الأهالى: الوزارة أرسلت القوافل الطبية عندما كان المستشفى يستقبل المصابين الفلسطينيين وتجاهلته الآن وهو يستقبل يوميا المصريين ضحايا الحرب على الإرهاب
"وصول قتيل.. وصول مصاب.. لمستشفى العريش العام"، عنوان يتكرر أكثر من مرة على مدار اليوم فى وسائل الإعلام، ومن عنوان لآخر يختلف الرقم ليسجل "مستشفى العريش"، أكبر عدد من نوعه فى استقبال حالات القتلى والمصابين بأعيرة نارية وشظايا وحوادث سير فى منطقة تشهد أحداث ملتهبة جعلت قسم استقبال وطوارئ المستشفى فى حالة استنفار على مدار الساعة فى الوقت الذى حمل فيه الأهالى وزارة الصحة، ومؤسسات الدولة المعنية، والجهات المجتمعية مسئولية ترك المستشفى فى منطقة تشهد حالة حرب على الإرهاب وتخلف هذه الحالة ضحايا وجهتهم الوحيدة هى هذا المستشفى، ليتجرع من يصل إليه لإنقاذ حياته مرارة النقص الحاد فى تخصصات مهمة، وتعطل أجهزة طبية، وغياب الحضور الدائم للأطباء فى الوقت الذى كانت وزارة الصحة تستنفر طاقتها من كبار الأطباء، وترسل بالبعثات الطبية للمستشفى عندما كان يستقبل الفلسطينيون من ضحايا العدوان على غزة، ويشاركها الجمعيات والمتطوعون وقوافل مساعدات أدوية وأجهزة طبية، وكل هذا اختفى عندما أصبح من يحتاجون الخدمات العاجلة من المصابين من أبناء المنطقة المساحة الخضراء داخل سور المستشفى الملاصقة لمبنى إدارى هى الملاذ لجلوس العشرات من ذوى الضحايا والمصابين، بعضهم ينتظر وصول طبيب للاطمئنان على حالة من يرافقه وآخرون ينتظرون انتهاء إجراءات تسلم جثث من المستشفى.
قال " محمود.س" أحد الأهالى، يرافق مصاب يرقد فى قسم العناية بمستشفى العريش العام، مصاب بطلق نارى، إنه لا يلوم المستشفى على تقصير فهى مكان متكامل، وتوجد رعاية وفق المتاح، ولكن فوجئ أن الحالة التى يرافقها بحاجة لفحص من طبيب متخصص فى جراحة المخ والأعصاب، وأخبروه أن المستشفى ليس بها طبيب متخصص، كما أن كثيرًا من أنواع الأدوية المهمة لهذه الحالات غير متوفرة والأجهزة لا تعمل .
ومن جانبه، أضاف "سامى سليمان" أنهم عندما حضروا بشقيقه المصاب بشظايا مع زملاء له إثر تعرض سيارة تقلهم لانفجار عبوة ناسفة، كان قسم الاستقبال والطوارئ لا يوجد به العدد الكافى من المتخصصين، و2 من الحالات قام ذووهم بتحويلهم لاستكمال العلاج فى مستشفى الجامعة بالإسماعيلية.
وأكد "إسلام سلام" من تمريض مستشفى العريش العام، أن المستشفى يعانى عجزا فى الأطباء، وهناك تراخى من مديرية الصحة فى العمل على توفير التخصصات المطلوبة بشكل عاجل فى ظل احتياجات لمستشفى توجد فى منطقة عمليات وتستقبل حالات إصابات على مدار اليوم.
وقال إن هناك حالة حضرت منذ أيام لأحد العاملين فى شركة النصر للملاحات وتعرض للإصابة بطلق نارى وتبعها نزيف وبسبب عدم توفر طبيب مخ وأعصاب وجراحة أوعية تدهورت الحالة إلى أن فارق الحياة، لافتا أن المستشفى يعانى، والمسئولون يجملون الصورة للمحافظ على غير الواقع الفعلى مطالبا أن يفاجئ المحافظ المستشفى بزيارات ويرى حالات التزويغ للأطباء المتواجدين على قوة المستشفى .
وأضاف أنه من العجيب أن بالمستشفى أجهزة أشعة قديمة فى الوقت الذى توجد فيه هذه الأشعة فى كراتين لم يتم فتحها فى مركزين صحيين بالعريش، أحدهما بمنطقة العبور وآخر فى حى الصفا وتساءل "لماذا لا يتم تشغيلها بالمستشفى بدلا من ركنها على الأرفف، كما توجد غرفة عناية مجهزة بمستشفى الحميات التى لا تعمل حاليًا بسبب الظروف الأمنية، وتم تفريغ مكان غرفة عناية بمستشفى العريش العام، ولماذا لا يتم نقلها بهذا المكان الشاغر لخدمة الحالات التى يتوالى وصولها للمستشفى العام".
وأشار "إسلام سلام" إلى أن المصاعد التى تخدم المستشفى فى حالة عطل شبه دائم، ويوجد أحدها خاص بخدمة الصعود لمرضى الفشل الكلوى، وتعطله يجبرهم أحيانًا على الصعود على السلالم وهذا لا يناسب حالتهم الصحية، فضلا عن افتقاد المبنى الجديد لوسائل السلامة المهنية المتعلقة بعمل دورة المياه فى وحدة الإطفاء، والغموض فى عمليات ترميم استراحات الأطباء وتكسير حوائط وأرضيات لا تزال حالتها جيدة.
