يقف على عربته الألوميتال متبسما، يرتدى قميصه الأسود ومريلة الشيف الأبيض، وقفازات يده البيضاء تختفى بين لون عجينة الزلابية أو لقمة القاضى البيضاء.
فى البداية تراه يتحرك بخطى سريعة وأداء مرتب ومنظم، يخطف قطعة العجين ويضغطها بقبضة يده حتى تخرج من بين أصابعه كروية الشكل ليلتقطها بملعقة صغيرة ثم يعيدها مرة أخرى، ثم يلقيها فى إناء الزيت المغلى ويخرجها قبل أن تتم نضجها، ليعديها بعد دقائق مرة أخرى للزيت حتى تصبح "مقرمشة" ثم يصب عليها العسل أو السكر البودرة.
خلف الزيت والعسل والسكر البودرة والوجه الباسم.. قصة كفاح لشاب سورى لم يتجاوز عامه الرابع والعشرين، عاصر أحداث سوريا وجاء لمصر باحثا عن جذور أبيه ليخوض مرارة البحث عن عمل.
محمد جلال من أب مصرى وأم سورية، لم تطأ قدماه مصر على مدار 18 عاما، رغم أن والده من الزقازيق بمحافظة الشرقية، لكن بعد الأحداث عاد لمسقط رأس أبيه، وعاش فى مدينة العاشر من رمضان هو وأشقاؤه الثلاثة وظل يبحث عن عمل حتى حصل عليه فى إحدى شركات الطعام وأعجب بشيف مصرى يصنع الزلابية ، فتعلمها منه وأصبحت مهنته.
يحكى محمد لـ"انفراد"، قصة تعلمه الزلابية وعشقه لها حتى أصبحت مهنته، وكيف كان يوزعها مجانا حتى ذاع صيته وأصبح له زبائنه من الأطفال الذين يسعون وراءه من مكان لآخر..
لا يمكنك للوهلة الأولى أن تعرف أنه ليس مصريا، فلهجته باتت أقرب للهجة المصرية، وبشاشة وجهه ايضا امتزجت بالروح المصرية.. يحكى عن رحلته فى البحث عن عمل ، حتى أصبح صانع زلابية قائلا: " الإيد الشقيانة شبعانة والشغل مش عيب ، أنا بشتغل وبدرس فى ذات الوقت ، فأنا طالب فى الصف الثالث بكلية التجارة جامعة الزقازيق، والأوسط فى أسرة مكونة من 6 أفراد 4 أشقاء وأب وأم، وكلنا بندرس ونشتغل".
وعن حجم الأرباح من بيع الزلابية، أكد محمد أنها مشروع مربح، قائلا: " لما الشغل يكون بسيط بكسب يوميا مش أقل من 200 جنيه لكن يومى الخميس والجمعة بعدى ال 400 جنيه فى اليوم ، وفى الأعياد والمناسبات ممكن المكسب يبقى أكثر".
ورفض محمد الإفصاح عن سر الصنعة ، قائلا " دا سرى .. سر الشيف ".