رغم الحفاوة التى استقبل بها الشعب المصرى الذى عانى خلال السنوات الماضية من انقطاع الكهرباء المتكرر طوال موسم الصيف، خبر التوقيع مع الجانب الروسى لإنشاء أول محطة نووية مصرية لإنتاج الكهرباء فى منطقة الضبعة بتوفير 4800 ميجا واط، تكفى لتلبية العجز الذى يحدث سنويا فى الصيف وتسهم فى تلبية احتياجات القطاع الصناعى، فإن ثمة مخاوف من أن تتحمل الأجيال المقبلة أعباء القرض الروسى الذى وافق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى لتمويل إنشاء محطة الطاقة بقيمة 25 مليار دولار أمريكى، بفائدة 3% سنويًا.
وبالرغم من إجماع خبراء الاقتصاد ومؤسسات التصنيف الائتمانى على أن الدين الخارجى لمصر لا يزال فى الحدود الآمنة بنسبة لا تتعدى 16% من إجمالى الناتج المحلى، فإن بعضهم أعرب عن تخوفات من تأثير القرض على حجم الدين الخارجى (47 مليار دولار نهاية 2015)، إذ يمثل حوالى 50% من الدين الخارجى، محذرين من عدم الالتزام بالسداد لأنه يتم احتساب فائدة 150% على المتأخرات، فى حين يرى فريق آخر أن القرض ميسر إذ يتم السداد على مدار 22 عاما بواقع 43 قسطا نصف سنوى متساوية.
ويحق للجانب المصرى استخدام القرض لمدة 13 عاما، من 2016 إلى عام 2028، ويستخدم القرض لتمويل 85% من المشروع، ويسدد الطرف المصرى الـ15% المتبقية فى أقساط، إما بالدولار الأمريكى أو بالجنيه المصرى للمؤسسات الروسية المفوضة.
وفى هذا السياق، أعرب الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل، عن مخاوفه من ارتفاع نسبة الفائدة على القرض الروسى، مؤكدا أنها ترفع الدين الخارجى المصرى بنسبة 50% تقريبا وهو ما يتطلب دراسة متأنية من قبل مجلس النواب قبل التصديق على القرض.
ويرى نافع أن شروط القرض متشددة إذ تنص الاتفاقية على أن تسدد مصر الدفعة الأولى من القرض فى 15 أكتوبر عام 2029، وتحتسب الفائدة على أساس يومى من تاريخ استخدام كل مبلغ من القرض وحتى تاريخ السداد النهائى، بالإضافة إلى سداد المتأخرات والتى تخضع لفائدة بنسبة 150%، متوقعا أن يضغط ذلك على احتياطيات النقد الأجنبى للبلاد.
وبسؤاله عن البدائل المتاحة لتمويل المحطة النووية التى تمثل حلما لملايين المصريين، اقترح نافع تمويلها من خلال من يعرف بسندات البنية الأساسية أو سندات إيرادات، وهى تسمح بالسداد من قيمة المشروع وإيراداته بعد التشغيل، وهو ما يضمن السداد دون تحميل الأجيال القادمة أعباء ديون إضافية، خاصة فى ظل ارتفاع الدين المحلى لمستويات تجاوزت 90% من إجمالى الناتج المحلى.
وأوضح نافع أن سندات البنية الأساسية، التى تعرف أيضا بسندات الإيرادات هى صكوك مديونية يتم طرحها لتنفيذ مشروعات عملاقة فى مجالات البنية الأساسية، موضحا أنها تشبه شهادات قناة السويس التى تم طرحها لكن الفارق هو أن الجهة المدينة فى الأولى تكون المشروع وليس الدولة أو صاحب المشروع، كما هو الحال فى شهادات القناة.
ونوه إلى أن هناك خيارا آخر للتمويل هو الصكوك المتوافقة مع أحكام الشريعة، رافضا تسميتها بالصكوك الإسلامية، مؤكدا أن تلك الأداة التمويلية تضمن سداد الدين من خلال عوائد المشروع أيضا وليس صاحبه، منوها إلى أن الحكومة المصرية أعلنت فى وقت سابق أنها تدرس طرح سندات متوافقة مع أحكام الشريعة.
وتوقع أستاذ التمويل أن تجذب تلك السندات مستثمرين من الدول العربية والخليجية التى تميل إلى الاستثمار فى الصكوك المتوافقة مع أحكام الشريعة.
وتحصل مصر على قروض ميسرة من مؤسسات التمويل الدولية والعربية بفائدة لا تتعدى 2% وهى أقل من فائدة القرض الروسى، لكن الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق، يرى أن نسبة الفائدة "معقولة"، فى ضوء التصنيف الائتمانى لمصر والذى حددته مؤسسة ستاندرد آند بورز عن –B.
وشدد السعيد على ضرورة الالتزام بسداد أقساط القرض فى مواعيدها لتفادى غرامات التأخير التى ترفع الفائدة إلى 150%، مؤكدا أن الدين الخارجى لمصر لا يزال فى الحدود الآمنة بنسبة لا تتعدى 16% من إجمالى الناتج المحلى.