تقدم النائب محمد بدراوى عوض رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية، وكيل لجنة الصناعة، برؤية اقتصادية للخروج من الوضع الاقتصادى الراهن، تتضمن بعض التعديلات اللازمة لبنود الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2016/2017.
وأوضح بدراوى أن طموحات الفقراء والبسطاء فى هذا الوطن تحتاج من البرلمان اتخاذ بعض القرارات الصعبة والمؤلمة والقاسية أحيانا، والتى تتطلب التحمل والمزيد من العطاء والتفكير فى صالح الوطن قبل التفكير فى الصالح الشخصى.
وتابع بدراوى "لذا نرى أن الموازنة الحالية استمرار لما علقنا عليه فى بيان الحكومة منذ 3 أشهر فى نفس هذا المكان، وفى نفس تلك القاعة، وهو ما أصبح جليا فى عجز الموازنة، وأصبح حقيقة واضحة فى الموازنة الحالية، وكل المؤشرات يتضح منها أن كل ما تم الحديث عنه فى بيان الحكومة لم يتحقق".
وأشار رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية إلى أن الحكومة لم تستطع تحقيق إيرادات العام المالى الحالى 2015/2016، والمقدر بنحو 622 مليار جنيه، حيث أخفقت فى تحقيق 100 مليار جنيه من الإيرادات المتوقعة للعام المالى الحالى، ما أدى إلى زيادة العجز من 8,9% إلى 11,5 %، قائلا "وهذا ما نبهنا إليه مسبقا، وزيادة العجز من 251 مليار جنيه إلى 318 مليار للعام الحالى 2015/2016.
وتساءل رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية: كيف لنا أن نطمئن كما تقول الحكومة من تحقيق إيراداتها للعام المالى القادم 2016/2017 المتمثل فى 631 مليار جنيه؟ واستطرد: وننبه أيضا إلى أن هذا الرقم لن يتحقق.
أسباب عدم تحقيق الإيرادات
واستعرض بدراوى أسباب عدم تمكن الحكومة من تحقيق الإيرادات المتوقعة للعام المالى الجديد، وجاء فى مقدمتها وضع إيرادات جديدة باحتساب نظام ضريبة القيمة المضافة وتحقيقها لأكثر من 180 مليار جنيه، لافتا إلى أن هذا أمر يصعب تحقيقه، حيث إن إيرادات هذا العام 120 مليار جنيه من الضريبة على المبيعات بفارق 60 مليار جنيه عما تم الإعلان عنه من قبل الحكومة.
وذكر بدراوى أن الحكومة لم تأخذ بالتقدير الصحيح لسعر برميل البترول، حيث إنها قدرته بسعر 40 دولارا للبرميل، فى حين أن سعره الحالى يتراوح ما بين 47 إلى 50 دولارا مع بداية تطبيق الموازنة، ما يعنى أن هناك فارق فى التقدير، سيؤدى إلى زيادة العجز بالموازنة فى حدود 15 مليار جنيه، بالإضافة إلى عدم وجود تنسيق بين السياسه النقدية والمالية، حيث إن الحكومة لم تأخذ فى اعتبارها رفع معدل الفائدة الذى طبقه البنك المركزى مرتين متتاليتين (1.5% و1% )، وهذ سوف يؤدى الى زيادة فوائد الدين بنحو 20 مليار جنيه.
بالإضافة إلى تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد بعلاوة قدرها 7% وليس 5%، لافتا إلى أن هذا سيؤدى إلى زيادة فى الأجور بنحو 5 مليار جنيه، قائلا "معنى تلك الحقائق الموجودة الآن على أرض الواقع أن الأرقام المعلنة والموجودة فى موازنة العام القادم لن تتحق وفقا لهذة العوامل، وأن معدلات العجز المتوقع سوف تزداد بشكل واضح عن الرقم المقرر، وقد يصل هذا العجز إلى 400 مليار جنيه فى العام القادم.
وأضاف بدراوى أن طريقة احتساب نسب الصحة والتعليم فى الموازنة لم تتم وفقا للدستور، لافتا إلى أنه يجب أن يتم الأخذ بالناتج المحلى للعام المالى 2016/2017 عند احتساب النسب المقررة للصحة والتعليم، ولكن ما تم عمله فى الموازنة هو احتساب الناتج المحلى للسنة المالية 2015/2016، لافتا إلى أن هذا غير دستورى لأن الناتج المحلى يخص السنة المالية القادمة.
وأشار رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية إلى عدم تحقيق العنوان الاقتصادى لبرنامج الحكومة وهو اقتصاد السوق المنضبط، قائلا "هذا ماوعدت به الحكومة كنظام اقتصادى لها، ولكننا نرى الآن على أرض الواقع اقتصاد الفوضى بوجود اختلال فى أسعار السلع الاستهلاكية والأدوية، وأكثر من سعر للجنيه المصرى أمام الدولار، وهذا معناه عدم وجود تحقيق للنظام الاقتصادى المنضبط".
