هدوء نسبيا ساد التصعيد السياسى فى الأزمة السعودية – الإيرانية التى هصفت بالمنطقة مؤخرا منذ تدخل إيران فى شئون المملكة العربية السعودية اثر اعدام القيادى الشيعى السعودى نمر باقر النمر، وقيام متظاهرين ايرانيين بالاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية وإحراقها، انتهت بعقاب سياسى لطهران حيث قطعت المملكة علاقتها الدبلوماسية وتضامن بعض دول مجلس التعاون الخليجى مع الرياض، وفقد قطعت البحرين علاقتها الدبلوماسية مع إيران وخفضت الإمارات من مستوى التمثيل الدبلوماسى، واستدعت الكويت سفيرها من طهران للتشاور، والأردن احتجت واستدعت سفير إيران، وقطر استدعت سفيرها من طهران، وعمان نددت باحرق السفارة، كما قطعت كلا من جيبوتى والصومال والسودان علاقتهما الدبلوماسية مع إيران تضامنا مع المملكة العربية السعودية.
لكن أدركت المملكة العربية السعودية أن العقاب السياسى والحصار الدبلوماسى ليس الوحيدى الذى سوف يردع طهران ويقف فى مواجهة تجاوزاتها بحق الرياض لزعزعة استقرار وأمن المملكة، لكن الأجدى هى "الحرب الاقتصادية" التى ستكون الفترة المقبلة العنصر الأكثر أهمية في الصراع بين القوتين الإقليميتين.
بالتأكيد تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن السعودية وحدها ليست قادرة على التغلب على خصمها فى الصراع الاقتصادى، فالعلاقات الاقتصادية والتبادل التجارى بين البلدين متواضع، إذ يبلغ حجم التبادل التجارى بينهما 500 مليون دولار، تُظهر المؤشرات أن الميزان التجارى بين البلدين حقق في الفترة بين عامي 1996 و1999 فائضًا لمصلحة السعودية مقداره 579.6 مليون ريال (نحو 155 مليون ريال) عام 1996، انخفض بمعدل 58.8% عام 1997، ليسجل 238.3 مليون ريال. وشهد عام 2001 تخفيض السلطات السعودية رسومها الجمركية من 12 إلى 5%، ما أدى إلى إرتفاع التبادل التجاري المباشر مع إيران، مقارنة بالإمارات الدولة الأكبر التى تمتلك تاريخا طويلا فى التبادل الاقتصادى مع إيران يبلغ حجمه أكثر من 20 مليار دولار سنوياً على الأقل، وقد احتفظت أبو ظبى بعلاقات جيدة مع إيران على المستوى الاقتصادى، رغم أن الخلاف الإماراتى الإيرانى قائم حول النزاع على الجزر الثلاث (طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى) بالاضافة إلى أن هناك أكثر من نصف مليون إيرانى يقطنون الإمارات يديرون شبكة ضخمة من الأنشطة الاقتصادية تعود بالنفع بشكل أكبر على الاقتصاد الإيرانى.
لذا تحاول المملكة ضم أبو ظبى فى صفها للسعى لخنق الاقتصاد الإيرانى، إضافة إلى أن السعودية تمتلك ميزات كبرى فى سوق النفط، حتى لو كان سعر النفط فى أدنى مستوى فالرياض تستطيع تحمل انخفاض أكبر فى أسعار النفط على عكس طهران التي تعتمد بشكل رئيسي على البترول فى تمويل ميزانيتها.