** الانفراجة السياسية تنعش الأحزاب وسنتشاور لبلورة مخرجات وآليات الحوار الوطنى
** نسعى للتأثير بشكل سلمى وتجنب الصدامات ووجود الإخوان كان يشكل خطرًا على الدولة
** أى حزب يدعو لميليشيات مسلحة يجب تجريم وجوده والقرارات الاقتصادية للرئيس «حكيمة»
** طرح حصص من شركات الجيش والدولة بالبورصة خطوة جبارة
أكد الدكتور فريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، الذى تمكن من الحفاظ على مقعده لـ«ولاية ثانية» بعد فوزه فى الانتخابات الأخيرة، أن الحزب يواجه العديد من التحديات التنظيمية والإدارية، والتى سيعمل لأجل حلها، مشددًا على أهمية الإصلاح السياسى، ودعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى، باحتفالية إفطار الأسرة المصرية، إلى الحوار الوطنى، واصفًا إياها بالخطوة، التى تستوجب تفاعلًا وتفعيلًا قويًا خلال الفترة المقبلة.
الدكتور فريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، قال لـ«انفراد»، إن قرارات الرئيس السيسى بمثابة حجر أساس، وإعادة تدشين لحالة الاصطفاف الوطنى التى تتمثل فى حوار وطنى يجمع كل القوى الشبابية والسياسية والحزبية، بالإضافة لإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسى التى تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطنى للشباب على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدنى المعنية، وإلى نص الحوار:
فى البداية نهنئكم بالفوز فى انتخابات الحزب التى شهدت مشاركة كبيرة.. كيف ترى ذلك، وما مدى تأثير «دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى» فى طمأنة الجميع؟
بالطبع.. كل خطوة فى اتجاه الانفراجة السياسية تعنى انتعاشة وازدهار الأحزاب، وهناك الكثيرون ممن لديهم رغبة حقيقية فى العمل السياسى فى أجواء آمنة ومستقرة، وأرى أن انتخابات الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى شهدت فوز الجميع ولم يخسر أحد، فى ظل نسبة المشاركة التى وصلت لـ80%.. الحزب هو من فاز، وليس شخصا بعينه، ونسبة الحضور تدل على وجود وعى انتخابى كبير من قبل الأعضاء، الذين لديهم اهتمام كبير بالانتخابات ودقة التصويت، وهذا يعكس قوة المعركة الانتخابية الحقيقية والتنافسية، وتأكيد على أن الشعب المصرى قادر على ممارسة الديمقراطية واستخدام آلياتها بشكل سليم، والانتخابات مرت فى جو ساده الود والوئام، وهذا الأمر بمثابة نجاح للحزب والحياة السياسية والتجارب الديمقراطية، فالمصريون قادرون على ممارسة الديمقراطية فى مواجهة من يقولون بخلاف ذلك.
وماذا عن المهام والخطوات التى سيقوم بها الحزب خلال الفترة المقبلة؟
نتوقع انفراجة بالمشهد السياسى قد تسمح بمساحة أكبر من الحركة للحزب، وهذا أمر يتطلب الاستجابة وأن ننشط فى اتجاه شغل مساحات أكبر فى العمل السياسى جماهيريا وتنظيميا، وسنعمل على استعادة النمو الذى حدث فى بنية الحزب التنظيمية نتيجة مشاركته فى الانتخابات البرلمانية، والتوسع فى حركته بعد فوزه بعدد من المقاعد فى المجالس النيابية، مع العمل على ضبط الأداء التنظيمى والإدارى الذى تآكل كثيرًا فى فترات سابقة وفقد كثيرا من قدراته، وبالتالى آن الأوان لاستعادة هذه القدرات وضبط الجهود، كما سيكون هناك تجاوب وتفاعل مع دعوة رئيس الجمهورية للحوار الوطنى ودفع عمليات الإفراج عن المحبوسين، والحزب مهتم أن يكون مسؤولًا ومنظمًا وطرفًا أصيلًا فى عملية الحوار الوطنى، وسنهتم بالتشاور مع أحزاب شقيقة لبلورة مخرجات وآليات الحوار، وبالطبع سنتمسك بالمبادئ ومواقف الحزب، وسنتجنب أى صدام مع مؤسسات النظام ونسعى للتأثير بشكل سلمى وعلى أرضية ما هو متاح.
وماذا عن الانتقادات الموجهة للحزب بتجاهل الشباب؟
الحزب المصرى الديمقراطى لديه اهتمام كبير بالشباب، وظهر ذلك فى الانتخابات التكميلية، ولدينا قاعدة كبيرة من جيل الشباب والوسط.
بالعودة إلى قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية؟ ما موقفكم من الحوار الوطنى السياسى؟
الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، لسنوات طويلة ظل يدعو لإجراء حوار وطنى، وبناء مجال سياسى شرعى داخل إطار الدستور والقانون، وبإجراءات تسمح بالتنافس وتتيح لأى حزب الوصول إلى السلطة عبر الانتخابات، سواء كان منفردًا أو ضمن ائتلاف حزبى.
