تغيرات سياسية متسارعة شهدتها أوروبا خلال أيام قليلة، حيث باتت القارة العجوز تتجه بخطى ثابتة نحو تمكين اليمين المتطرف من الساحة السياسية حتى وإن تعلق الأمر بنفوذهم دون صعود فعلى للسلطة.
النمسا
لنبدأ بأحدث التطورات التى تنبأ بمشهد أوروبى جديد من مشاهد صعود اليمين المتطرف إلى الحكم، فلقد ألقت المحكمة الدستورية العليا فى النمسا بنتائج الإنتخابات الرئاسية التى أجريت الشهر الماضى، معلنة، أمس الجمعة، بطلانها وإجراء انتخابات جديدة أكتوبر المقبل، لتمنح اليمن المتطرف المتشكك فى البقاء داخل الاتحاد الأوروبى، فرصة جديدة للفوز.
نتائج الانتخابات الأولى لقيت حفاوة من قبل أحزاب اليمين الأوروبى على الرغم من أن حزب الحرية بزعامة نوربرت هوفر، الذى يمثل أقصى اليمين فى النمسا، لم يتمكن من تسجيل انتصار ساحق على غريمه حزب الخضر، لكن النتيجة الأبرز بالنسبة لهم كانت الهامش الضيق للغاية التى فاز به المرشح المستقل ألكساندر فان دير بالن، إذ حصل على 50.43% من الأصوات مقابل 49.66% لصالح هوفر، مما سمح للأخير بإعلان عن جولات قريبة رابحة ضد الأحزاب الليبرالية واليسارية فى النمسا وأوروبا.
ومن ثم فإن إعلان انتخابات رئاسية جديدة فى أكتوبر المقبل، من شأنه أن يمنح فرصة جديدة وقوية لليمين المتطرف ليصعد إلى الحكم، يعززه فى ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الذى أظهر تأثير التيار القومى اليمينى فى ظل فشل الاتحاد الأوروبى فى مواجهة أزمة اللاجئين.
بريطانيا
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى نفسه كان احد مشاهد التغيير القوية خلال الأيام الماضية والذى ربما ينبأ بتفكك الاتحاد الذى تأسس منذ عام 1958، حيث كانت المخاوف من المهاجرين وفرص العمل المحرك الرئيسى فى استفتاء الخروج الذى أيده البريطانيين، وهى نفس الشواغل التى يستغلها القوميون لتوسيع نفوذهم داخل بلدان القارة العجوز.
وبحسب صحف أمريكية فإن تصويت "بريكسيت" أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ربما ينعش المشاعر الشعبية فى الانتخابات الرئاسية المقررة فى النمسا فى وقت لاحق هذا العام.
ونقل موقع هافينجتون بوست، فى تقرير له الأسبوع الماضى، عن كاتيا آدلر خبيرة الشأن الأوروبى بهيئة الإذاعة البريطانية، أنها طوال حياتها لم تشهد تنامياً وتفشياُ لروح التشكك والفرقة فى الاتحاد الأوروبى بقدر ما تشهده الآن.
فالكثير من الأوروبيين راقبوا توجه الناخبين البريطانيين إلى صناديق الاستفتاء بعينين تملؤهما الحسد وتأكلهما الغيرة، فالكثير من القضايا والشكاوى التي يتذمر منها أنصار حملة الخروج تلقى أصداء مماثلة وآذانا صاغية موافقة عبر دول القارة الأوروبية طولاً وعرضاً.
سلوفاكيا
وبالإضافة إلى ما حققته أحزاب اليمين الأوروبية من فوز معنوى ونفوذ على المواطنينين فى أنحاء أوروبا، من خلال ربح مزيد من الشعبية لسياسات رفض المهاجرين وهو ما سوف يلقى بظلاله على سياسات قبول اللاجئين، فإنه سلوفاكيا، المعروفة بسياستها الصارمة ضد اللاجئين ورفضها للمسلمين، تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبى للأشهر الستة القادمة.
وبحسب الإذاعة الألمانية "دويتشه فيلة" فإن كافة الأطراف السياسية فى البرلمان السلوفاكى تتفق على سياسة عدم استقبال اللاجئين وطالبى اللجوء. وأطلق رئيس الحكومة روبرت فيكو، الذى ينتمى للحزب الاشتراكى الديمقراطى، فى الحملة الانتخابية وعودا بعدم التساهل مع الجاليات المسلمة فى بلاده، وقال إن "ليس هناك مكان للإسلام لدينا".
ويتوقع خبراء أن يلقى قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبى دون شك بظلاله ليس فقط على السياسة الداخلية فى سلوفاكيا بل أيضا على رئاسة الاتحاد الأوروبى. وعلى غرار التشيك وبولندا وهنغاريا، اتخذت سلوفاكيا موقفا صارما من المهاجرين ويتجلى ذلك فى تصريحات رئيس الحكومة روبرت فيكو، إذ دعا إلى ضرورة تغيير جذرى فى الاتحاد الأوروبى.