تحل علينا اليوم الذكرى الثالثة لعزل محمد مرسى، ذلك اليوم الذى شهد تحول الإخوان وقياداتها من الحكم إلى السجون، كما أنه كان شاهدا على أسوأ مرحلة عاشتها الجماعة منذ نشأتها فى عام 1928 على يد حسن البنا وحتى الآن، وبعدها شهدت الجماعة متغيرات عديدة.
المعلومات التى خرجت من قيادات إخوانية على خليفة الخلاف الذى يقع بينها الآن، كشف بعضها كواليس ما قبل عزل مرسى، فتشير تلك المعلومات إلى أن هناك قطاعا من أعضاء مكتب إرشاد الإخوان، كان يفضل التجاوب مع المطالب التى خرجت فى 30 يونيو تطالب محمد مرسى بالتنحى عن الحكم، وهو ذلك التيار المعروف إعلاميا بتيار "الإصلاحيين" وكان على رأسهم محمد على بشر، والذى كان يشغل منصب وزير التنمية المحلية آنذاك، ولكن تيار "صقور الجماعة" هو من اعتمد على وعود أمريكية بأنهم سيساهمون فى بقاء محمد مرسى والتعاون معه.
قبيل مطالبة محمد سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، آنذاك، لحضور اجتماع الحاسم فى 3 يوليو لتحديد خارطة الطريق، كانت تدور داخل أروقة الإخوان الكثير من النقاشات، حول مدى قدرة المشاركون فى تظاهرات التحرير والاتحادية أن يغيروا من مسار حكم الجماعة، وكانت الغالبية من أعضاء مكتب الإرشاد ويتزعمهم نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر، كانت تستخف بالتظاهرات، وتزعم أن المتواجدين فى الميادين غير قادرين على إسقاط محمد مرسى، خاصة أن اللقاء الذى سبق ثورة 30 يونيو بقليل بين "آن باترسون"، وخيرت الشاطر تتضمن الحديث حول مدى قدرة أمريكا على دعم محمد مرسى، ومدى تجاوب الإخوان مع الداعين للتظاهر فى 30 يونيو، وكان الشاطر من أبرز المستخفين بتك التظاهرات.
وبما أن تيار الشاطر قرر أن الجماعة لن تقدم أى تنازلات لإرضاء المتظاهرين، أو الاستجابة لمطالبهم فى تنحى محمد مرسى، جاء رد الإخوان بعد دعوة الكتاتنى لحضور اجتماع خارطة الطريق بالرفض، حيث لم يكن بمقدور الكتاتنى رفض طلب تيار الشاطر له بعدم الحضور، لتخسر الجماعة أخر فرصة لها.
عزل محمد مرسى كانت نتيجة لعدد من الممارسات التى قامت بها جماعة الإخوان خلال عهده، فتحول الجماعة من الحكم إلى السجون كان سببه سيطرة مكتب إرشاد الإخوان على مقاليد الحكم فى مصر، فالجميع كان يعلم أن محمد مرسى لم يكن هو من يحكم، وأن مكتب الإرشاد كان متواجد بقوة فى قصر الاتحادية آنذاك، وكافة القرارات التى كات يتخذها المعزول كانت تخرج مقدما من مكتب الإرشاد، بل إن حركات التغيير الوزارى وحركات المحافظين التى كانت تتم فى عهد محمد مرسى كانت بتوصية من مكتب المقطم.
السبب الثانى هو التحالف القوى الذى أقامته الإخوان مع التيارات التكفيرية فى سيناء، وعلاقاتهم القوية بمحمد الظواهرى شقيق أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، بل إن حوار عاصم عبد الماجد القيادى بالجماعة الإسلامية، فى جريدة الشرق القطرية كشف فيه أنه كان هناك اتفاق على عمل حرس ثورى لمحمد مرسى على غرار الحرس الثورى الإيرانى.
وأحد أسباب تحول الإخوان من الحكم إلى السجون، هو استخفافهم بالمعارضة المصرية تماما، ورفضهم الحوار مع القوى السياسية، حيث ظنت الجماعة أنها كل شئ فى مصر ولم يعد أحد يضاهيها ولم تستمع لكافة الأراء المعارضة والتى طالبت التنظيم بمراجعة سياساته.
وضمن الاسباب ايضا هو الفشل المتلاحق لسياسات محمد مرسى فى التعامل مع الأزمات، وقراراته الديكاتورية التى بدأها بالاعلان الدستورى الذى كان القشة التى قسمت ظهر البعير، وجعلت المعارضة تتحد ضده، بجانب إخفاقات عديدة داخلية وخارجية.