تحل اليوم، الخميس، الذكرى الثانية لرحيل "حكيم العرب" الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات وبانى نهضتها الحديثة، التى تتزامن مع 19 من رمضان، فقد كرس الراحل الكبير وقته لتلبية احتياجات الضعفاء والمحتاجين وسخر إمكانات الدولة لمساندة أوضاعهم الإنسانية، وكان قاهر التحديات اتخذ نهجا متفردا فى دعم قضايا الشعوب الإنسانية وتخفيف معاناتهم الناجمة عن النزاعات والكوارث والاضطرابات التى أودت بحياة الملايين.
رائد العمل الخيرى
ومنذ عام 2012 تحول يوم الـ19 من رمضان من كل عام، الموافق لذكرى رحيل مؤسس الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، إلى "يوم العمل الإنسانى الإماراتى"، حيث سجل الشيخ زايد بأحرف من نور على صفحات تاريخ البشرية الإنسانى اسم دولة الإمارات رائدة العمل الخيرى ومجالاته المختلفة وسخر موارد الدولة وإمكاناتها من أجل مناصرة الضعفاء والمحتاجين وحمايتهم من مخاطر الفقر والمرض والجهل، وبفضل وحسن إدارته للأزمات وتصرفه فى التعامل مع الآخرين، استطاع زايد كسب الصداقة وبسط حسن الجوار مع حكام الإمارات والدول المجاورة.
ونذر الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، نفسه، وكرس وقته لخدمة الوطن والمواطن، فالإمارات وشعبها شكلت محور اهتمامه وتفكيره، فقدم رؤية مستقبلية ثاقبة، كان همه الأول أبناء دولته ورفعتهم وتطور بلاده. كما أرسى زايد ثقافة التطوع والعطاء، وأبناء زايد تربوا على نهج الإنسانية، وقيمها الراقية التى غرسها فى نفوسهم، ولا غرو إن تم اختيار ذكراه يوماً للعمل الإنساني، فهو قوى تلك الأسس، فأصبح التطوع شيئاً فطرياً فى أجيال البلاد، كما أصبحت الإمارات الداعم الأول للجهود الإنسانية فى العالم.
مواقفه تاريخية لا يمحوها الزمان
وسجل التاريخ له مواقف سواء على المستوى العربى أو الإسلامى، وكان شخصية محورية داعية للسلام وتقوية روابط الأخوة ووشائج القربى على الصعيدين الإقليمى والدولى والعربى فضلاً عن إسهاماته المثمرة فى بناء علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل بين الشعوب ومرتكزة على مبادئ الحق والعدل والمساواة، وترسيخه لمكانة دولة الإمارات فى المجتمع الدولى والتى تكشف مدى نجاح سياسة زايد التى تعتمد على الانفتاح على الدنيا.
إضافة إلى ذلك كان يحب الشعر ويقرضه، حيث روضت البادية وفضاءاتها المفتوحة أذنه وقلبه الشعرى، وقد جمع ديوان الشيخ زايد الشاعر حمد بن خليفة بوشهاب، كما كان زايد موسوعة شعرية يحفظ الكثير من شعر السابقين، وكان عليماً بمفردات البداوة وبحور الشعر النبطى، يستفز قرائح الشعراء، ويتعمد مساجلتهم، ومن ضمن ذلك مساجلاته مع شعراء أفذاذ، كما يقدم الفصل مناقب زايد فى الشعر، وتغنى الشعراء بسجاياه وتمثلها شعرياً، فحين رحل زايد بكته القصائد الفصيحة والنبطية فى الإمارات والخليج والعالم العربى، وعبرت عن خلود سيرته وحكمته، وإنجازاته وعطائه الذى لا يمكن أن ينسى أو يمحى من الذاكرة.
الإمارات تبوأت مكانة متميزة
وبفضل جهود الراحل ومبادراته تبوأت دولة الإمارات مكانة متميزة فى ميادين العمل الخيرى إقليميا ودوليا واحتلت مساحة كبيرة فى فضاءات العطاء الإنسانى الرحبة وقدمت للعالم تجربة فريدة فى تجسيد قيم البذل والعطاء من أجل تخفيف آلام البشرية ومعاناتها الإنسانية وتربعت على عرش قلوب الملايين من المحرومين والمنكوبين الذين امتدت إليهم أياديه البيضاء لتدفع عنهم عناء الحاجة وذل المسألة.
فقيد الإنسانية وضع دولة الإمارات فى مصاف الدول العصرية المتقدمة من خلال منجزاتها الحضارية الشاملة فى المجال الإنسانى واستطاع بحنكته وبعد نظره توجيه ما تنعم به بلادنا من خيرات حباها الله بها لمساعدة الشعوب الشقيقة والصديقة ومد جسور المحبة و السلام معها من خلال ما نفذته من مشاريع خيرية رائدة تعود عليها بالنفع والخير.
"مصر" آخر وصاياه
واسم الشيخ زايد محفور فى قلوب المصريين، حيث كانت "مصر" آخر وصاياه لأبنائه، وقال الشيخ زايد رحمه الله "لا وجود للعرب بدون مصر".
وكانت له وقفاته التى لا تنسى مع مصر والمصريين على مدى عقود طويلة من الزمن، علاقته بمصر علاقة القلب والجسد. هو من قال، ما تقوم به الإمارات نحو مصر هو نقطة ماء فى بحر مما قامت به مصر نحو العرب، وهو أيضا من قال نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، وقال: "أوصيت أبنائى بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، وهذه هى وصيتى أكررها لهم أمامكم، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم".
فى حرب أكتوبر 1973 كان الشيخ زايد فى زيارة إلى بريطانيا، لم يتردد فى إعلان دعمه الكامل، ووقوفه فى الخندق الأمامى، قرر دعم الحرب بكل ما يملك، قدم ما فى خزينة بلاده، ثم اقترض ملايين الجنيهات الاسترلينى من البنوك الأجنبية ليقوم بإرسالها على الفور إلى مصر وسوريا .
وقال كلمته الخالدة "ليس المال أو النفط العربى أغلى من الدماء العربية"، التى لا تزال تتردد أصداؤها حتى اليوم فى جميع الأوساط بلا استثناء". وبعد حرب أكتوبر كانت وقفة الشيخ زايد التى لا تنسى لمساعدة مصر على إعادة إعمار مدن قناة السويس (السويس- الإسماعيلية- بورسعيد) التى دُمرت فى العدوان الإسرائيلى عليها عام 67.