8 أعوام من التجارب البحثية، وجمع العينات، استغرقها باحث مصرى بكلية الزراعة جامعة المنيا، بالتعاون مع المركز الجيولوجى للتعدين، لكى يتوصل مؤخرًا لاختراع مخصب حيوى للتربة من مكونات طبيعية 100%، ولا يتخللها أى مواد كيميائية، للحصول على محاصيل زراعية بجودة أعلى وتكلفة أقل آمنة على صحة الإنسان.
"عالم الوراثة النباتية الدكتور عمر فتحى داخلى رئيس قسم الوراثة بكلية الزراعة جامعة المنيا" صاحب هذا الاختراع الذى اختار له اسم "فلاح 50 وفلاح 51 "، وتحدث موضحا "هذا المخصب الزراعى هو مخصب حيوى عبارة عن مركبات طبيعية تعطى التغذية الكاملة للنبات بالأزوتين والفسفور والبوتاسيوم والمعروفة بالعناصر الكبرى، والمعروفة أن المخصبات الحيوية لها من العديد من الفوائد، حيث إنها ترفع من درجة المادة العضوية بالتربة وتجعلها أكثر حيوية، ما ينتج عنه حاصلات زراعية صحية وخالية من المسببات المرضية لكونها عوملت بالتغذية السليمة".
ولم يقف الاختراع عند هذا الحد، بل توصل إلى التغلب التام على مقاومة ومكافحة أمراض النبات من جميع أمراض النيماتودا كبديل صحى وآمن للمبيدات المستوردة كمبيدات كيميائية سامة وملوثة للتربة والبيئة للعديد من الزراعات، وأيضًا جميع أمراض الجذور وأعفان الجذور وأيضًا المركبات المقاومة لجميع أمراض المجموع الخضرى من الندوة المبكرة والمتأخرة والبياض الزغبى والدقيقى التى تصيب الزراعات المختلفة من الخضراوات والمحاصيل البستانية.
وأكد عمر فتحى أن هذه المنتجات تباع بسعر مدعم لا يضاهى سعر المنتجات الكيماوية غالية السعر والضارة بالبيئة وصحة الإنسان، ويمكن توافرها من خلال كلية زراعة المنيا أو المركز الجيولوجى.
"انفراد" التقى المهندس نظمى عبد البر رئيس المركز الجيولوجى للتعدين بالمنيا، والذى أكد أن اختراع "فلاح 50" و"فلاح 51"، عبارة عن مخصب حيوى يستخدم لأنواع التربة والمحاصيل الزراعية كافة، بداية من شتلة البقدونس وحتى الغلة "القمح"، وله تأثير كبير فى تحسين جودة خصوبة التربة وجودة المحاصيل وكميتها وطعمها، بالإضافة إلى أنها آمنة تماما على صحة الإنسان حيث تصنع من مواد طبيعية تماما وخالية من أى شوائب كيميائية.
وقال "عبد البر" إن العالم المصرى الدكتور عمر فتحى أجرى العديد من الأبحاث حتى توصل لاختراع هذا المركب، حيث قام بجمع عينات من الطمى من وراء السد العالى ومن السودان، ومن الأراضى المصرية التى لم تلوث بالأسمدة الكيماوية، وتوصل لعمل بنك كامل من سلالات كائنات حية دقيقة، والتى تكاثرت بحجم رهيب حتى تعطى عائدا سريعا للزراعة.
ومن خلال التطبيقات العلمية التى أجريت منذ عام 2014، توصل الباحثون إلى أن الحاصلات الزراعية كافة التى تتغذى بهذا التكنيك صحية تمامًا وخالية من المسببات المرضية، وطعمها جيد جدا، كما أجرى على هذا الاختراع – حسب عبد البر – قرابة 50 رسالة ماجستير ودكتوراه على المركبات التى اخترعها عالم الوراثة، أثبتت جميعها عدم وجود أى آثار جانبية لهذه المركبات.
وأكد عبد البر أن مخصب الفلاح 50 يحتوى على عدد 15 عنصرا معدنيا طبيعيا وغير كيميائى، وأيضا لدينا الإمكانية بتحويل التربة الجديد والمستصلحة وغير الزراعية إلى أجود أنواع التربة الزراعية برفع كفاءتها ودرجة خصوبتها باستخدام مخصب الفلاح 51 الذى يحتوى على عدد 16 عنصرا معدنيا، ولهذا فهو يفيد جدا فى المشروع القومي باستصلاح المليون ونصف فدان لجعل التربة قابلة لاستزراع أى زراعات استراتيجية أو بستانية أو خضراوات وبدون مستجدات للمشاكل حيث المخصب يحافظ تماما على البيئة ولا يرفع من درجة الملوحة بالتربة لكونه مركب طبيعى.
وحول جرعات استخدامه، أوضح عبد البر أنه يضاف بجرعة سنوية مرة واحدة فقط لتميزه بالتحلل البطىء، ويزيد من كفاءته ضرورة استخدام المخصبات الحيوية لاستكمال دورة التغذية المتكاملة بعمل تيسير امتصاص واستخلاص عنصر الفسفور الأحادى، وهو الأمر الذى حقق نتائج فعلية فى مختلف الأماكن بالمحافظات.