وتضمنت الرؤية الاقتصادية التى تقدم بها بدراوى للخروج من الوضع الاقتصادى الراهن بعض الاقتراحات لخفض عجز الموازنة، منها ما يخص بند السلع والخدمات، حيث اقترح تخفيض الإنفاق على بند المياه والكهرباء 800 مليون جنيه، وتقليل النفقات الإعلامية 600 مليون جنيه، ونفقات الدعاية 300 مليون جنيه، والنفقات المتنوعة بقدر 500 مليون جنيه، والمواد الخام الأخرى 200 مليون جنيه، والاحتياطات بمقدار مليار و600 مليون جنيه.
وتطرقت مقترحات وكيل لجنة الصناعة لخفض العجز إلى بند الأجور، لافتا إلى أن جزءا كبيرا من المكافأة يتجه إلى ديوان عام الوزارة والمديريات أكثر من المدرسين، واقترح خفض الإنفاق على هذا البند بمقدار 4 مليار جنيه، وخفض الإنفاق المخصص للجهود غير العادية 2 مليار جنيه، وخفض المخصص للاحتياطات 2 مليار جنيه، واقترح بدراوى خفض المخصصات لبند الدعم بمقدار 8 مليار جنيه، وخفض الإنفاق على بند الأبحاث ودراسات المشروعات 2 مليار جنيه.
وتابع بدراوى: مما سبق أصبح هناك توفير 22 مليار جنيه، وهناك بند آخر وهو الاستثمارات فى الإسكان، موضحا أنه يمكن توفير 10 مليارات جنيه، وبذلك يصبح لدينا 32 مليار جنيه.
واقترح رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية توجيه هذا الوفر لدعم الشباب والفقراء، بتوفير معاش قيمته 500 جنيه شهريا لعدد 4 مليون أسرة تحت خط الفقر بتكلفه شهريه 2 مليار جنيه، بإجمالى 24 مليار جنيه فى السنة، لافتا إلى أن هذا المعاش يتم توجيهه لغير القادرين وذوى الاحتياجات الخاصة.
دعم الشباب
وعن دعم الشباب قال محمد بدراوى عوض إن هذا البرنامج يقوم على دعم وتدريب الشباب لمدة 12 شهرا، مع منحهم 1000 جنيه للمؤهل المتوسط، و1200 جنيه للمؤهل العالى، لافتا إلى أنه من المفترض أن يدخل مجال العمل سنويا 700 ألف خريج، قائلا "هذا البرنامج سيتم من خلاله ربط الشباب بالدولة، ويكون لدى الدولة إحصاء واضح للمؤهلات والخبرات المختلفة، وربط ذلك فى المستقبل بدخول الجامعات وحاجة العمل، وهذا البرنامج سيحصل من خلاله الشاب على شهادة تؤهله لسوق العمل، من خلال وزارة القوى العامله وربطه مع القطاع الخاص، بحيث يعود للدولة دورها وبريقها لدى الشباب، ويتطلب توفير 9 مليار جنيه للصرف عليه".
كما تقدم النائب محمد بدراوى بمقترحات لزيادة إيرادات الموازنة العامة للدولة، تمثلت فى التصالح فى البناء المخالف على الأراضى الزراعية، والتى تبلغ حوالى مليون و500 ألف حالة بإجمالى نحو 68 ألف فدان وفقا لتقديرات وزارة الزراعة، ووفقا للتقديرات المعمول بها من الحكومة فإنها قدرت سعر التصالح على المتر من 350 جنيها، إلى 500 جنيه، ومن الممكن أن يرتفع فى مناطق أخرى، ووفقا لهذه التقديرات فالمتوقع تحصيل 140 مليار جنيه.
واقترح أيضا التصرف بالبيع للأصول غير المستغلة، ومنها الأراضى التابعة للدولة فى الأماكن المختلفة، ومنها التابعه للسكة الحديد والنقل والرى وأملاك الدولة والزراعة، وذلك فى حدود 2 مليار جنيه لكل محافظة عدا المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية، يسمح لها بالبيع فى حدود 5 مليارات جنيه، والحصيلة المتوقعة من ذلك 60 مليار جنيه، توجه للمحافظة، بحيث يشعر بها المواطن مباشرة وليست موجهة لصندوق سيادى.
بالإضافة إلى تطبيق الضريبة التصاعدية على الدخل بتعديل سعر الضريبة ليشمل شريحتين جديدتين من الدخل، 25% للدخل فوق 400 ألف جنيه فى السنة، وزيادة النسبة فى الشريحة التالية مليون جنيه فى السنة، يسرى هذا التطبيق على الشخصيات الطبيعية والاعتبارية وشركات الأموال والهيئات، لافتا إلى أن هذا سيعطى زيادة متوسطة 5% وهى تمثل ربع الحصيلة الضريبية المحصلة حاليا والبالغة 200 مليار جنيه، وأنه سيؤدى إلى زيادة الحصيله 50 مليار جنيه.
