ضمن الجهود المصرية لمواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة، كانت زيارة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب للفاتيكان وفرنسا، وهو ممثل الإسلام المعتدل الواضح القادر على تقديم خطاب دينى يفضح ويعرى الخطاب الذى يتاجر به الإرهاب. وكانت لفتة عظيمة من شيخ الأزهر زيارته لمسرح الباتاكلان بالعاصمة باريس، والذى كان مكانا لهجمات إرهابية فى نوفمبر الماضى راح ضحيتها عشرات الأشخاص. وأكد فضيلة الإمام الأكبر، أن الإسلام يرفض كل أشكال العنف والإرهاب، معربا عن تضامن الأزهر الشريف مع ضحايا الإرهاب فى جميع أنحاء العالم، وأن دماء البشر جميعها معصومة ومحرمة. وقال فضيلته إن العلاقة بين الناس، التى أمر الله بها، هى علاقة السلام والتآخى والتعاون، بينما الإرهاب لا وطن ولا دين له. داعيا إلى التكاتف من أجل محاربته.
وكل هذه الخطوات تصب فى اتجاه المواجهة الجذرية للإرهاب. وكما أشرنا، فإن العلاقات المصرية الفرنسية تمتد إلى عقود بعيدة، وفى الوقت الراهن، فإن التحركات المصرية، تجاه قضايا المنطقة تعتمد على الاستباق وتحديد الأهداف، والسعى إلى حصار الصراعات ومحاولة امتصاص تأثيراتها، ويتم كل هذا بهدوء، ومن دون جلبة، وفيما يتعلق بموقف أوروبا. فإن الدول المختلفة داخل الاتحاد الأوروبى كانت لها مواقف تجاه قضايا الحرب فى سوريا أو الصراع فى ليبيا، وكانت المواقف مبنية فى بعضها على تصورات أو معلومات، اتضح أنها غير صحيحة، ومن هنا كان الدور المصرى الواضح فى إيصال رسائل إلى أوروبا حول خطورة ترك الأحوال فى ليبيا وسوريا، لتفرخ إرهابيا، يعود ليضرب أوروبا. وقد اكتشفت دول أوروبا صحة النظريات المصرية من تدفق اللاجئين، وضربات وتهديدات الإرهابيين.
ولهذا فقد أدركت فرنسا التهديد، وخطورة ما يجرى فى سوريا وليبيا، وأهمية أن يكون هناك موقف لحصار هذه الصراعات ومواجهة تداعياتها. وبجانب التعاون بين البلدين والتنسيق وملف التنسيق الاقتصادى والاستراتيجى، كان من الطبيعى أن تتم محاولات للوقيعة أو إفساد العلاقات. كانت العمليات الإرهابية التى ضربت باريس فى نوفمبر، ثم تهديدات مستمرة، وبعد حادث الطائرة جرت محاولات مختلفة لإفساد العلاقة من جهة، والضغط فى نقاط حساسة، وذلك ضمن أوراق، بعضها غير معلن، ويشكل ثغرات يحاول خصوم مصر وفرنسا استغلالها. ومع الأخذ فى الاعتبار، أن الطائرة خرجت من مطار شارل ديجول، ووجود احتمالات لعمل إرهابى قد يضاعف المخاوف من تهديدات الإرهاب. وبدت عمليات مزدوجة لإفساد العلاقات المشتركة والإساءة من جهة لمصر، ولشركة مصر للطيران، وإلى فرنسا فى وقت تنتظر فيه تنظيم كأس اليورو للكرة، خلال يونيو المقبل من جهة.
لكل هذا كانت زيارة الوفد الفرنسى للقاهرة والتأكيد على وحدة وجهات النظر المصرية والفرنسية تجاه قضية الطائرة والتعاون للتوصل إلى أسباب سقوطها. وفى هذا السياق كانت التحركات واضحة للتعامل مع القضية بشفافية وإفساد أى محاولة، لتوظيف المشكلة لإفساد العلاقات بين البلدين. وجاءت زيارة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، لتمثل هى الأخرى خطوة فى المواجهة، وتأكيد الإصرار على المواجهة مع التطرف والإرهاب من كل الجهات.