فى رمضان 2015 كانت البداية، وفى 2016 تحول إلى عادة.. إنه إفطار "الأسرة المصرية" الذى حوله الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تقليد هدفه كما قال "الحفاظ على الثقافة والهوية المصرية"، وتأكيد أيضًا حرص المصريين على ترسيخ العادات والتقاليد فى وجه محاولات تسعى لإضعاف الهوية المصرية أو العمل على تغييرها.
أكثر من 600 شخص لبوا دعوة الرئيس على حفل الإفطار، من الصعيد وسيناء والنوبة وأسوان والدلتا والقاهرة والإسكندرية، فنانين ومثقفين وصحفيين ومذيعين وإعلاميين ورجال أعمال ووزراء، شباب وشيوخ، خليط واسع من كل أطياف المجتمع المصرى تجمعوا كلهم تحت خيمة واحدة وهى خيمة "الأسرة المصرية" التى أعاد من خلالها الرئيس السيسى ترسيخا جديدا للقيم المصرية الأصيلة التى تجيد تحويل المناسبات الدينية والروحانية والتاريخية إلى مناسبات تجمع كل المصريين تحت راية واحدة وهى حب مصر.
لن أتحدث عن رسائل الرئيس التى أطلقها خلال حفل الإفطار، لكنى سأتحدث عن الحالة التى سادت بين الحضور، حالة التلاحم والترابط الشديدة بين كل فئات المجتمع المصرى، لا فرق بين رجل أعمال وبين شاب ما زال يبحث عن مستقبله، ولم يكن مستغربًا أن يستغرق وزير أو مسئول فى حوار مع مصرى قادم من إحدى محافظات الصعيد أو سيناء أو الدلتا على قضية تهم القرية أو المدينة الآتى منها، وكم من حوارات رأيتها تدور بلا حواجز بين مواطنين من الصعيد مع وزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار، ونقاش بين عدد من الحضور مع رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، وربما شجع على ذلك توزيع الحضور فى القاعة.
التوزيع داخل القاعة التى شهدت حفل إفطار الأسرة المصرية يبدو أنه اختير بدقة شديدة، ليحدث تلاحم بين الحضور، فالموائد لم تكن مخصصة طبقًا للتوزيع الجغرافى أو النوعى للحضور وإنما شهدت تنوعًا بين الحضور، فعلى مائدة الفنانين يحيى الفخرانى وأشرف عبد الباقى جلس طلبة من كليتى الشرطة والحربية، وبجوار الكينج محمد منير والفنان محمد هنيدى والفنانة غادة عادل وزوجها المنتج الكبير مجدى الهوارى والملحن عمرو مصطفى كان المشاركون من الصعيد وسيناء ومرسى مطروح، وعلى مائدة وزير الداخلية جلس المهندس محمد الأمين والكاتب الصحفى عادل حمودة والإعلامية لميس الحديدى، وعلى بقية الموائد توزع الحضور، الفنان حسين فهمى، والكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد والكاتب الصحفى حمدى رزق ومحمد عبد الهادى علام رئيس تحرير الأهرام، وعلاء حيدر رئيس مجلس إدارة وتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، ورجال الأعمال محمد زكى السويدى ومحمد فريد خميس وأحمد بهجت، وسياسيين ونواب بالبرلمان، ووزراء كانوا متفاعلين مع الحضور فى نقاشات وحوارات كثيرة.
توزيع الحضور فى الإفطار كان تمثيلاً للمائدة الرئيسية التى جلس عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى وبجواره رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، فمن ينظر لهذه المائدة سيرى مصر ممثلة بكل طوائفها، فبجوار الرئيس جلس ممثل من شمال سيناء، وممثل من الصعيد، وأم مثالية (والدة شهيد جيش)، وممثل النوبة، ووالدة شهيد شرطة، ورياضى من ذوى الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى الحاجة مكة عبد المولى عضو المجلس القومى للمرأة.
حقًا نعم إنها مائدة تمثل مصر كلها، لذلك انطلقت منها الخماسية التى ركز عليها الرئيس فى حفل الإفطار هذه المرة كأساس وطريق لتقدم مصر، وهى خماسية "العمل والصبر والإخلاص والأمانة والشرف" التى قال الرئيس إنها أساس لتقدم الأمم، داعيًا المصريين للتحلى بهذه الصفات.