ودعا عبد البر الفلاحين والمشتغلين بالزراعة إلى ضرورة التوجه لاستخدام تلك المخصبات الأرضية الطبيعية المجربة لكونها بدائل صحية وآمنة ورخيصة الثمن إذا ما قورنت بالأسمدة الكيميائية، والتى أثبتت زيادة حقيقية وفعلية فى إنتاجية الفدان من المحاصيل الاستراتيجية، منها على سبيل المثال الذرة الشامية التى نستورد احتياجاتنا منها بنسبة تزيد عن 80%، وأيضا زيادة إنتاجية الفدان من الأقماح المصرية، فضلا عن جودة الأصناف وزيادة مميزاتها حيث حصلنا على نسبة زيادة 20% من استخراج الدقيق الصافي فى الأقماح لنصل إلى 92% استخراج دقيق صافى والباقي ردة ونخالة ولدوام المحافظة على البيئة والتربة ورفع درجة خصوبتها ومحتواها من المادة العضوية.
ودلل رئيس المركز الجيولوجى على أهمية الاختراع الجديد وفوائده، بأن هناك مادة يتم رشها على المحاصيل قبل الجمع بثلاثة أيام تمنع إفسادها سريعا بفعل عوامل الجو، ما يعظم الفوائد الاقتصادية، ضاربا مثل بالفراولة المعروف عنها سرعة التلف، حيث تم رش هذه المادة الطبيعية الآمنة على المحصول قبل جمعه، فاستمر 15 يوما بالسوق خارج الثلاجة دون أن يتلف، وهو ما يعد تطورا كبيرا فى تقليل كميات الفاقد من المحاصيل نتيجة نقلها وحتى بيعها للمستهلك.
فيما تسعى كلية الزراعة بالتعاون مع المركز الجيولوجى للحصول على تصديق وزارة الصحة على هذا الاختراع حتى يمكن توسيع انتشاره، حسب ما أكده المهندس نظمى عبد البر، والذى يباع بسعر 1400 جنيه للطن ويستخدم مرة واحدة سنويا كما سبق الذكر، وهو سعر منخفض كثيرا عن الأسمدة الكيماوية التى تبدأ أسعارها من 2400 وحتى 4 آلاف جنيه للطن، وتستخدم مع كل زراعة أى أكثر من مرة سنويا، ويستخدم معها مضيفات أخرى، فى حين أن المخصب العضوى الجديد لا يستخدم معه أى إضافات لأنه يحتوى على العناصر التى تحتاجها الأرض الزراعية، ويمكن الفلاح من تصدير محصوله بسهولة، دون أن يتم رفضه لوجود بواقى نسب كيماوية كما حدث من قبل مع العديد من المحاصيل التى تم رفض تصديرها للخارج.
وأوضح عبد البر أنه عند الحصول على إجازة وزارة الزراعة سيمكن تصديره للخارج خاصة لدول أوروبا، حيث بدأت مفاوضات فعلية لتجربته بالخارج، مؤكدا صلاحيته تماما للتربة الأوروبية لأنها حامضية والمركب قاعدى يمكنه معادلة حموضة التربة.
وحاور "انفراد" عددا من الفلاحين الذين استخدموا هذه المركبات الجديدة من محافظات مختلفة، أجمعوا على ملاحظة فروق كبيرة فى جودة المحاصيل وخصوبة التربة رغم قصر مدة استخدامهم لها.
"عبد الحميد حسن" مزارع من مركز طوخ بمحافظة القليوبية، يزرع الموالح بأنواعها، ويستخدم المخصب العضوى الجديد منذ شهر مارس الماضى، كانت تعانى زراعته من آفة النيماتودا، وبعد استخدام المركب الجديد بحوالى 30 يوما لاحظ تراجع نسبة الإصابة بصورة كبيرة، قائلا "الشهادة لله أنا حاسس إن فيه تقدم فى العلاج وماشى بتعليمات العلماء وقاربت على الاستغناء عن المواد الكيماوية تماما".
أما أبو مدين كمال فهمى مزارع من مركز سمالوط بمحافظة المنيا، استخدم مركبات فلاح 50 منذ شهر مارس الماضى فى زراعة الموز، وهى فترة ليست طويلة، إلا أنه أكد ملاحظته فروقا كبيرة من حيث زيادة نسبة الخضار وسرعة النمو، ولكن الأثر الحقيقى على زيادة الكمية والجودة يظهر فى أكتوبر المقبل عند جمع المحصول.
وقال محمد شوقى مزارع من مركز القوصية بمحافظة أسيوط "أنا باستخدم المركبات من 5 شهور واتضح أنه مخصب حيوى جيد جدا".
وتابع شوقى أنه استخدمه فى زراعة الطماطم فى الموسم الأخير، موضحا أن المركبات تستخدم فى تسميد التربة ويتم رشها على المحصول من الخارج فى حالة وجود آفات، وجميعها مواد طبيعية 100%، جعلته يستغنى تماما عن المواد الأسمدة الكيماوية، خاصة أن المخصب الحيوى أرخص كثيرا من باقى المركبات.
وعن كيفية معرفته بهذا المنتج الجديد، قال شوقى إنه تعرف عليه من خلال قناة مصر الزراعية، وطلب الحصول عليها تليفونيا من كلية الزراعة ومركز التعدين، وقام بإرسال المبلغ بحوالة بريدية، ووصلته المنتجات إلى منزله.