وانتقد "سلام" الدعوات للمسئولين بصحة شمال سيناء لرجال الأعمال التبرع لبناء أقسام فى الوقت الذى تخصص فيه ميزانيات للمستشفى لهذا الغرض، مشيرًا إلى أن أهالى شمال سيناء يلقون اللوم على وزارة الصحة لأنها لا تلتفت للمستشفى، وسيناء فى حالة حرب وكان الاهتمام أكبر عندما كانت غزة فى حالة حرب ويصل منها ضحايا العدوان الإسرائيلى.
وهذا ما أكد عليه "حجاج الصعيدى" أحد المتطوعين فى مكتب العلاقات الإنسانية الذى يضم عددًا من المتطوعين لخدمة الضحايا المدنيين من المصابين والقتلى الذين يصلون للمستشفى يوميًا، وقال الصعيدى فى عام 2008 وما قبلها عندما شهدت غزة عدوانا شرسا من إسرائيل وفتحت مصر حدودها لاستقبال المصابين الفلسطينيين، والكثير منهم كانت وجهته مستشفى العريش، كان المستشفى يعج بالحضور لتقديم المساعدات والخدمات والتبرع بأدوية وأجهزة طبية وقوافل طبية من كبار الأطباء بالجامعات والمستشفيات الحكومية والخاصة، موجها اللوم على وزارة الصحة: هل كان الشعور بآلام الفلسطينيين حاضر وغاب الشعور بآلام ضحايا الحرب على الإرهاب والذى يسقط فيه مدنيون مصابون برصاص عشوائى وطائش ويصلون مبتورة أطرافهم نتيجة الشظايا وفى ظروف صعبة جدا لا تستوجب التأخير عن خدمتهم.
وأشار إلى أن مطلبهم من وزارة الصحة بشكل عاجل توفير تخصصات على مستوى من أطباء "جراجة مخ وأعصاب"، و"جراحة قلب"، و"تخدير"، و"عظام"، وتوفير أطباء طوارئ للجاهزية فى التعامل الفورى مع الحالات التى تصل للمستشفى، وتوفير جهاز رنين مغناطيسى وجهاز قسطرة القلب .
وبدوره لم ينكر "الدكتور أحمد عزمى"، مدير مستشفى العريش العام حاجة المستشفى للكثير من الإمكانيات الفنية والبشرية، وقال إن المستشفى هى النواة الأولى للخدمة الصحية فى المحافظة، وتحول الحالات التى تصل للمستشفيات المركزية بالمراكز لاستكمال علاجها بالمستشفى التى تخدم كل محافظة شمال سيناء، بطاقة تصل لـ208 آسرة، ونسبة الإشغال لهذه الآسرة دائما تصل لنحو 98% وهو ما أثقل الحمل وجعل المسئولية عن توفير الخدمة ليس بالسهلة، وأشار إلى أن قسم الطوارئ يخدم يوميا حالات تصل من ضحايا انفجارات وطلقات نارية وحوادث سيارات وغرق، وأردف مدير مستشفى العريش العام، قائلا "أصبحت حوادث الإصابات التى تصل للمستشفى نتيجة الإصابات بطلقات نارية أشبه بحالات الصداع والفشل الكلوى ويتكرر هذا الأمر يوميا".
وأضاف أن المستشفى يخدم المرضى فى مبنى العيادات الخارجية والتردد اليومى على العيادات التى تحتوى جميع التخصصات يصل لنحو 1000 مريض يوميا، يتم الكشف عليهم وتقديم العلاج لهم، فضلا عن خدمات طبية داخل المستشفى ومنها تصوير الأشعة المقطعية، وأشعة المونجرام والمناظير الطبية، وعلاج أمراض الجهاز الهضمى .
وأوضح مدير مستشفى العريش العام، أن من بين المشاكل التى يعانيها المستشفى وتم رفع تقارير بها لوزارة الصحة والجهات المعنية، مشكلة توفير الصيانة للأجهزة الطبية بشكل دورى نظرا لتأخير الصيانة، وتعطل الأجهزة وتحجج شركات الصيانة بصعوبة الوصول لشمال سيناء، وأشار إلى أن مشاكل المصاعد فى المستشفى تم حلها وهى تعمل بشكل أفضل وتبقى مشكلة الصيانة الدورية وتعطل وصول شركات الصيانة هى السبب فى حالة ارتباك وتعطل الأجهزة وهو ما يحتاج لصيانة داخل المستشفى .
ونفى مدير مستشفى العريش، ما يتردد من شكاوى من تغيب أطباء بقسم الطوارئ، وقال إن كثرة عدد الحوادث وانشغال الأطباء فى حالات أخرى، وعدم وجود بديل نتيجة النقص فى العدد يحسبه مرافقو المرضى أنه تقصير وغياب .
وأكد مدير مستشفى العريش على حاجة المستشفى العاجلة لأطباء متخصصين فى جراحة المخ والأعصاب وأوعية دموية، لافتا أن هذا النقص يؤثر على علم المستشفى فالسواد الأعظم من الحالات التى تصل للمستشفى بحاجة إلى هذين التخصصين تحديدا.