بعد انتهاء عرض الـ10 حلقات الأولى من دراما شهر رمضان، أصبح واضحا للجمهور العمل القوى من الضعيف، ورغم يعرض فى الموسم 29 مسلسلا إلا أن هناك 10 أعمال تعتبر الأكثر جماهيرية دون غيرها، يأتى على رأسها مسلسل "مأمون وشركاه" للزعيم عادل إمام ولبلبة وإخراج رامى إمام، إنتاج تامر مرسى.. فبالطبع اسم الزعيم كافيا لوضع العمل فى المقدمة، فهو النجم الأغلى أجرًا والأعلى سعرا فى "ثانية" الإعلان، وينتظره الجمهور العربى كله وليس المصرى فقط.. فى المسلسل يقدم الزعيم كوميديا جديدة ومختلفة بشخصية "مأمون مباشر أبو العطا"، رجل بخيل "جلدة" ما يلبث حتى يصبح حديث الناس والشارع بسبب ثروته التى تعدت المليار رغم تقديمه شهادة للمحكمة تدل على فقره، شخصية "مأمون" تحمل الكثير من المشاعر المتناقضة فهو يحب زوجته "حميدة" لبلبة، لكنه بخيل عليها بمشاعره وأمواله وإحساسه حتى عطفه وحنانه، المسلسل اندمج معه الملايين من جمهور الزعيم فى الوطن العربى، خصوصا وأن المخرج رامى أجاد ضبط الايقاع ووظف كل فنان فى مكانه الطبيعى.. الكوميديا فى المسلسل حقيقية وطبيعية وجديدة لها بناء درامى واستخدم الزعيم حركاته وايفهاته فى تحويل المشهد الدرامى لنكتة "تزغزغ" المشاهد فيستلقى أرضا من الضحك.
عاما بعد الآخر يثبت يوسف الشريف "القيصر" تفوقه على نفسه.. نجم مجتهد ودؤوب، يعمل فى صمت بعيدا عن "الفشخرة" التى يتبعها "محدثى النعمة"، منذ 4 سنوات ومسلسلاته ناجحة دون عن شباب جيله، نجح فى تكوين مدرسة فى الدراما اعتمد فيها على طابع الأكشن والحركة والثراء البصرى، ويحرص دائما على تطوير نفسه وتنمية قدراته التمثيلية التى "تخض" المشاهد على الشاشة، إضافة إلى أنه فنان غير مستهلك فى إعلانات وبرامج، لهذا نجد الجمهور يبحث عنه بمجرد بدء الإعلان عن عمل جديد يقدمه.. فى مسلسله "القيصر" إنتاج تامر مرسى _المعروض على قناة أون تى فى_ خطف يوسف الشريف الأضواء من النجوم الشباب بالمادة الدرامية الشيقة التى يقدمها والمتنوعة بين الأكشن والحركة والجانب والبوليسى، إذ يتعرض لأول مرة للجماعات الإرهابية وتربية أجيال "المرتزقة" حول العالم الذين ينفذون أهداف الجماعة، ويتبين فى المسلسل كيف كان يعمل معها منذ طفولته وطريقة تدربيه على فنون القتال وتنفيذ عمليات القتل والتعامل مع أحدث أنواع الأسلحة، ونجح المخرج أحمد نادر جلال فى توظيفها بالشكل المناسب حتى ظهرت فى صورة مبهرة تحاكى أعمال هوليود.