فتح ملف هيئة الأوقاف
وأشار بدراوى أيضا إلى ضرورة فتح ملف هيئة الأوقاف المصرية، والتى تمتلك أصول بمئات المليارات، والعائد من هذه الأراضى والعقارات "صفر" على المصريين، نتيجة سوء الإدارة والنظام غير السليم لهذه الهيئة، قائلا "نحن فى حاجة إلى تدخل دار الإفتاء المصرية لتعديل نظام الأوقاف بما يعود بالنفع على الشعب المصرى والعائد المتوقع من هذا التعديل مليارات.
واقترح رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية تفعيل الضرائب النوعية التى تواجه أخطر الظواهر السلبية فى المجتمع المصرى فى العشر سنوات الأخيرة، وإقرار ضريبة على الدروس الخصوصية والتعليم الموازى فى المدارس والجامعات الخاصة بنسبة 20% إضافية، لافتا إلى أنه حسب الإحصائيات الأخيرة للجهاز المركزى للإحصاء فإن المصريين ينفقون 35 مليار جنيه سنويا على الدروس الخصوصية، وأن العائد المتوقع 7 مليار جنيه.
أما بالنسبة للمدارس الخاصة والدولية والجامعات الخاصة، فقد أشارت الدراسة إلى أن هناك فوضى فى تسيير هذه المدارس والجامعات، وأنه لو تم فرض انضباط عليها فالحصيلة المتوقعة تبلغ حوالى 3 مليار جنيه.
وعن معاملات الاتصالات المحمولة وخلافه، فقد أشار بدراوى إلى أن الإنفاق عليها يبلغ نحو 30 مليار جنيه، وأنه لو تم فرض ضريبة إضافية 10% على هذا القطاع سيؤدى إلى حصيلة 3 مليار جنيه، بالإضافة إلى خدمات الإنترنت فيمكن أن نصل إلى 5 مليار جنيه من هذه الضريبة.
كما اقترح أيضا فرض ضريبة 2% خصم وإضافه على تعاملات البيع والشراء فى البورصة المصرية، موضحا أن الحصيلة المتوقعة منها 5 مليار جنيه، وفرض ضريبة إضافية 15% على أرباح البنوك للمساهمة فى المسئولية المجتمعية فى مصر، مقدرا أرباح البنوك بنحو 40 مليار جنيه فى السنة السابقة والحصيلة المتوقعة بـ6 مليار جنيه، خاصة أن غالبية أرباح البنوك آمنه فى أذون الخزانة وسندات البنك المركزى.
وأوصى بدراوى بطرح رخص جديدة للاتصالات والأسمنت، وطرح نسبة من أسهم البنوك والشركات العامة، وذلك فى حدود 24 مليار جنيه، وإنهاء ملفات المتأخرات الضريبية والمقدرة بنحو 50 مليار جنيه، وذلك بعمل خصم قطعى 50% لإنهاء هذا الملف وتحصيل مبلغ 25 مليار جنيه.
كما اقترح أيضا تدشين نظام جديد للضرائب المصرية لتحصيل الضرائب مقدما بنسبة خصم قدرها 10% للسنة الأولى و15% للسنة الثانية على احتساب سنة الأساس، مشيرا إلى أن النجاح الجزئى المتوقع لرفع الحصيلة للسنة الحالية بنحو 50 مليار جنيه، ووضع رسم رفاهية قدره من 200 إلى 300 جنيه شهريا لكل أصحاب الفيلات والقصور، قائلا "ويمكن تطبيق هذه الضريبة فى المرحلة الاولى فى مناطق التجمع والسادس من اكتوبر وجاردن سيتى والزمالك والساحل الشمالى وبعض المناطق الاخرى وسيتم تحصيل تلك المبالغ مع فاتورة الغاز او الكهرباء وذلك تحقيقا للسلام الاجتماعى وتحقيق العدالة الاجتماعية والحصيلة المتوقعة 3 مليار جنيه سنويا".
وأوصى أيضا بوضع رسم تنمية لمدة 3 سنوات على ترخيص السيارات الملاكى قدره 1000 جنيه و2000 للنقل الثقيل لعدد 4 مليون مركبة، بحيث تبلغ الحصيلة المتوقعة لذلك 4 مليار جنيه وترخيص المركبات الصغيرة مثل التوك التوك وخلافه والحصيلة المتوقعة من ذلك 5 مليار جنيه.
وبذلك يتم توفير 383 مليار جنيه بخلاف ما تم الإشارة إليه بخصوص أراضى الاوقاف مما يؤدى الى اعطاء جميع الاستحقاقات الدستورية للصحة والتعليم وتطبيق التامين الصحى الشامل لجميع المصريين وإعطاء أمل للشباب والفقراء وتحقيق التوازن المجتمعى وإنجاز العدالة اللاجتماعية التى طال الحديث عنها.
وفى ختام الرؤية الاقتصادية التى تقدم بها بدراوى للخروج من الوضع الاقتصادى الراهن، تعهد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية بإعطاء كل 6 أشهر مزيد من الاقتراحات والأفكار ومراجعة ما تم تحقيقه على أرض الواقع.