الأمل والثقة هما ما أراد الرئيس التأكيد عليهما خلال كلمته بالحفل، خاصة حينما تحدث عن مرور عامين من مدة رئاسته الأولى، وقوله "خلال الفترة اللى فاتت حاولنا إننا نقدم ما تم إنجازه لكم من خلال افتتاح بعض المشاريع، وهذه إنجازات المصريين مش حد تانى.. اللى عمل ده كله إحنا مش حد تانى واللى تحقق كثير جدًا فى عمر السنتين وفيه حاجات لسه، وفيه حاجات مش هتتقال خالص"، وكذلك حديثه عن حالة الاستقرار والأمن التى شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، فكلها أمور أراد الرئيس تذكير المصريين بها للتأكيد على أن مصر تسير فى الطريق الصحيح، وليقول لهم إنه حينما يتحدث ويطالب المصريين بأن يطمئنوا أن بلدهم فى خير، فهو يقول لهم الحقيقة المدعمة بالأدلة التى لا يغفلها إنسان محايد.
ولا يخفى على أحد أن الرئيس دائمًا حينما يتحدث للمصريين يغلب عليه طابع الشفافية حتى وإن كانت غير مطلوبة من وجهة نظر البعض، لكنه يأخذ الشفافية منهجًا لكل حواراته مع المصريين، وهو ما سار عليه أيضًا فى حفل الإفطار هذه المرة، حينما تحدث عن توجيهه الأخير للحكومة بزيادة الحد الأدنى لجميع المعاشات التأمينية لتصبح 500 جنيه، فهو يريد ألا يكون هذا هو المبلغ النهائى، لأنه يبحث عن الزيادة دومًا "مش كفاية، لكن هل نقدر نخليه أكتر من كده، لو ممكن نقدر نخليه أكبر ومعملناش ده فيبقى إحنا قصرنا فى حق أهلنا"، لكن هناك فارق بين الرغبة والإمكانيات، فالرئيس لديه رغبة حقيقية بأن يلبى كل مطالب المصريين، لكنه محكوم بميزانية دولة عانت الكثير خلال الخمس سنوات الماضية "اللى حدث خلال الخمس سنين اللى فاتوا فيه تكلفة وله تمن.. ولما بنتكلم عن حق أهلنا فى زيادات فمحدش بيجيب حاجة من جيبه، لا ده من جيب مصر"، لكنه أراد أن يشرح ما حدث حتى يكون الجميع مطلعًا على ما يحدث، فى تقليد رسخه السيسى بإطلاع الشعب على تفاصيل ما يحدث ليكونوا على دراية بها.
الرئيس يدرك أيضًا معاناة الأسر المصرية من ارتفاع أسعار السلع، فهو ملم بحجم المشكلة، لذلك تحدث عنها وطالب الحكومة باتخاذ المزيد من الإجراءات لضبط أسعار السلع الغذائية والتخفيف عن كاهل المواطنين خاصة البسطاء ومحدودى الدخل خلال شهر رمضان، وقال إنه يشعر بكل إنسان مصرى يعانى من ارتفاع الأسعار خلال الفترة الحالية، مضيفًا: "لكل إنسان بيعانى إحنا حاسين بيك وشايفينك"، كما وجه حديثه لتجار السلع الغذائية قائلاً: "الأسعار بتيجى فى رمضان وتغلى ليه ونغلى السلع على الناس.. الشهر ده الاستهلاك بيزيد عن كل شهور السنة حوالى 20% فالمفروض الأسعار مش تزيد"، مضيفًا للتجار: "أرجو إنكم تترفقوا وتحنو على أهلكم اللى هما المصريين".
انتهى حفل إفطار الأسرة المصرية بشكل أعاد للقيم المصرية وضعيتها، لكن تبقى نقطة مهمة وهى شكر من وقفوا خلف هذه الفكرة وخروجها بهذا الشكل سواء العام الماضى أو هذا العام، وأقصد هنا المكتب الإعلامى للرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى يحسب له خروج حفل إفطار "الأسرة المصرية"، بالشكل اللائق من حيث التنظيم، والتنوع فى اختيار المدعوين، وهو ما يعيد التأكيد مرة أخرى أنه حينما قرر الرئيس إنشاء هذا المكتب وتكليف الدكتورة النشيطة رشا علام بإدارته، ومعها مجموعة رائعة من الشباب والشابات، فإنه كان يبحث دومًا عن النجاح فى التواصل مع المصريين، فرئيس ناجح لا يعمل معه سوى من يطمحون فى النجاح أيضًا.
- بالفيديو..السيسى فى إفطار "الأسرة المصرية": سنحافظ على هويتنا.. وجهت الحكومة بمزيد من ضبط الأسعار..الإنجازات جيدة وفيه حاجات هنعلنها وحاجات لا.. والرئيس لتجار السلع: "ترفقوا واحنوا على أهلكم المصريين"