سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 يوليو 2008 .. وفاة المفكر عبدالوهاب المسيرى بعد رحلة مع مرض السرطان بدأت يوم انتهائه من تأليف موسوعته «اليهود واليهودية والصهيونية».. وشائعة تتهم الموساد

يوم أن انتهى المفكر الدكتور عبدالوهاب المسيرى، من إنجاز مشروعه الفكرى الكبير «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية» فى 8 مجلدات عام 1999، تلقى خبرا حزينا وهو «وفاة زوج ابنته»، ويصف حالته حين تلقى الخبر: «زلزل كيانى، ولاحظت أننى بدأت أفقد القدرة على النطق أحيانًا».. يضيف فى سرده لرحلة حياته «رحلة عبدالوهاب المسيرى الفكرية»، إعداد دكتور عمرو شريف: «تمرد جهازى العصبى علىّ، وأخذ يتصرف بإرادته مستقلًا عنى، بعد أن وضعته داخل ثلاجة مدة ربع قرن، إذ قرر أن يستجيب وبحدة لأى شىء دون تدخل واع منى، فكنت حين أود عبور شارع ما أخاف، رغم معرفتى الواعية بأن العبور لن يسبب لى شيئًا، فكانت قدماى لا تتحركان، وكنت أضحك من توقفى، ومرة قبلنى طفل صغير فتأثرت كثيرًا، وأصيبت بدوار شديد كدت أسقط على أثره، ومرة أخرى رأيت خادمة صغيرة تحمل أثقالًا، فحزنت من أجلها، وأصيبت بما يشبه الشلل وهكذا». كان هذا الزلزال مفتتحًا لرحلة أخرى من المرض، بدأت بشعوره بألم فى ظهره، وتبين أنه مصاب بالسرطان فى نخاع العظام، ولأن هذا التدهور كان مفاجئًا فإن هناك من ربطه بإسرائيل، فحسب قوله: «لأن التدهور فى حالتى الصحية بدأ يوم أن انتهيت من الموسوعة، انتشرت شائعة طريفة فى القاهرة مفادها أن الموساد هى التى تسببت فى إصابتى بالمرض». انتقل «المسيرى» من حالة الالتزام الصارم بما فرضه على نفسه طوال 25 عامًا، لإنجاز موسوعته المتفردة، إلى حالة تأمل الحياة أثناء المرض، ويتحدث عن الحالة الأولى، لإنجاز الموسوعة والتى بلغ عدد كلماتها ما يزيد على مليونى كلمة: «كان علىّ أن أتبع نظامًا حديديًا فى حياتى، فأهملت الكثير من مسؤولياتى العلمية، وضمرت حياتى الاجتماعية إلى حد كبير، كنت أستيقظ فى الصباح المبكر قبل السادسة، وأبدأ فى الكتابة حتى الثانية عشرة مساء لا أتوقف إلا لتناول وجبات الطعام أو النوم ساعة فى الظهيرة»، أما الحالة الثانية وهى حالة المرض فيقول عنها: «تعلمت أنا الذى لم أمرض مرة واحدة تقريبًا فى أثناء كتابة الموسوعة، كما أعددت عشرات المشروعات البحثية فور الانتهاء منها، بل وكنت أتحدث عن السيطرة على الجسد، تعلمت حدود الجسد الإنسانى وحدود المقدرة الإنسانية، بدأت أتعاطف مع المعوقين أكثر من ذى قبل، وتعلمت أنه لا يوجد مرضى، أى أنه لا توجد قوانين عامة للمرض، وإنما يوجد أشخاص يصابون بمرض ما، ويستجيب كل واحد منهم بطريقة مختلفة، وتعلمت أهمية أن يقف المرء إلى جوار الآخرين فى لحظات الشدائد». هكذا سارت حياة هذا المفكر العظيم الذى اعتنق «الماركسية» فى شبابه، وأصبح عضوًا فى الحزب الشيوعى «حدتو» عام 1955، ومسؤولًا حزبيًا عن مصنع «شربيط لتجفيف البصل» فى «الحضرة» بالإسكندرية.. يتذكر هذه الأيام قائلا: «من الطريف أننى بموضوعية وأمانة كاملتين كنت أبين لهم فى الحزب أنه يجب ألا أصعد بسبب خلفيتى البرجوازية، ولا بد من اختبارى والتأكد من نقائى الأيديولوجى»، ومع هذا استمروا فى تصعيدى، ووجدتنى مسؤولًا عن خلية، وعضوًا فى لجنة منطقة الرمل»، ولما أصبحت مسؤولًا حزبيًا عن مصنع «شربيط» نجحت فى تنظيم إضراب للعمال، ولكن والحق يقال كنت أشعر بأن وجودى بينهم كان نشازًا، إذ أن درجات الفقر بين بعضهم لم تكن تصدق، وكانت تتزايد بسبب الإضراب، فكان هذا يصدمنى ويولد إحساسًا عميقًا بالذنب بسبب مستواى المعيشى المرتفع». قدم «المسيرى» استقالته من الحزب الشيوعى، ثم هجر الماركسية كمعتقد، وفيما بعد سخر كل شىء فى حياته لأجل مشروع «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية»، وحين انتهى منه دخل فى مشروع المرض وظل به حتى وافته المنية ليل «الأربعاء، الخميس، 3 يوليو، مثل هذا اليوم، عام 2008».. وكان عمره 70 عاما، «مواليد 1938 مدينة دمنهور - محافظة البحيرة». فى شهوره الأخيرة لم يقعده المرض بكل قسوته عن معارضة نظام الرئيس حسنى مبارك، فتولى موقع «المنسق العام لحركة كفاية» التى تشكلت لرفض تجديد مبارك لترشيحه لرئاسة الجمهورية عام 2005، ورفعت شعار: «لا للتمديد، لا للتوريث».. وقاد مظاهراتها وتم القبض عليه وزوجته وثلاثين آخرين أثناء مظاهرة يوم 17 يناير 2008، وحملتهم سيارة من قلب القاهرة وألقت بهم فى الصحراء، وأثار هذا التصرف الغضب وقتها، مما جدد الاتهامات بالتقاعس عمدًا عن علاجه على نفقة الدولة، وكان الأمير السعودى «عبدالعزيز بن فهد» هو الذى يتحمل نفقات علاجه.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;