"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ" ماتت السويسرية إيفيلين بوريه مؤسسة مدرسة الخزف والفخار بقرية تونس بمحافظة الفيوم وبقيت سيرتها وعملها الطيب وأسطورة نجاحها فى تأسيس أول مدرسة لتعليم صناعة الخزف والفخار بقرية تونس بمحافظة الفيوم التى ألحقت بها أطفال القرية من مختلف الفئات العمرية وعلمتهم المهنة وفتحت فصلا للمتسربين من التعليم لمحو أميتهم وعلمتهم التحدث بالإنجليزية حتى أصبحوا من كبار الخزافين فى مصر وساعدتهم لفتح معارض وورش خاصة بهم والمشاركة بمعارض دولية كبرى بمختلف دول العالم، ولم يتوقف دورها هنا فحسب بل خلقت طرازا بيئيا منفردا من العمارة التى تحافظ على الطبيعة فى تأسيس منزلها ومدرستها وبرد الحمام الملحق به حتى خلقت طرازا معماريا وشكل حضارى ساهم فى تحول قرية تونس باكملها إلى قبلة سياحية لمختلف الزوار من مختلف دول العالم.
وبعد وفاتها منذ أشهر قليلة رفض تلاميذ مدرسة إيفيلين أن تغلق مدرستها ولو لساعة واحدة ويستمرون فى العمل كما كانت موجودة.
ويقول حسين السعداوى القائم على العمل بمدرسة إيفيلين أن عمره 34 سنة ويعمل بالمدرسة منذ أن كان عمره 10 سنوات أكد أن من أسس المدرسة إيفيلين أو ام انجلو كما كانت تحب أن ينادونها وأشار إلى انها جمعت أبناء القرية تحت مسمى جمعية بتاح لتعليم أطفال الريف والحضر صناعة الخزف وأشار إلى انها خرجت العديد من الاجيال والقرية حاليا بها أكثر من 27 ورشة لصناعة الخزف والفخار.
ولفت حسين إلى أنهم يعملون بطين يأتون به من اسوان يحتوى على 5 عناصر هى البوركليه وأسوانلى وكولين مصرى وبودرة تلك وحرش وهو الفخار الذى تم حرقه ثم فرمه وتحويله لرمال لصناعة القطع الفخارية ويتم نقع الطين بحوض مياه ثم تصفيتها بمنخل للتخلص من الشوائب ثم نعرضها للشمس وبعد أسبوعين نبتدى فى العمل بضرب الطين جيدا وتفريغها من الهواء وبعد ذلك نعمل على تشكيلها إلى أشكال ومنتجات مختلفة من خلال الدولاب ثم نبطن المنتج بطبقتين ثم نرسم ونلون على المنتج وبعد ذلك نضع الجليز وهى المادة الشفافة اللامع ثم تدخل المنتجات فرن على درجة حرارة 1200 لمدة من 7 إلى 10 ساعات.
جدير بالذكر أن بداية مجيء السويسرية إيفيلين للقرية كانت منذ أكثر من 50 عاما عندما حيث كانت فى زيارة لها مع زوجها الشاعر المصرى سيد حجاب وبعدها انفصلت عن زوجها وسافرت إلى سويسرا ولكن ظل عالقا فى ذهنها مشهد قرية تونس وسحر الطبيعة بها خاصة أنها كانت من المولعين بصناعة الخزف والفخار فعادت تونس مرة أخرى إلى القرية وقررت الإقامة بها وعاشت فيها عمرها تتحدث اللهجة الريفى وتعيش حياة الارياف وأسست منزل من الطبيعة خالى من المواد الأسمنتية وعاشت على اللمبة التى تشتعل بالكيروسين لسنوات وكانت إيفيلين ترفض استحداث اى وسائل للمعيشة وتحب البساطة.
ثم أسست إيفيلين مدرسة تعليم الخوف والفخار ودعت جميع أبناء القرية للعمل معها وتعليمهم مهنتها وبالفعل استجاب أهالى القرية خاصة انهم كانوا يسربون أبنائهم من التعليم للعمل بالحقول وكانت إيفيلين ستقاضيهم نفس الأجر وبدأت فى مصح الأطفال أن يستحون رسوماتهم على الفخار من الطبيعة.
ثم ألحقت بالمدرسة فصلا لمحو الأمية لتعليم الأطفال وبعد سنوات أسسا إيفيلين جيلا كاملا من الخزافين وصناعة الفخار قادرين على عمل ورش للفخار والسفر بمعارض بالعيد من الدول الأجنبية لعرض منتجاتهم وظلت تدعمهم حتى توفت منذ عدة أشهر.
ويقول محمود يوسف صاحب ورشة لصناعة الخزف بالقرية انه يعمل بالمهمة منذ 20 عاما تعلم على يد إيفيلين مشيرا إلى أنه كان يمر من امام مدرستها فى طريقه للكتاب وينظر إليها فاستدعته وطلبت منه أن تعلمه وبالفعل علمته صناعة الخزف والفخار وبدأت احب المهنة وأبدعت فيها وكانت إيفيلين تحرص على إتقانى التفاصيل.
ولفت محمود إلى أن إيفيلين كانت تطلب منه أن يستوحى الرسومات على الفخار من البيئة المحيطة به مثلا أوراق الأشجار والعصافير وغيرها ولم تفرض ابدا شكل أو رسم معين كانت تترك مجالا واسعا لإبداعنا.
ولفت محمود إلى أنه بعدما تفوق فى المهنة ساعدته إيفيلين فى التعرف على خزافين من خارج مصر وسافر إلى فرنسا وعمل فترة هناك كما سافر لعرض منتجاته بالعديد من الدول قائلا "اللى وصلت ليه ولا كان فى الأحلام".
وأكد محمود أن إيفيلين صاحبة فضل على كل أبناء قرية تونس وهى التى هيئت الجو لان تكون قرية سياحية وابداعية وهى السبب فى إنشاء الفنادق والمطاعم والفيلات فى القرية.