المشكلة فى مصر أننا لم ننجح على مدى سنوات فى تحقيق هذا الهدف فى ظل ما شهدته البلاد من وجود نوع من أنواع التعددية السياسية المقيدة، فالرئيس محمد أنور السادات، حينما بدأ الانفراجة الديمقراطية وسمح بتكوين المنابر والأحزاب دخلنا مرحلة التعددية الحزبية المقيدة، وكان بداخلها حزب رئيسى هو الذى يمكن له الوصول إلى السلطة، لكن باقى الأحزاب لا يمكن لها الوصول إلى السلطة، وبالتالى كنا أمام حرية مقيدة تتضمن حزبا رئيسيا، لكن الأحزاب الأخرى مقيدة لا يمكن لها أن تصل إطلاقًا للسلطة، ويعتبرونها أحزابا معارضة و«مناكفة» ومطلوب حصارها وتحجيمها وتضييق الخناق عليها طوال الوقت، لأن هناك حزبا واحدا ووحيدا، هو الحزب القريب من النظام والسلطة والذى ينجح فى الانتخابات والذى تعمل أجهزة الدولة المختلفة على حماية مصالحه ووجوده واستمراره فى السلطة.
مصر فى أعقاب 25 يناير 2011، شهدت فترة التعددية الحزبية، ثم فترة حكم الإخوان، قبل إسقاطهم، ثم مرحلة التباس وارتباك المشهد السياسى، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى، اهتمت أجهزة الدولة بمواجهة مشكلات أخرى، وكان هناك تفكير معين فى الأولويات وتم تأجيل أى عملية للإصلاح السياسى، وأنا شخصيًا كنت أختلف مع هذا التقدير، وكنت أرى وأتمنى أن الإصلاح السياسى كان ضروريًا منذ 2013، وكان لا بد من بناء مجال سياسى شرعى ودستورى وقانونى ومستقر وآمن، وكانت هناك بداية واعدة فى اتجاه ذلك لبناء مجال سياسى فى 30 يونيو، وكانت هناك فرصة لبناء مجال قادر على تداول السلطة بين مكوناته دون تشكيل خطر على الدولة، وبالطبع وجود الإخوان كان يشكل خطرًا على الدولة، لكن هناك مجموعة أحزاب وقوى سياسية إذا حدث تداول للسلطة فيما بينها فلن يشكل خطرًا على الدولة ومدنيتها وحداثتها وتوجهات الدولة الاستراتيجية التى يحكمها الدستور والقانون.
وبسبب أو بآخر، رأت الدولة أنه من المناسب تأجيل هذا الموضوع، قبل أن يعلن الرئيس السيسى، بشكل واضح أنه آن الأوان لفتح هذه الملفات، وهى ملفات الإصلاح السياسى، بداية من الإفراج عن المسجونين على ذمة قضايا الرأى، وحتى بناء حوار سياسى بغرض مجابهة التحديات المطروحة.
ما موقف الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بعد قرارات رئيس الجمهورية؟ وما هى أهم خطوات الإصلاح السياسى التى ترون أهميتها؟
أهم هدف الآن هو تحديد المجال السياسى بشكل واضح، كمثال هل الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، حزب يعمل فى إطار الشرعية والدستور والقانون بحيث يترك للعمل بحرية واضحة؟ ومن ثم يسمح له بالعمل بنفس درجة الحرية التى يسمح بها لأحزاب أخرى أم لا؟.. وبناء عليه يمكننا معرفة التوافق على الأحزاب ومدى عملها بكل حرية وتنافسها بكل نزاهة، وعبر فرص متكافئة تمامًا ومن ينجح منها هو من يمكنه الوصول إلى السلطة.
لذلك لا بد أولًا من تحديد المجال السياسى ومناقشته بجدية لأن هذا هو جوهر الموضوع، لكن المشكلة حتى الآن لم يتم تحديد ذلك، رغم أنه من المفترض أنه تم تحديدها مسبقًا فى ظل الدستور والقانون والأحزاب الشرعية، ولكن فى التحليل الأخير لا زالت هناك مساندة أكبر ودعم للأحزاب الموالية، وأحزاب أخرى ربما تكون معارضة أو مناكفة و«مش فى القلب أو العين» وليست لها نفس الفرصة المتكافئة التى تتوفر لأحزاب الموالاة.
لكن ألا ترى أن هناك مساحة موجودة لكل الأحزاب؟
نعم، لكن ميل لترجيح كفة بعض الأحزاب طوال الوقت، وهذا الأمر يجب أن يتوقف، ونؤكد أن هناك أحزابا أخرى موجودة ووطنية بامتياز ولا تعمل ضد الدولة وإن اختلفت مع أحزاب أخرى فى الآراء، وهذه الخلافات لا تفسد للود قضية، ولا تحول دون تداول السلطة فيما بينها، وهذا جوهر الموضوع. لذا لا بد من فتح كل هذه الملفات والنظر إليها جيدًا، وهناك أساسيات للأحزاب، ولكن على كل حال فالأحزاب الدينية أو أى حزب يدعو لميلشيات مسلحة يجب تجريم وجوده، وغير مطلوب وجوده داخل عملية المنافسة الشرعية السياسية.