ثالث الأعمال التى حققت نجاحا مع بداية عرضها مسلسل "أزمة نسب" للنجمة زينة، تأليف محمد صلاح العزب، وإخراج سعيد حامد، فبعد تقديمها شخصية "ليلى" الفتاة الارستقراطية بنت الذوات فى مسلسلها "زواج بالإكراه"، تمردت زينة وظهرت فى ثوب "نعمة" الفتاة الشعبية البسيطة.. من يعرف زينة يدرك أنها ممثلة بالفطرة وتلقائيتها سبب حب الجمهور لها، فشخصية "نعمة" تحوى على الكثير من الانفعالات ما بين الخوف والحب والحنين والقوة والضعف، وأجادت زينة الإلمام بمفرداتها الشخصية وتلبستها تماما وعاشت مفرداتها كما كتبها العزب الذى يجيد العزف على وتر الطبقات الشعبية (ملابسها، تسريحة شعرها، نظراتها، طريقة رقصها بتلقائية مع والدتها "اقتدار" تجسدها سلوى خطاب، حالة السكون، الصمت، الحزن، دموعها) كل ما فيها من إحساس صادق أخرجته زينة على الشاشة.. مشاهدها مع سلوى خطاب ومحمود عبد المغنى وياسر فرج "حقيقية نابعة من القلب"، بها تمثيل بالعيون والإشارة وتعبيرات الوجه، مسلسل "أزمة نسب" أثبت أن أسهم زينة فى تصاعد مستمر ويدلل على ذلك دخول العمل عقب عرضه فى قائمة الأكثر بحثا على تويتر.
رغم أن "أفراح القبة" بطولة منى زكى، رانيا يوسف، صابرين، اياد نصار، جمال سليمان، أحمد السعدنى، إخراج محمد ياسين، _والمعروض على قناة النهار_ عملا نخبويا وليس شعبيا، إلا أنه حاز على إشادات كبيرة من الوسط الفنى والنقدى، من ناحية أداء الممثلين، وطريقة الإخراج والبناء الدرامى للأحداث، وبرعت السيناريست نشوى زايد فى كتابة سيناريو رواية نجيب محفوظ، وإعادة ترتيب شخصياتها بشكل سليم، حيث ظهرت كل شخصية وكأنها من لحم ودم، تنفعل وتغضب وتعشق، مشاهد المكر والخبث والدهاء والنفسنة والرومانسية والقتل والضرب والإغراء أجاد الممثلون تنفيذها.
النجمة يسرا فى مسلسلها "فوق مستوى الشبهات" إخراج هانى خليفة، تقدم حالة فريدة ومختلفة، بجرأة لا مثيل لها، النجمة الكبيرة تثبت أنها فى المرحلة العقلية من حياتها الفنية، تختار الأدوار بعقلها لا بقلبها، لذلك تقف فى بؤرة الضوء دائما، بل فى أهم مكان وسط نجمات جيلها.. يسرا فى المسلسل تجسد دور دكتورة "رحمة" شخصية معقدة ومركبة انفعالاتها مكتومة ونظراتها حادة، بها كل السلبيات، والمدهش أن يسرا جسدت الشخصية كما لو أنها "شريرة" بالفعل، كيف تحولت الانسانية فى قلبها إلى هذا الشر الكبير، مشاعر يسرا فى التمثيل صادقة إلى أبعد الحدود، وأجادت تجسيد شخصية رحمة المعقدة بإحساس عال وكأن بعضها يمزق بعضها.. ونجحت فى التحرر من كل سوابقها التمثيلية فى دور المرأة الطيبة والملاك والإنسانة.
ويحافظ النجم خالد النبوى على الصدارة، لما يتمتع به من قدرات تمثيلية تمكنه من تقمص الشخصية الفنية حتى التوحد معها، فالجمهور الذى ينتظر مسلسل "سبع أرواح" على قناة أون تى فى، ينادونه باسم الشخصية التى يجسدها بكل احترافية "معتز الفرماوى".. هذه الحالة مرتبط بها خالد النبوى فى كل شخصية يقدمها مثل "نديم فخرى" فى "مريم" و"حمزة الحلوانى" فى "بوابة الحلوانى" وغيرها.. خالد النبوى فى "7 أرواح" يسجل هدفا جديدا بالمباراة التمثيلية مع إياد نصار ورانيا يوسف، وجاء أداءه لافتا للانتباه بشكل كبير فى تجسيد شخصية الضابط قبل وبعد خروجه من الخدمة، وحافظ النبوى على مشاعره فى كل مشهد باتزان.
