شباب يعملون بحرفية عالية وبدقة متناهية يشبهون خلية النحل التي يصممون شكلها علي قطع من الرخام الذي تم تقطيعه بدقة وبأحجام متناهية الصغر ليخرجوا منتجا مميزا ومختلفا ومزخرفا بشكل فني مبهج من المحاريب الفاطمية التي تستخدم في المساجد بمختلف محافظات الجمهورية، هذه المهنة التي أوشكت علي الانقراض أسسها بمحافظة الفيوم شاب منذ 21 عاما امتهنها بعدما عشق طريقة تصميم وصناعة المحاريب وأدخل عليها العديد من التحديثات وأنشأ قلعة لصانعتها بقرية قليون بمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وأصبح يأتي إليه الراغبون في اقتناء المحاريب الفاطمية وإنشاء مساجد بهذا الطراز المميز من كافة محافظات مصر، كما يعرفه جيدا أساتذة التاريخ والتراث الذين يداومون علي زيارته للاستمتاع بمنتجاته التراثية، كما أن هذا الفنان الذى لم تسمح لهم الظروف في الحصول علي شهادة جامعية يستطيع بكل حرفية ودقة تنفيذ أي تصميم هندسي علي أي لوحة أو ورقة يأتي بها أحد الراغبين في شراء المحاريب اليه ويطلب منه تنفيذها، بالإضافة إلي أنه ساهم في تعليم وتدريب 136 من الشباب من أبناء قريته، وأبناء القري المجاورة علي شراء المحاريب الفاطمية .
ويقول أحمد حسين عبد التواب متولي ابن قرية قليون بمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، أنه كان يعمل صنايعي تشطيب متخصص في قِبلات المساجد وبدأ المهنة منذ كان في الثامنة من عمره لدي إحدي الورش بالقاهرة وكان يتعلم ثم أصبح صنايعي وعشق المحاريب الفاطمية، وطريقة زخرفتها، وتصميماتها الدقيقة، فقرر إقامة ورشة لصناعتها بقريته حتي يحافظ علي المهنة التي لا يوجد صناع لها بمحافظة الفيوم ويعلم أبناء قريته والقري المجاورة، وبالفعل منذ 21 عاما قام أحمد بإنشاء الورشة وبدأ في عملية التصنيع ولم يتخيل أن يحقق هذ النجاح ويصبح له زبائنه من كل محافظات مصر .
ولفت أحمد إلى أن عملية تصنيع المحاريب الفاطمية تمر بعدة مراحل للصناعة تبدأ بقطعة رخام كبيرة " لوح رخام " ثم يتم عن طريق ماكينة التقطيع تقطيعها إلي قطع صغيرة وفقا للشكل الذي تم اختياره لتصميم المحراب ويكون مرسوما علي لوحة ورقية، ثم يتم عمل جسم المحراب من الرخام علي قالب نصف دائرى، ثم يتم عمل شبكة حديدية وصب أسمنت ويترك حتي يجف تماما ويصبح متماسكا، تثبيت القطع الصغيرة علي القارب بعد لصق أوراق الرسومات حتي تكون المسافات دقيقة، ويتم وضع القطع الصغيرة علي القالب، ولصها بمادة لاصقة "غراء" ثم يتم زخرفتها، وتلوينها بالشكل النهائي .
ولفت أحمد إلي أن ورشته التي كانت صغيرة أصبحت اليوم قلعة لصناعة المحاريب الفاطمية ويعمل بها عشرات الشباب وذاع صيته بمختلف محافظات مصر، ويأتي اليه راغبي اقتناء المحاريب من مختلف المحافظات، لافتا إلي أنه قام بتعليم وتدريب 136 من شباب القرية والقري المجاورة له، منهم من أصبح الأن يعمل بورش كبري في القاهرة متخصصة في صناعة المحاريب، وباقي الشباب يعملون معه بالورشة.
وأكد أحمد أنه رغم عدم حصوله علي شهادة دراسية إلا أنه استطاع أن يطور من نفسه ويستطيع تنفيذ أي تصميم يطلب منه مهما كان دقيق ومعقد أو من التصميمات القديمة أو الحديثة، لافتا إلي أن هناك العشرات من التصميمات يستوحيها من خياله مثل تصميم خلية النحل الذي يصممه بدقة علي المحراب لشكل الخلية بكل تعقيداتها بالإضافة الي العديد من التصميمات الأخري .
وأشار صانع المحاريب الفاطمية بمحافظة الفيوم إلي أنه منذ إنشاء ورشته حتي الآن ساهم في عمل المحاريب لأكثر من 3 آلاف مسجد بمختلف محافظات الجمهورية، بدءا من الفيوم مرورا بكفر الشيخ والبحيرة والدقهلية والإسكندرية إصافة الي سوهاج وأسيوط وباقي محافظات الصعيد مضيفا أنه قام بعمل المحاريب لمسجد كبير بشرم الشيخ يحكي عنه الجميع.
وأشار أحمد إلي أنه يتمني ضم المهنة الي المهن التراثية بمحافظة الفيوم ويتم مشاركتهم بكافة المعارض بمختلف محافظات الجمهورية، وأن يكون هناك مجمع صناعي كبير لصانعي المحاريب الفاطمية بالمحافظة.