أعلنت المفوضية الأوروبية، مراسلتها نائبة رئيسها السابقة نيلى كروس لكتابة توضيح بعد الكشف عن أنها ساعدت أوبر سرًا فى الضغط على رئيس الوزراء الهولندى، مارك روت، وسلسلة من السياسيين الوطنيين الآخرين.
وواجهت المفوضية الأوروبية دعوات لفتح تحقيق فورى والدفاع عن نزاهة الاتحاد الأوروبى فى أعقاب التقارير، التى أظهرت أن كروس اتصلت بالسلطات الحكومية الهولندية بشأن أوبر بعد أقل من ستة أشهر من تركها منصبها كأكبر مسئول فى الاتحاد الأوروبى فى سياسة الإنترنت.
وكان عدد من وسائل الإعلام الأمريكية والفرنسية والبريطانية، قد نشروا تقريرًا أطلقوا عليه "وثائق أوبر" سلطت فيه الضوء على بعض ممارسات "أوبر" خلال سنوات توسّعها السريع، واستخدامها العنف والضغط سرًا على الحكومات فى كافة أنحاء العالم، وخرق القانون وخداع الشرطة من أجل الضغط على السلطات لتقديم التنازلات من أجلها.
ويستند تحقيق "ملفات أوبر" إلى الآلاف من وثائق أوبر الداخلية التى أرسلها مصدر مجهول إلى صحيفة "الجارديان" البريطانية، وحصل عليها الاتحاد الدولى للصحافيين الاستقصائيين، ويعمل الاتحاد على هذه القضية مع 42 شريكا إعلاميا حول العالم.
وحصلت صحيفة الجارديان البريطانيّة على نحو 124 ألف وثيقة مؤرّخة من 2013 إلى 2017، وتَشاركتها مع الاتّحاد الدولى للصحافيّين الاستقصائيّين، بما فيها رسائل بريد إلكترونى ورسائل تعود إلى مديرين فى " أوبر " فى ذلك الوقت، بالإضافة إلى مذكّرات وفواتير.
ويسلط التسريب الضوء على كروس، السياسية الهولندية المخضرمة، التى وعدت ببذل "قصارى جهدي" لمساعدة الشركة فى ترتيب لقاء مع مسؤول كبير فى المفوضية الأوروبية، على الرغم من الحظر المفروض على الضغط على زملائها السابقين فى ذلك الوقت.
وتُشير التقارير الإعلاميّة إلى رسائل من ترافيس كالانيك الذى كان حينها رئيسًا للشركة عندما عبّر عدد من كوادر الشركة عن القلق بشأن المخاطر التى قد يتعرّض لها السائقون الذين كانت "أوبر" تشجّعهم على المشاركة فى تظاهرة فى باريس.
ووفقًا للصحيفة فقد تبنّت "أوبر" تكتيكات متشابهة فى دول أوروبية مختلفة (بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها)، حيث عمدت إلى حشد سائقيها وتشجيعهم على تقديم شكاوى إلى الشرطة عندما كانو يتعرّضون لاعتداءات، وذلك من أجل الاستفادة من التغطية الإعلاميّة للحصول على تنازلات من السلطات.
وندّد نوّاب فرنسيّون معارضون بتعاون وثيق حصل على ما يبدو بين ماكرون و"أوبر"، فى وقتٍ كانت الشركة تُحاول الالتفاف على التنظيم الحكومى الصارم لقطاع النقل.
من جانبه قال قصر الإليزيه لفرانس برس أنه فى ذلك الوقت، كان ماكرون، بصفته وزيرًا للاقتصاد، على اتّصال بطبيعة الحال مع كثير من الشركات المشاركة فى التحوّل العميق الذى حصل على مدى تلك السنوات المذكورة فى قطاع الخدمات، و(هو تحوّل) كان لا بُدّ من تسهيله عبر فتح العوائق الإداريّة والتنظيميّة".
وبدت هيئة مراقبة الشفافية فى الاتحاد الأوروبى ملاحظة أكثر إلحاحًا، حيث وصفت ما تم الكشف عنه بأنه مقلق ولكنه ليس مفاجئًا.
وقالت إميلى أوريلى، أمينة المظالم فى الاتحاد الأوروبى، فى بيان لصحيفة الجارديان: "بروكسل هى ثانى عاصمة للضغط فى العالم، وتستخدم هذه الأنواع من التكتيكات على نطاق واسع من قبل الشركات الكبيرة فى أوروبا".
كما اتُهمت فون دير لاين نفسها بالتقدم البطيء فى إنشاء هيئة أخلاقية مستقلة فى الاتحاد الأوروبى للقضاء على تضارب المصالح لجميع المسؤولين والسياسيين السابقين الذين ينتقلون إلى وظائف أخرى.
وبموجب قواعد الاتحاد الأوروبى الحالية، يُمنع المفوضون السابقون من ممارسة الضغط على المفوضين العاملين وكبار مساعديهم لمدة عامين بعد تنحيهم، لكن لا يوجد حظر على الاتصال بالسياسيين الوطنيين نيابة عن شركة خاصة.
وعندما تركت كروس اللجنة فى عام 2014، كانت فترة التهدئة 18 شهرًا، وهى، مثل المفوضين الحاليين، عليها التزام مدى الحياة بالتصرف "بنزاهة وحذر" عند ترك السلطة التنفيذية فى الاتحاد الأوروبي.
ويمكن حرمان أى مفوض سابق يثبت انتهاكه للقواعد من معاشه التقاعدى فى الاتحاد الأوروبي.