قالت صحيفة "الجارديان"، إن قرار بريطانيا التاريخى بإنهاء علاقة الحب والكراهية التى استمرت مع أوروبا على مدار 43 عاما تمثل نقطة تحول فى التاريخ البريطانى تصنف إلى جانب الحربين العالميتين فى القرن الماضى.
وعلى افتراض عدم وجود عودة للوراء، تتابع الصحيفة، فإن بريطانيا ستتعايش مع التداعيات السياسية والدستورية والدبلوماسية والاقتصادية لعقد أو أكثر، فمكان بريطانيا على خريطة العالم قد تغير تماما مثلما تغيرت مراكز القوى فى النظام السياسى للملكة المتحدة، فكل نقاط السلطة المألوفة فى لندن، داوننج ستريت والأعمال التجارية الكبرى والخبرة الاقتصادية ومؤسسة السياسة الخارجية، ستتغير بسبب ما وصفته الصحيفة بالقنبلة العنقودية الشعبوية.
وفيما يتعلق بما سيأتى لاحقا، قالت الجارديان إن القرار بالتأكيد سيؤثر على مصير رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الذى كان أمامه خياران: إما البقاء حتى انتهاء مدته فى عام 2019، أو الاستقالة ومواصلة مهام منصبه لحين اختيار قيادة جديدة. وقد أعلن كاميرون بالفعل أنه سيستقيل من منصبه عقب تصويت البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبى، على أن يختار حزب المحافظين الحاكم قيادة جديدة لتواكب التطورات المتلاحقة.
وفيما يتعلق بالمفاوضات، قالت الصحيفة إن كاميرون كان قد تعهد أنه فى حالة فوز معسكر "الخروج" سيلجأ للمادة 50 من معاهدة لشبونة، وهى المادة الخاصة بتحديد كيفية خروج أى دولة من الاتحاد الأوروبى. وستبدأ بموجب هذه المادة عملية تستغرق عامين، حيث يمكن لأى دولة عضو أن تخطر المجلس الأوروبى بقرارها المغادرة.
ووفقا للدستور البريطانى، فإن استخدام هذه المادة قرار يخص رئيس الحكومة وحده وليس البرلمان، بما أنها مسألة اختصاص ملكى. وفى نفس الوقت لا شىء يمكن أن يعوق البرلمان عن توجيهه بعدم تنفيذ المادة 50.
وباستخدام هذه المادة، تبدأ عملية تفاوض مع الاتحاد الأوروبى يجب أن تنتهى بإخراج بريطانيا، ما لم يوافق الاتحاد على مد المفاوضات لعامين آخرين.
وفى نهاية المفاوضات، سواء لو لم يتم التوصل إلى اتفاق أو مد للتفاوض، فإن المملكة المتحدة تعود تلقائيا إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، بما يعنى أنها ستواجه الرسوم الجمركية على جميع السلع التى تبيعها للاتحاد الأوروبى.
ونظرا لأن مجلس العموم البريطانى به أغلبية مؤيدة للاتحاد الأوروبى، فإن الناخبين ربما لا يصبرون، ويمكن أن تجرى انتخابات جديدة لانتخاب برلمان جديد.
وفى هذه الحسابات، ربما لا يكون البرلمان البريطانى الطرف الوحيد، وفقا لما تقوله الجارديان، فالاتحاد الأوروبى سيرغب بدوره فى أن يتصرف بشكل حاسم، وهو شىء نادر ما يفعله. وربما تحث مجموعة الاتحاد على مطالبة بريطانيا بتنفيذ المادة 50، بينما من الممكن أن تقوم مجموعة ثانية باستكشاف بنود التفاوض بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى التى يمكن إعادة فتحها. ويعتقد كثير من الدبلوماسيين أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ينبغى أن تقدم المزيد لكاميرون فيما يتعلق بحرية الحركة.
لكن أغلبية دول الاتحاد الأوروبى سترى على الأرجح أن المفاوضات مع بريطانيا قد انتهت فى فبراير، وأن السفينة قد أبحرت بالفعل.
وكان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جانكر قد قال قبل التصويت: إن كاميرون حصل على أقصى ما يمكن أن يحصل عليه، وقد قدمنا أقصى ما يمكننا أن نعطيه.. ولذلك لن تكون هناك إعادة تفاوض، ليس على الاتفاق الذى تم فى فبراير الماضى.