للمنافسات الدولية فى رياضة كرة القدم، سحر خاص، ليس بالنسبة لعشاق الدائرة المستديرة فحسب، وإنما للاعبين والمدربين على حد سواء، فهذه البطولات تمثل لهؤلاء لحظة امتحان يُعّز فيها النجم أو يهان.
وأصبحت البطولات الكروية، سواء الأوروبية أو الدولية، اختبارًا مصيريًا للمدربين، فمن تألق أصبح شخصية مقدسة لا نقاش أو غبار عليها، ومن فشل فعليه الاستقالة، أو مواجهة وابل من الانتقادات تجعله يرضخ فى النهاية.
كونتى المدهش
مدرب المنتخب الإيطالى أنتونيو كونتي، على سبيل المثال، بات من أولئك الذين ضمنوا مقعدًا فى زاوية الناجحين فى بطولة يورو 2016 المقامة حاليًا فى فرنسا، قبل أن يتوجه إلى تشيلسى محطته القادمة اعتبارًا من الموسم القادم.
كونتي، كشف عن دهاء تكتيكي، أمتع به الأنظار، وقاده إلى الفوز مع الآزورى أمام بلجيكا (2-0)، ضمن منافسات دور المجموعات، ثمّ أمام إسبانيا المدافعة عن اللقب بالنتيجة والبراعة ذاتها.
فى المقابل، أصابت لعنة يورو 2016 قائمة من المدربين الذين أجبروا على الرحيل من فرنسا مجردين من وظائفهم أو على بعد أمتار قليلة من فقدانها.
مدربون رحلوا
رودى هودجسون
كانت استقالة روى هودجسون مدرب المنتخب الإنجليزى الأكثر دراماتيكية وتأثيرًا. لم يترك الأخير أى مجال للتكهنات، وسارع مباشرة بعد هزيمة إنجلترا أمام إيسلندا (2-1) فى دور الستة عشر إلى تلاوة بيان استقالته، ليغادر بعد دقيقتين ونصف المنصة الإعلامية.
كان البيان، الذى تلاه هودجسون مفعما بعبارات جياشة طلب فيها المعذرة من المشجعين، كما أنه تحمل فيها المسؤولية كاملة عن أسوأ هزيمة واجهها الإنجليز فى تاريخهم الكروي، دون أن ينسى الإشادة بلاعبين "يتميزون بمواهب خارقة"، على حد وصفه.
ولم يشفع لهودجسون، النجاح الكبير الذى حصده مع منتخب بلاده أثناء فترة التصفيات، فالخسارة أمام القزم أيسلندا كانت غير محتملة بالنسبة لمخترع اللعبة.
وحاليا، يجرى البحث فى إنجلترا على قدم وساق عن شخص يمكنه قيادة الجيل الشاب للمنتخب الإنجليزى وتقديم أداء جيد خلال مونديال روسيا 2018، لكن وإلى غاية كتابة هذه السطور لم يفرض أى اسم نفسه بقوة، عدا اسم الألمانى يورجن كلينسمان الذى بدا صاحب الصدى الأكبر فى هذا الشأن، حيث طالب بضرورة التعاقد معه اللاعب الإنجليزى السابق جيمى كارجر، الذى قال: "كلينسمان وصل مع ألمانيا إلى الدور قبل النهائى للمونديال والآن عاد ليحقق نفس الإنجاز مع منتخب الولايات المتحدة فى كوبا أمريكا، إنه يعرف كرتنا جيدًا".
وسبقت استقالة هودجسون، استقالة كل من ليونيد سلوتسكي، مدرب المنتخب الروسي، وأنجيل يوردانيسكو مدرب المنتخب الألماني، وإريك هامرين منتخب السويد، وجميع هذه المنتخبات ودعت البطولة من دور المجموعات.
آخرون فى طريقهم إلى الرحيل
لم يعد الأسطورة الشامخة دل بوسكي، الذى قاد الماتادور الإسبانى إلى لقبه العالمى فى مونديال جنوب إفريقيا 2010، ثم اللقب الأوروبى فى بطولة 2012 تلك الشخصية المقدسة التى لا ينتقدها أحد فى إسبانيا، فبعد خسارة إسبانيا أمام إيطاليا فى دور الستة عشر، ومن تمّ الخروج المبكر من بطولة فرنسا، لم يظهر دل بوسكى أية نية للتنحي.
غير أن الصحافة الإسبانية ردت بوضوح: "إنها النهاية. إنها نهاية سيئة لدل بوسكي، حتى ولو أننا سنظل مدنين له أبد الدهر"، كما نجد على صفحة "آس" غداة خروج إسبانيا من البطولة. فيما عنونت صحيفة "موندو ديبورتيفو": "دل بوسكى لا يستحق نهاية كهذه".
مارسيل كولر
ووضع مدرب المنتخب النمساوي، مارسيل كولر، ليس أحسن حالاً من دل بوسكي. الفارق بينهما أن للأخير رصيدًا تاريخيًا يشفع له، بينما الأول قام خلال هذه البطولة بأخطاء تكتيكية رهيبة كلفت الفريق الخروج من دور المجموعات متذيلاً قائمة المجموعة السادسة.
وما يحسب على كولر، هو إصراره على وضع ديفيد ألابا لاعب بايرن ميونيخ، فى وسط الدفاعى الهجومي، رغم أن الأخير أظهر صعوبة فى التأقلم مع المهمة.
انتى كاسيتش وانتقادات كرواتية
كذلك الشأن بالنسبة لمدرب المنتخب الكرواتى انتى كاسيتش، الذى يواجه انتقادات المشجعين والمحللين على حد سواء بخصوص قراراته بتأجيل تبديلات اللاعبين، خلال المباراة التى انهزم فيها فريقه أمام البرتغال فى دور الستة عشر ليورو 2016.
وأشارت بوابة "اتش.ار" إلى أن القراء أجمعوا على أن كاسيتش هو السبب الرئيسى فى الخروج من كأس الأمم الأوروبية.
وجاء ضمن تعليقات القراء: "كاسيتش هو المذنب الوحيد"، "كاسيتش أجرى تبديلاته قبل دقيقتين من نهاية المباراة".. أرسلوه إلى بيته !.. الحكم يطلق صافرة النهاية وكاسيتش يبدأ التفكير فى إجراء تغييرات".