"ولادى بيضيعوا منى، والدين بيّعنا اللى ورانا واللى قدامنا، ياريت ياريس يعفوا عننا".. بهذه الكلمات بدأت الحاجة بخيتة محمد، من محافظة أسوان، التى تجاوز عمرها السبعين عاما، فى مناشدة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى، لمساعدتها فى قضاء سداد ديونهم التى لا تتخطى الـ25 ألف جنيه، ولكنها تراكمت عليهم بسبب الإنفاق على علاج ابنها الأكبر، حتى أفقدتهم الديون كل شئ حتى منزلهم الذى يقيمون فيه.
"انفراد"، التقت أسرة الحاجة بخيتة محمد، التى تعيش فى منطقة الكرور بمحافظة أسوان، لتتحدث عن معاناتها فى سداد ديون الأسرة، قائلة: "توفى زوجى منذ حوالى 14 سنة، وترك لنا دخل شهرى 320 جنيها قيمة معاش ضمان تأمينى، نظراً لأنه كان عاملاً مؤقتاً بوزارة الرى، ومن خلال هذا المبلغ أنفق على أربعة أفراد هم أولادى وأولاد زوجى من بعده".
وتابعت الحاجة بخيتة حديثها قائلة: "فى بادئ الأمر كان ابنى الأكبر (نادر عبد الفتاح) يتولى مسئولية الإنفاق على أسرتنا وذلك من خلال عمله باليومية فى محافظة القاهرة، إلا أنه بعد عام واحد من وفاة والده، أصيب بتجمع دموى على العين وضمور فى شبكة العين مما أفقده بصره، وكلفنا ذلك آلاف الجنيهات، التى أنفقت فى محاولة علاجه، ما بين مستشفيات أسوان والقاهرة وأسيوط بالإضافة إلى المراكز الطبية المختلفة، حتى وصل بنا الحال إلى أن اضطررنا إلى بيع أثاثات وعفش المنزل الذى كنا نقيم فيه بالإيجار منذ حياة زوجى، وبعدها لجأنا أيضاً لترك المنزل لعدم قدرتنا على سداد أقساط الإيجار التى كنا نراها فى الماضى بسيطة، واليوم أصبحت عبئاً علينا، وأصبحت أختى تؤوينا فى منزلها مؤقتا".
وتابعت: "الحمد لله صابرين لقضاء الله، وعلى الرغم من احتياجى لثلاث عمليات جراحية ما بين فتاق ومرارة وغضروف فى الفقرة الأولى والثالثة وأرتدى حزام طبى على ظهرى، إلا أننى راضية ومستحملة عشان خاطر ولادى".
وتستكمل ابنتها "ندى عبد الفتاح" الحديث عن مأساتهم والدموع ملأت عيناها: "ما بقاش حيلتنا حاجة عشان نبيعها، والديانة انتزعت من قلوبهم الرحمة، ورافعين علينا قضايا، وصدر فيها حكم بالحبس".
وأوضحت "ندى"، فى بادئ مرض شقيقى الأكبر "نادر" لم يكن هناك دخل مادى يكفى لتغطية علاج أخى، فلجأت إلى سحب قرض بنكى من الصندوق الاجتماعى بحوالى 6 آلاف جنيه، ونزلت للعمل فى المحال التجارية بالمنطقة حتى أعمل وأحاول توفير متطلبات ومستلزمات الحياة الضرورية بعد مرض أخى، ونجحنا فى سداد جزء كبير منه ولم يتبق من سداد القرض سوى 4 آلاف و500 جنيه، ومع ضيق الظروف وزيادة متطلبات الأطباء بإجراء جراحات فى عيون شقيقى نادر، لجأنا لقرض آخر من بنك ناصر الاجتماعى بقيمة 18 ألف جنيه، يتم خصم مبلغ 320 جنيها من المعاش ونسدد مبلغ 100 جنيه إضافية للبنك عن طريق اليد، ووصلنا لسداد جزء منه ويتبقى جزء آخر.
وأشارت "ندى": "الكارثة جاءت من طرف ثالث وهو نجار، كنا قد اتفقنا معه على شراء أثاثات منزلية بالإيجار بإجمالى مبلغ 10 آلاف جنيه سددنا منها 4 آلاف جنيه، إلا أنه لم يتحمل عجزنا عن السداد ورفع قضية علىّ، من خلال الإيصالات المثبتة عنده، وأصدرت المحكمة حكمها بحبسى 6 أشهر".
وعلقت: "كنت فى البداية أعمل فى المحال التجارية، ونسعى للسداد شيئاً فشيئاً، إلا أن حكم المحكمة الصادر، جعل من أصحاب المهن يرفضون طلبى للعمل فى أى مهنة شريفة، فلم يكن أمامنا سوى بيع كل ما نملك من أثاثات وملابس، وأصبحنا غارمين عن سداد الديون.
ومن جهته قال نادر عبد الفتاح: "أصبحت الحياة مظلمة ليس فى عيناى فقط ولكنها فى قلبى، بعد أن انتزعت الرحمة من قلوب الناس فى إمهال الغارمين عن سداد ديونهم، خاصة أن الظروف الصحية أقعدتنى المنزل، وأشفق كثيراً على أختى، فهى أنثى ومطلقة وللمجتمع الصعيدى ظروفه وعاداته وتقاليده التى تحكمنا"، مشيراً إلى أنهم طلبوا أكثر من مرة مقابلة محافظ أسوان لتوفير مصدر رزق لهم من خلال فرصة عمل وليس إعانات، إلا أن الحرس دائماً ما كان يرفض دخولنا ويمنعنا من الوصول إليه.
وناشدت أسرة الحاجة بخيتة، الرئيس السيسى، بإسقاط الديون عنهم بعد أن أصبحوا غارمين عن السداد، ومهددين بالحبس والموت جوعاً، مؤكدين أن هذا هو مطلبهم الوحيد دون الطمع فى مطالب أخرى غير مشروعة.