إذًا.. ما هى رسالتك لتحسين المناخ السياسى فى مصر؟
يجب أن تعلم كل الأحزاب وبشكل واضح توجهاتها السياسية تجاه عدد من القضايا، حيث إنه لا مجال لأى حزب ينوى إحداث أى «تغير راديكالى»، فعلى المثال، جميع الأحزاب الدستورية الشرعية التى تعمل فى إطار القانون يجب أن تكون لديها توافق على أن هناك ثلاثة أشكال للملكية، هى التعاون والخاصة والعامة، ومن الممكن الاختلاف بين الأحزاب على حجم الملكية، لكن لا يمكن أن يتم القبول بحزب يطالب بإلغاء أى نوع من أنواع الملكية، وهذه الأمور حسمها القانون والدستور، لكن الأمر بحاجة لإعادة تأكيد على هذه الثوابت وأن تكون هناك نية وإرادة لتنفيذ فكرة المنافسة السياسية المفتوحة بين الأحزاب.
هناك ردود أفعال كبيرة حول قرارات الرئيس؟.. وماذا تعنى لكم؟
قرارات رئيس الجمهورية خطوة كبيرة فى هذا الاتجاه، خاصة أنها جاءت من رئيس الدولة بسلطاته المستندة على القانون والأعراف والتقاليد المصرية، وشرعيته الكبيرة جدًا، ومجرد إعلان عزمه أو نيته فى هذا الإطار، فهذا يعنى أن هناك قرارا اتخذ وأن هناك أجهزة ستقوم بالتنفيذ، وما أعلنه الرئيس هى حزمة متكاملة تضمنت وعدا بحوار سياسى والنظر للمحبوسين ووعدا بحوار مدنى.
كيف تفاعلتم مع قرارات العفو الرئاسى عن بعض المحبوسين؟
نحن مع الإفراج عن كل قضايا الرأى، ونرحب بهذه الخطوات ونراها ضرورية، وضربة البداية هى الإفراج عن كل المحبوسين على ذمة قضايا الرأى بما يساهم فى تهدئة حدة الاحتقان السياسى الموجود طوال السنوات الماضية، ويؤكد حسن نية النظام، ويشجع الأطراف المختلفة للدخول إلى الحوار بنفس طيبة وحسنة، وضربة البداية الإفراج ثم اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، ولا بد من إيجاد نوع من أنواع التحضير لهذا الحوار، والتوافق الوطنى العام على ذلك.
ما هى أبرز مقترحاتكم خلال المرحلة لدعم عملية الإصلاح السياسى؟
نقترح أن يكون هناك توافق وطنى عام على الأحزاب الشرعية التى تعمل فى إطار الدستور والقانون والتى سيسمح لها بالعمل والتنافس الحر، ومعرفة الأجندة الوطنية التى سنعمل عليها، وهو ما نود أن يكون بداية حقيقية لفتح المجال السياسى ووضع المعارضة فى مكانها الصحيح فى الحياة السياسية، وأرى الآن أن هذه الخطوات فرصة لمتنفس حقيقى فى المناخ السياسى، والبداية مبشرة حتى وإن تأخرت، فـ«أن تأتى متأخرًا خيرًا من أن لا تأتى».
من المناخ السياسى للاقتصادى؟.. كيف ترى تكليفات الرئيس السيسى للحكومة ببدء طرح حصص من شركات مملوكة للدولة فى البورصة المصرية.. وكذلك طرح شركات مملوكة للقوات المسلحة فى البورصة قبل نهاية العام الحالى؟
خطوة جبارة ستساهم فى توسيع رقعة مشاركة القطاع الخاص، وجعله فى قلب عملية المنافسة الاقتصادية، خاصة أن كثيرًا من المستثمرين كانوا قد اشتكوا من تزايد الدور الذى تقوم به أجهزة الدولة فى الاقتصاد بشكل أخل بالمنافسة الاقتصادية مع القطاع الخاص، وتوجيهات الرئيس ترجمت لأول مرة بشكل واضح لإجراءات محددة بالإعلان عن طرح أسهم من هذه الشركات المملوكة والدولة والجيش بالبورصة وهذه خطوة باتجاه لإعادة إحياء الأجواء المنافسة بالسوق.
أخيرًا.. وإلى المجال الاجتماعى.. ما تعليقك حول تكليفات الرئيس إلى الحكومة لتعزيز كل أوجه الدعم المقدم لمزارعى القمح.. وكذلك إعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية؟
«قرار حكيم»، بصرف النظر عن أى مشاكل دولية، وسيعيد الثقة فى السوق من قبل المستثمرين الكبار.