كانت الساعة الثانية والنصف بعد ظهر 26 فبراير، مثل هذا اليوم، 1970، حين حاول عدد من طائرات العدو الإسرائيلى الاقتراب من الساحل المصرى، فتصدت لها قواتنا المقاتلة، وبدأت معركة جوية كبيرة على الساحل الشمالى للدلتا، وفقًا لما تذكره «الأهرام» فى عددها يوم 27 فبراير 1970، مؤكدة أن نتيجة هذه المعركة، كانت إسقاط طائرتين للعدو، وإصابة ثالثة.
جرت هذه المعركة أثناء حرب الاستنزاف التى بدأت بعد هزيمة 5 يونيو 1967، وعبرت عن التطور القتالى الكبير لقواتنا الجوية، حسبما يذكر الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية بعد هزيمة يونيو، فى مذكراته «حرب الثلاث سنوات -1967- 1970».. يقول: «كان هناك درس تعلمناه من خبرة الصدام الجوى مع العدو ووصلنا إليه بعد سقوط ضحايا كثيرين من الطيارين والطيارات.. كان العدو ينتظر انطلاق تشكيل جوى مكون من 4 طائرات مقاتلة لأغراض الحماية الروتينية من طائرات الميج 21 كمظلة لوقاية منطقة التجميع الرئيسى فيظهر التشكيل على شاشات رادار العدو، فيجهز 6 طائرات مقاتلة بأكفأ طياريه، وينتظر بضع دقائق إلى قرب انتهاء زمن طيران مقاتلينا ويصعد لملاقاتهم، ويشتبك معهم فى قتال جوى غير متكافئ من ناحية زمن وقدرة طيارينا القائمين بواجب الحماية الروتينية ودون انتقاء للطيارين، من ناحية الكفاءة، إذ أن طيارينا جميعا يقومون بهذا العمل بالدور وليس بالانتقاء فتكون النتيجة خاسرة بالنسبة لنا».
يضيف فوزى: «من هنا صدرت التعليمات عكسية بمعنى انتقاء مجموعة من أربعة طيارين أكفاء، ووضعهم فى درجة استعداد عالية فى قواعدهم الجوية القريبة للجبهة على طائرات ميج 21، وعند انطلاق طائرات العدو سواء للحماية أو للقذف الجوى ينطلق التشكيل المجهز، وينقض على طائرات العدو على أن يوضع تشكيل آخر فى درجة الاستعداد كاحتياطى للتشكيل الأول ينطلق لمساعدته إذا تدخل العدو بطائرات حمايته، وفى هذه الحالة يكون التوجيه الأرضى أفضل بكثير من حالات أخرى، وتكون النتيجة النهائية للمعركة الجوية لصالح قواتنا الجوية، وكنا نتابع هذه العمليات فنجد أن تصرف العدو فيها إما أن يكون سلبيا أى الهروب من المعركة، أوإلقاء قنابله على غير هدف أو خسارته، وإسقاط أو إصابة أكثر من طائرة من طائراته».
يؤكد فوزى: «كان للاشتباكات الجوية معنى كبير جدا لدى قواتنا المسلحة والشعب ولدى الرئيس عبدالناصر شخصيا، فإسرائيل تفتخر وتجاهر بقدرة سلاحها الجوى وتسميه «الذراع الطويل» الذى يحقق لها سياسة التوسع، أما قواتنا فتعمل لمحو آثار هزيمة قواتنا الجوية فى عام 1967، وأن تثبت للاتحاد السوفيتى مورد السلاح الوحيد أن طيارينا يستخدمون طائراتهم بكفاءة فيتحمس لتلبية طلباتنا من الطائرات المتطورة، ومن هذا المنطلق دفعت المساعدات والمكافآت المعنوية والأدبية للطيارين المقاتلين الجدد إلى أقصى ما يمكن، بالإضافة إلى تسجيل المهارات الجوية فى سجل الطيار، وسجل التشكيل الجوى، وحدث هذا الاشتباك فى 26 فبراير 1970».
عن تفاصيل هذه المعركة، تذكر الأهرام «27 فبراير1970»، أنها استمرت أكثر من نصف ساعة، واشتركت فيها 16 طائرة من الجانبين، واتسع نطاقها فشمل ساحل الدلتا ومنطقة البحر الأبيض، وعادت جميع طائراتنا بعد المعركة سالمة، فيما عدا طائرة واحدة استطاع قائدها أن يقفز بالمظلة، وتكشف الأهرام، أن الطائرات المعادية تقدمت فى تشكيلين يتألفان من 4 طائرات، «فانتوم» للهجوم، و4 طائرات «ميراج» للحراسة، واشتبكت مجموعتان من طائراتنا معها: الأولى قصدت الطائرات المغيرة، والثانية قصدت الطائرات التى تحميها، وشاهد الأهالى والصيادون فى دمياط وعزبة البرج الطائرتين الإسرائيليتين وهما تسقطان فى البحر، كما شاهدوا الثالثة وهى تهرب محترقة، وإحدى الطائرات الثلاثة فانتوم، والاثنتان الأخريان «ميراج».
تؤكد الأهرام، أن إسرائيل اعترفت بالمعركة الجوية، وقال المتحدث العسكرى الإسرائيلى، إن الطائرات المصرية المقاتلة من طراز «ميج 21» تصدت للطائرات الإسرائيلية وهى فى طريقها لاختراق ساحل الدلتا جنوبى بلطيم.. تضيف «الأهرام» أنه لوحظ فى البيان العسكرى الإسرائيلى الذى أذيع عن المعركة الجوية.. أولا: أن المتحدث العسكرى الإسرائيلى لم يعترف بسقوط الطائرتين الإسرائيليتين، وإصابة الطائرة الثالثة، لأن الطائرتين سقطتا فى البحر، وربما تكون الطائرة المصابة تمكنت من الهبوط فى الضفة الشرقية.. ثانيا: أن المتحدث الإسرائيلى زعم أن الطائرات الإسرائيلية استطاعت إسقاط ثلاث طائرات مصرية، وأعلن المتحدث الإسرائيلى ذلك، وكانت المعركة الجوية ما زالت دائرة على أشدها، ولم تكن انتهت بعد.
تذكر «الأهرام» أنه قبل ساعتين من هذه المعركة الجوية، قامت طائراتنا المقاتلة بغارة ناجحة على المواقع الإسرائيلية فى القطاع الشمالى من الجبهة فى الساعة السابعة والربع صباحا، وقصف فيها بإحكام تجمعات العدو فى منطقة الكاب والقنطرة على الضفة الشرقية للقناة، وأصابت مراكز بطاريات وطوابير دباباته فى المنطقة بإصابات مباشرة.