عبر البيان الأخير الذى أصدرته أحدى الجبهات المتنازعة على قيادة جماعة الأخوان وتضمن ترحيبا باتفاقية تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل عن التحولات التى تشهدها الجماعة فى نظرتها إلى الصراع العربى الإسرائيلى خلال الـ10 سنوات الماضية، حيث انتقلت الجماعة من استعدادها للتظاهر تضامناً مع أى شيء يخص القضية الفلسطينية إلى استعدادها لتوظيف القضية والقفز على ثوابتها من أجل دعم موقف سلطات دولة تستضيف قيادات الجماعة وأذرعها الإعلامية على أراضيها.
حجم التباين بين الموقف الأخير للإخوان والمواقف السابقة تكشفه الإحصائيات المنشورة على الموقع الرسمى للجماعة التى تشير إلى أنه فى أحداث الحرب على غزة عام 2008 وصل حجم المعتقلين من الجماعة فى المظاهرات المختلفة التى شارك فيها الإخوان بطول البلاد وعرضها إلى نحو 2000 معتقل كان من بينهم الرئيس المعزول محمد مرسى، وعصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة "المنحل"، حيث أمضيا فى السجن فترة زادت عن الـ6 أشهر.
وفى احتجاجات 2008 كان الهتاف الشهير يدوى فى المظاهرات "خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود"، لكن قبلها وبعدها حدثت سلسلة من المواقف الإخوانية تجاه إسرائيل غادرت خلالها الجماعة المبادئ الثابتة للقضية، واتجهت نحو التوظيف السياسى ذو المنفعة المباشرة، وإعادة قراءة هذه المواقف قد يصل بنا إلى تفسير مقنع لحالة الترحيب بالتطبيع التركى الإسرائيلى.
لقاء مع السفير الإسرائيلى
فى عام 2009 شارك وفد من نواب الجماعة فى البرلمان فى احتفالية عيد الاستقلال التى نظمتها السفارة الامريكية بالقاهرة وضم الوفد كل من سعد الكتاتنى وسعد الحسينى وحازم فاروق وكانت المفاجأة أنهم التقوا اثناء الحفل بالسفير الإسرائيلى وصافحوه، ووقتها قال الحسينى فى تصريحات إعلامية لتبرير الموقف أنهم لم يكن يعلموا أن هذا الشخص هو السفير الإسرائيلى، وأن هذه المصافحة لم تستغرق 120 ثانية.
وداخل أروقة الجماعة برر الدكتور سعد الكتاتنى، وكان وقتها عضوًا بمكتب الإرشاد الموقف على نحو مختلف بعض الشيء، حيث أشار إلى انهم اضطروا لتطبيق البرتوكول ومصافحة السفير الإسرائيلى عندما بادرهم بالسلام وهى الرواية التى نقلها الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام انذاك، وقال إنه استشاط غضبًا بسببها.
استفتاء على اتفاقية كامب ديفيد
قبل ثورة يناير وجدت جماعة الإخوان نفسها فى حالة من الجدل بسبب سؤال افتراضى وجه إلى الدكتور عصام العريان مسئول المكتب السياسى للجماعة انذاك حول موقف الجماعة من اتفاقية كامب ديفيد وإسرائيل حال وصولها إلى السلطة، وحينها قال أن الجماعة إذا وصلت إلى السلطة فأنها ستجرى استفتاءً على الاتفاقية وكان هذا التصريح هو أول خروج عن تقاليد المعارضة المصرية الرافضة لكامب ديفيد بالكامل حيث لم يكن يتوقع أحدًا وقتها أن المعارضة قد تجلس يومًا على مقاعد السلطة.
الاعتراف بإسرائيل
فى حوار مع جريدة الزمان التركية نسب لمحمد حبيب نائب المرشد العام لجماعة الاخوان وقتها تصريح أقام الدنيا ولم يقعدها، حيث أكد وقتها أن الجماعة لديها استعداد للاعتراف بإسرائيل إذا تراجعت الأخيرة لحدود 1948، ونظرًا لأن التصريح كان صادمًا لعموم الصف الإخوانى فإن حبيب أضطر لإصدار توضيح لام خلاله على الترجمة غير الدقيقة للحوار، وأشار إلى أن الترجمة جرت بـ3 لغات وهو مادى فى النهاية إلى خروج المحتوى على نحو غير دقيق.
عزيزى بيريز
عقب تولى محمد مرسى السلطة نشرت الصحف الإسرائيلية خطابًا برتوكوليًا منسوبا له بمناسبة تعيين سفير مصرى جديد فى أسرائيل تضمن عبارات تحمل قدر من الود والتقدير وهو ما وضع جماعة الاخوان فى حرج شديد، وعقب عزل مرسى حاول بعض مستشاروه تبرير الموقف وتبرئة مرسى مما حدث.
وبعد أشهر قليلة تعرضت الجماعة لأزمة أعنف، وذلك بعد تصريحات عصام العريان ومطالبته بعودة اليهود المصريين إلى مصر.