انتبهت الدولة المصرية فى أعقاب فض اعتصامى رابعة العدوية وميدان النهضة وانتشار العمليات الإرهابية ضد الشعب المصرى فى عام 2013، بعد قيام قيادات وكوادر تنظيم الإخوان الإرهابى بإعادة تدبير الموارد المالية كإحدى ركائز دعم الحراك المسلح، إلى ضرورة تجفيف منابع تمويل الإرهاب من خلال التحفظ على أموال القيادات والمليارديرات الإخوانية.
مصر اتخذت تكتيكا استباقيا بضرب منابع تمويل الإرهاب ماديا ومعنويا خلال مدار 8 سنوات الماضية ففى سبتمبر 2013 صدر محكمة الأمور المستعجلة بعابدين، حكما يقضى بحظر نشاط جماعة الإخوان والفروع المنبثقة منها والتحفظ على أموالها، وإلزام الحكومة بتشكيل لجنة لإدارة أموال الجماعة.
وفى أكتوبر 2013 شكلت الحكومة لجنة لحصر وإدارة اموال جماعة الإخوان والتى قامت بحصر الأعضاء التابعين للجماعة ممن تورطوا فى تمويل الإرهاب وبلغ عددهم 1589 عنصرا على رأسهم خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة الإرهابية وأحد أكبر الممولين للعمليات الإرهابية، حيث أصدرت اللجنة بتنفيذ التحفظ على تلك العناصر بجانب 118 شركة، و1133 جمعية أهلية، و104 مدارس، و69 مستشفى، و33 موقعًا إلكترونيًا وقناة فضائية.
وخلال عام 2014، واصلت لجنة التحفظ على أموال باقى العناصر الارهابية من خلال التحفظ على أموال 572 قيادية إخوانية، وفى ظل دور الدولة فى وقف تمويل الإهارب الذى كان يتزايد بشكل كبير، بدأت الجماعة الإخوانية فى معركة قضائية داخل أروقة المحاكم على اختلاف درجاتها حول مدى قانونية قرارات التحفظ التى أصدرتها لجنة حصر وإدارة أموال الجماعة باعتبارها لجنة غير قضائية، وذلك حتى يتمكنوا من رفع يد الدولة عن اموال تمويل الإرهاب.
وفى عام 2015، صدر القانون رقم 8 لسنة 2015 فى شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، والذى بموجبه اسند للنيابة العامة القيام بإعداد قوائم باسماء الإرهابيين والكيانات الإرهابية، وعرضها على إحدى الدوائر الجنائية للفصل فيها، ووفقاً للقانون يترتب على قرار الإدراج تجميد الأموال والتحفظ عليها والمنع من السفر والوضع على قائمة ترقب الوصول، ويكون الطعن على قرارات الإدراج أمام محكمة النقض.
وقامت لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان بتقديم بلاغات للنيابة العامة لإدراج الأشخاص والكيانات المتحفظ عليها على قوائم الإرهاب، كاحد الحلول القانونية لتحصين قرارات اللجنة من إلغاء.
وخلال عام 2018 صدر القانون رقم 22 لسنة 2018، بشأن التحفظ والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية والإرهابين والذى منح محكمة الأمور المستعجلة وحدها دون غيرها، نظر قرارات التحفظ على الأموال، التى تصدرها اللجنة، حيث نص القانون على إنشاء لجنة مستقلة فى أدائها لعملها ذات تشكيل قضائى، تختص دون غيرها باتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو شخص ينتمى إلى جماعة أو جماعات إرهابية.
ومع تضيق الخناق على أموال الإخوان أضطرت إلى اللجواء إلى عدد كبير من رجال الأعمال غير المنتمين تنظيميا للجماعة وعقدوا عقود صورية من أجل امداد التنظيمات الإرهابية بالأموال.
