إمبابة، فغالبًا إذا سألت أى صاحب محل أين «طفاية الحريق» الخاصة بك، تكون الإجابة أنه لا يعرف مكانها.
يقول محمد مراد، بائع بسوق إمبابة: نحتفظ بثلاث «طفايات»، تأمينًا لبضاعتنا، وكثيرًا ما تحدث حرائق صغيرة نستطيع فى كل مرة التحكم فيها والسيطرة عليها، ولكن ما نخشاه أن تخرج الأمور من بين أيدينا، وحينها سيخسر الجميع ماله، ولن يعوضنا أحد.
الأمر ذاته تكرر فى أسواق البالات بالإسعاف، فالجميع يقوم بإخفاء الطفاية كما لو أنها تهمة، أو سوف تتسبب فى حريق المحال.. يقول فؤاد محمود، بائع فى محل: «الطفاية هنا يتلخص وجودها فى أنها مفروضة علينا من رئيس الحى، فوجودها مجرد ديكور».