فى السباق الرمضانى حجز النجم مصطفى شعبان لنفسه مكانا كل عام، بالدراما الاجتماعية الكوميدية التى يقدمها.. سبق ونجحت مسلسلاته "العار" و"الزوجة الرابعة" و"دكتور أمراض نسا" و"مولانا العاشق".. هذا العام نجح أيضا فى مسلسله "أبو البنات" الذى بمجرد ظهوره يدخل الجمهور فى نوبة كبيرة من الضحك على إيفهات وحركات مصطفى شعبان النجم الذى يعرف ماذا يريد منه الجمهور، ولا يكتفى بقضية واحدة فى مسلسله بل عدد كبير من القضايا يطرحها بخفة دم، وهناك بعض الفنانين يسيرون على خطاه فى تقديم ألوانه الفنية، الذى اختلقها بعد أن سلك طريقه كبطل مطلق فى الدراما التلفزيونية.. نجح مصطفى شعبان فى تجسيد معانى الرجل الذى يحب الحرية والحياة ويرفض القيود، ويتزوج أكثر من مرة لينجب الولد وهو الفكر الذى يشغل بال الملايين حول العالم.
أصبح فى حكم المؤكد أن دنيا سمير غانم هى النجمة القادمة تلفزيونيا، حيث أثبتت ذلك فى "لهفة" وأكدت عليه فى مسلسلها "نيللى وشريهان" الذى تتقاسم بطولته معها شقيقتها إيمى.. دنيا لها أسلوبها الخاص فى الكوميديا واستطاعت أن تخلق منها نوعًا "عصريًا" يتماشى مع مفردات الجيل الحالى، هذه الكوميديا الجديدة تعتمد فيها على حسها الفكاهى وإيقاعها السريع فى إطلاق "الإيفيه"، خصوصا وأن هناك كيمياء تجمع بينها وبين شقيقتها إيمى.. دنيا تسير بخطوات ثابتة وراسخة فى الدراما وتبين ذلك من نسبة نجاح مسلسلها "نيللى وشريهان" وتحقيقه نسب مشاهدة كبيرة على "يوتيوب".
فى مسلسل "يونس.. ولد فضة" يعود عمرو سعد مع السيناريست عبد الرحيم كمال والمخرج أحمد شفيق، لارتداء الجلباب الصعيدى، لكن بشكل مختلف، وهذه منطقة عمرو المفضلة، التى يستطيع أن يحلق فيها ويحقق نجاحا كبيرا كما حدث عند عرض مسلسله "مملكة الجبل" إخراج مجدى أحمد على.. فى "يونس ولد فضة" غيّر عمرو سعد المفهوم الذهنى عند البعض للشخصية الصعيدية، بتقديمه النوذج العصرى لرجل الجنوب.. عمرو أجاد تقديم الدور بخفة دم وبراعة ويعتبر هو العنصر الأساسى فى نجاح العمل وليس االسيناريو كما يردد البعض، فالسيناريو عليه الكثير من الملاحظات.
تبقى الحالة البديعة التى خلقها المخرج محمد شاكر خضير فى مسلسل "جراند أوتيل" للنجم عمرو يوسف، مثيرة للدهشة والجمال، ربما تكون الفترة الزمنية التى تدور فيها الأحداث "الستينات" عامل مهم فى جذب الجمهور للعمل الذى يدور داخل "أوتيل" ويسرد قصص متشابكة وحكايات القاطنين به، وأبدع المخرج فى رسم الشخصيات وشكل الفنانين (شنبات الرجال، تسريحة شعر السيدات، الملابس، الشياكة).. المساحة للأبطال جاءت متوازية عمرو يوسف، محمد ممدوح، أمينة خليل، دينا الشربينى، سوسن بدر، أنوشكا.. كل منهم برع فى تقديم دوره، وربما يكون "جراند أوتيل" هو الحصان الأسود فى رمضان.