ما هي الأطعمة التي كان النبي يحبها والاطعمة التي كان يعاف أكلها؟، سؤال توجهنا به لمركز الأزهر العالمى للفتوئ الإلكترونية ، والذى أوضح فى رده : أنه من المعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من جنس البشر، يشتهي من الأطعمة ما تحبه نفسه، ويكره ما تعافه نفسه كما هو حال باقي البشر.
ومع هذا؛ فلم يكن النبي –صلى الله عليه وسلم- ليعيب طعاما طيّبًا قدّم إليه قط؛ فكان من هديه –صلى الله عليه وسلم- أنه يأكل ما يُقرّب إليه من الطعام إن اشتهاه، وإلّا تركه دون أن يحرِّمه على غيره، أو ينهاه عنه، أو يَذمّه؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «مَا عَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ» [متفق عليه؛ البخاري برقم/ 3563، ومسلم برقم/ 2064].
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفضّل أنواعًا من الأطعمة، دون بعضها:
فمن الأطعمة التي كان يحبها النبي -صلى الله عليه وسلم- القثّاء (الخيار)، والدُّبّاء (القرع أو اليقطين) صلى الله عليه وسلم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ» [ أخرجه البخاري برقم/ 5440].
وثبت عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قال: قُرّبَ إِلَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُبْزًا وَمَرَقًا، فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ»، قَالَ: «فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ». [أخرجه البخاري برقم/ 2092]، والدباء هو القرع.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب لحم الظهر والكتف، ويقول: " أَطْيَبُ اللَّحْمِ لَحْمُ الظَّهْرِ " [ أخرجه أحمد في مسنده برقم/ 1744]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي دَعْوَةٍ، «فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً» (النهس: الأخذ بأطراف الأسنان) [متفق عليه؛ البخاري برقم/ 3340 ، ومسلم برقم/ 194].
أما من الأطعمة التي ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يعافها:
فلحم الضبّ؛ وسبب ذلك: أنه لم يكن بأرض قومه – صلى الله عليه وسلم –؛ فعَنْ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ -رضي الله عنه-، قَالَ: "أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضَبٍّ مَشْوِيٍّ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ لِيَأْكُلَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ ضَبٌّ، فَأَمْسَكَ يَدَهُ، فَقَالَ خَالِدٌ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَكُونُ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» فَأَكَلَ خَالِدٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْظُرُ " [متفق عليه؛ البخاري برقم/ 5391، ومسلم برقم/ 1945].
وصحّ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – كراهيّته لأكل الثوم؛ وذلك لأجل ريحه؛ فعَنْ أَبِي أَيُّوب: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا بَعَثَ بِفَضْلِهِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: فَأُتِيَ يَوْمًا بِقَصْعَةٍ فِيهَا ثُومٌ، فَبَعَثَ بِهَا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: " لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُ رِيحَهُ " قَالَ: فَإِنِّي أَكْرَهُ مَا تَكْرَهُ [ أخرجه أحمد في مسنده برقم/ 23535].
فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يحرص على عدم الإكثار من تناول الطعام وتتتبّع أنواعه التي كان يحبها؛ حفاظًا على صحته ولياقته، وضمانة لعدم التعرض للأمراض المؤثرة سلبًا على الجسد.
وشار إلى ذلك بَقوله: " مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثُ طَعَامٍ، وَثُلُثُ شَرَابٍ، وَثُلُثٌ لِنَفْسِهِ " [ أخرجه أحمد في مسنده برقم/ 17186].