وتوصلت الدولة إلى أن جماعة الإخوان بعد التحفظ على قياداتها اضطلاع قيادات التنظيم الإرهابى داخل البلاد بقيادة محمود عزت القائم باعمال المرشد بالتعاون مع قيادات الجماعة الإرهابية الهاربين بالخارج بتوفير الدعم اللوجيستى والمبالغ المالية بصفة شهرية للإنفاق على الأنشطة والعمليات الإرهابية التي ينفذها عناصر الحراك المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها بالداخل، المتمثلة في حركتَى حسم ولواء الثورة، وتسهيل حصول العناصر على الأسلحة وتصنيع المتفجرات وتدبير مأوى وملاذ آمن لاختبائهم، وكذا أماكن لتدريبهم عسكريا من خلال رجال اعمال غير معروفين للأجهزة الأمنية.
وبعد القاء القبض على محمود عزت تم الكشف عن تورط العديد من رجال الاعمال فى تمويل الارهابو قامت لجنة التحفظ والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الارهابية بالتحفظ على أموال هؤلاء الشخصيات وبلغ عددهم 12 رجل أعمال منهم صفوان ثابت مالك شركة جهينة للألبان، والسيد رجب السويركى مالك سلسلة محلات التوحيد والنور، وسمير تحسين عفيفى المساهم الأكبر فى شركة النيل لحليج الأقطان ، ومحمد منصور أبو عوف صاحب شركة ماى وى ايجيبت، وشقيقه مصطفى منصور صاحب شركة اكسترا تورز للسياحة، وياسر ممدوح محمد صاحب شركة ميروزا للعقارات، ومحمد الاكردى الهارب للخارج وصاحب شركة سياحية بتركيا، وأمل محمد أسعد طه نجلة مرشد الإخوان بطنطا وعبد الرحمن محمد أحمد فوزى القاضى وأشقائه أصحاب مدارس البشاير بالمعادى وآخرين.
وفى عام 2021 أصدرت الدائرة الأولى بمحكمة الأمور المستعجلة، بنقل أموال 89 إرهابيا من قيادات وعناصر جماعة الإخوان لخزانة الدولة فى الدعوى المقامة من رئيس لجنة التحفظ على أموال الإخوان، والتي طالب فيها بالتصرف في تلك الأموال المتحفظ عليها.
فيما رصدت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلال الفترة الماضية عدد من الحسابات الخاصة ببعض العملاء لدى بنوك مصرية وأجنبية داخل مصر، جرت من خلالها تحويلات بعشرات الملايين من الجنيهات، بما لا يتماشى مع تواريخ تلك الحسابات أو طبيعة نشاط العملاء، إضافة إلى تتابع عمليات التحويل والتعامل على الحسابات بشكل غير مبرر من خلال بنوك وشركات بالخارج والداخل.
وشملت أكثر من 7 حسابات خاصة، إلى جانب حسابات تخص شركات تعمل فى مجالات تجارية واقتصادية متنوعة، وغيرها لا يُعرف نشاطها على وجه التحديد، وشهدت كل تلك الحسابات تحويلات على فترات متباعدة من حسابات فى دول عديدة بأوروبا وشرقى آسيا.
وبالتحرى تبين أن تلك الأسماء لا تنتمى لجماعة الإخوان الإرهابية تنظيميا، وإنما من الموالين والمتعاطفين، وأنه ربما يكونون وسيلة بديلة تستغلها الجماعة وقيادات التنظيم الدولى لتأمين منافذ أخرى لتمرير الأموال والتحايل على الحصار الخانق الذى تفرضه الجهات الأمنية على كوادر الجماعة، لتعويض القنوات الأخرى التى تمكنت لجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية من القضاء عليها، وانقطاع التمويل عن الكيانات والمؤسسات المملوكة للإخوان.
وتمكنت الدولة على مدار الـ8 سنوات الماضية مع كشف جميع الاساليب الاحتيالية التى لجأت اليها الجماعة الإرهابية لتمويل الارهاب الأمر الذى أدى إلى تجفيف منابع شراء الأسلحة والمتفجرات والقضاء على استقطاب الشباب بالمال ومعسكرات التدريب، ولاول مرة تسجل عمليات الارهابية خلال العام الماضى والجارى صفر عملية.