تشهد بريطانيا أزمة سياسية عميقة كأحد تداعيات الاستفتاء على عضويتها فى الاتحاد الأوروبى، والذى كان قرار الناخبين فيه صادما لاختيارهم الخروج من الكتلة الأوروبية. وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن القرار أدى إلى مزيد من الاضطراب السياسى بعدما هددت رئيسة وزراء اسكتلندا بمحاولة عرقلة الخطوة، فى ظل مساعى لإجراء استفتاء للانفصال عن بريطانيا، ومواجهة زعيم حزب العمال المعارض فى بريطانيا محاولة انقلاب من نواب حزبه فى البرلمان.
وأشارت الوكالة إلى أن الشعور بعدم الارتياح انتشر مع تصعيد قادة أوروبا الضغوط على بريطانيا للبدء فى عملة خروجها المعقدة من الاتحاد الأوروبى فورا بدلا من الانتظار عدة أشهر كما يفضل رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون. وكان التصويت لصالح الخروج قد أدى إلى تراجع حاد للجنيه الإسترلينى، وفى الأسواق المالية.
وتابعت الوكالة قائلة إن قادة حملة الخروج من الاتحاد الأوروبى ظلوا إلى حد كبير بعيدين عن الأعين، مع اتهام المعارضين لهم بالافتقار إلى خطة لتهدئة الأزمة التى ترتبت على نتائج الاستطلاع.
وفى أول بيان له منذ صباح الجمعة، حث قائد حملة الخروج عمدة لندن السابق بوريس جونسون فى مقال بصحيفة التليجراف على الوحدة، وقال إن التداعيات السلبية للتصويت تم المبالغة فيها بشكل كبير.
غير أن أسوشيتدبرس تقول إن التصويت يخاطر بالتسبب فى الانقسام السياسى فى بريطانيا، فقد قالت رئيس وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن إنها ستدرس نصيحة البرلمان الاسكتلندى بمحاولة استخدام سلطاته لمنع بريطانيا من مغادرة الاتحاد. وقالت إن النواب الاسكتلنديين قد يكونوا قادرين على إفشال الخطوة عن طريق حجب الموافقة التشريعية لخروج بريطانيا.
وفى نفس السياق، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبى ألقى المؤسسة السياسية فى بريطانيا فى حالة من الفوضى، وأدخل الحزبين الرئيسيين فى معارك على القيادة، وعزز مزيد من الشكوك حول كيفية فصل بريطانيا نفسها عن الكتلة.
فحزب العمال المحافظ يصارع الفراغ السياسى فى الحكومة البريطانية بعد قرار ديفيد كاميرون بالتنحى فى غضون أشهر قليلة. بينما قام سياسيون بارزون فى حزب العمال المعارض بقيادة ثورة مفتوحة ضد زعيم الحزب جيريمى كوربين. واستقالة حوالى عشرة من أعضاء حكومة الظل أو تمت إقالتهم لأنهم أعربوا مع معارضتهم له، على الرغم من أن كوربين تعد بمحاربة أى محاولة انقلاب.
وقالت "وول ستريت جورنال" إن العاصفة السياسية التى أشعل فتيلها تصويت البريطانيين على مغادرة الاتحاد الأوروبى بعد أكثر من أربعة عقود فاقمت من الشكوك الاقتصادية والمالية الحادة التى تعانى منها البلاد الآن. وأصبح المستقبل السياسى والاقتصادى لبريطانيا إلى جانب وحدتها معلقا على مدى قيادة خلف كاميرون لانفصال بريطانيا الصعب عن الكتلة الأوروبية.
كما تواجه بريطانيا أيضا احتمال إجراء تصويت آخر على الصعيد الوطنى مجددا. فمن الممكن أن يدعو الزعيم الجديد لحزب المحافظين الذى سيختاره أعضاء الحزب إلى انتخابات مبكرة للحصول على تفويض، أو أن البرلمان يمكن أن يدعو لتلك الانتخابات لو أن ثلثى أعضائه يدعمون الفكرة أو لو أن أغلبيتهم وافقوا على سحب الثقة من الحكومة الجديدة.