عادت فتنة فصل الدين عن السياسة داخل الإخوان من جديد، بعدما أثارت مقالات لقيادات إخوانية بارزة عارضت دعوات فصل العمل الدعوى عن السياسى السياسة عن الدعوة، فيما طالبت قيادات إخوانية أخرى التنظيم بأن يسير كما سارت حركة النهضة التونسية.
بدوره أشاد جمال نصار، المستشار الإعلامى لمرشد الإخوان السابق، بالخطوة، التى اتخذتها حركة النهضة التونسية مطالبا فروع الجماعة بأن يسيروا على خطاها.
وقال نصار فى مقال له نشره الموقع الرسمى للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، إن ما فعلته حركة النهضة هى خطوة مهمة فى فصل العمل الدعوى عن السياسى، وأهدافها واضحة، مطالبا فروع الجماعة بأن يقلدوها.
فيما أعلن عزام التميمى القيادى الإخوانى المقيم بلندن، أن الدعوات التى انطلقت تدعو لفصل العمل الدعوى عن السياسى مختلفة من فرع لفرع، أن أسبابها فى إخوان تونس تختلف عن إخوان مصر، متابعا: "أن تداعيات المشاركة فى العمل السياسى للإخوان كانت شديدة الوطأة على الجماعة وعلى أفرادها، فعالم السياسة يضع الممارسين لها على المحك، ويختبر النفوس حتى يكاد يزهقها، ويكشف فى الممارسين من الخصال ما كان سهلاً عليهم من قبل إخفائه، ويشعل نار التنافس على الدنيا بين بعض من كانوا يدعون الآخرين إلى أسمى درجات الزهد فى الحياة.
وأضاف فى مقال له عبر أحد المواقع التابعة للإخوان، أن مشاركة الإسلاميين فى السياسة كانت قصيرة الأمد، إلا أن تداعيات المشاركة الأولى ظلت تتفاعل داخل أجسام الحركات الإسلامية الإخوانية، فظهرت كتل داخل الجسد الواحد أطلق عليها حمائم وصقور تارة، ومعتدلون ومتشددون تارة أخرى، تتباين فى الظاهر حول الرؤية والوسائل، وإن كانت فى الحقيقة تتنافس على السلطة داخل الحركة وعلى مواقع القيادة فيها.
واستطرد: "جاءت انطلاقة الثورات العربية منقذة للتنظيمات الإخوانية، حيث تراجعت حدة الخلافات وانشغل الجميع، طوعاً أو كرهاً، فى تجيير وتسيير الانتفاضات، موضحا أنه بعدها واجهت فروع الأخوان فى مصر ضربات قاصمة، وفى دول الجوار فأربكت صفوفهم، ودمرت بنيانهم وسعرت ما كان بين تياراتهم من خلافات سرعان ما أفرزت انشقاقات كما حدث فى الأردن مؤخراً.
وتابع التميمى: "فى هذه الأجواء المهددة لكل تنظيم إسلامى سياسى، باتت أولوية حركة النهضة فى تونس هى الحفاظ على أكبر قدر من المكتسبات ودرء أكبر قدر من المهلكات، وأدركت أن إصرارها على هذا المكسب سيوردها المهالك، وسيكون مصيرها هو ما آلت إليه أوضاع الإخوان فى مصر، فبدأت سلسلة من التنازلات الطوعية، واجتهدت من الإجراءات.
وقال التميمى: "بطريقة أو بأخرى تشكلت لدى قيادة حركة النهضة قناعة بضرورة إعادة التموضع وإعادة التشكل حفاظاً على الذات، وبضرورة إصدار سلسلة متتابعة من التطمينات إلى كل من يهمه الأمر محلياً وإقليميا ودوليا.
وتابع التميمى: "دافع قيادة حركة النهضة الرئيس إلى الرغبة فى الفصل بين الدعوى والسياسى هو تطمين الخصوم والمنافسين وليس حل إشكال تنظيمى داخلى، رغم احتمال أن يكون ذلك أيضاً سبباً وارداً، إلا أن الاكتفاء بالإعلان عن تحول النهضة إلى حزب سياسى لا يمارس العمل الدعوى والسكوت عن البديل الذى ستوكل إليه مهام الدعوى أثار فضول الكثيرين".
واستطرد التميمى: "لو أن قيادة النهضة أبقت على النهضة كحركة إسلامية دعوية وأسست حزباً يكون ميداناً سياسياً لنشاط أتباعها لربما سهل علينا استيعاب الفكرة وتصور المشروع، لكن أن تتحول الحركة الإسلامية الدعوية إلى حزب سياسى بحت، وأن يصبح شيخاها الغنوشى ومورو، سياسيين لا علاقة لهما بالدعوى".
من جانبه عاد القيادى الإخوانى عامر الشماخ لمهاجمة من يدعون لفصل العمل الدعوى عن السياسة، قائلا عبر صفحته على "فيس بوك": "هل تدرون ماذا يعنى فصل الدعوى عن السياسى؟، بدلا من أن يكون لديك سياسيين سيكون لديك شبيحة فاقدو الأخلاق، يجرحون المنهج الإسلامى؛ فإذا أردت تقويمهم قيل لك: "هذه هى السياسة وأنت لا تفهم أحابيلها".
واستطرد شماخ: "أود أن يدلنى واحد ممن يتبنون مسألة الفصل على الفرق وقتها بين أخلاق مسئول الحزب عندنا، الذى صار يستنكف الموعظة ودروس التربية".