استيقظ لبنان اليوم على خلافات سياسية واسعة بعد أن امتنع وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل أمس عن التصويت على قرار الجامعة العربية بإدانه إيران على خلفية أزمتها مع السعودية، حيث ظهر بشكل واضح الإنقسامات التى يعانى منها الداخل اللبنانى وانعكاس للأزمة السياسية التى تعانى منها البلاد.
الأطياف السياسية أنقسمت حول موقف وزير الخارجية إلى فريقين أحدهما مؤيد لعدم معاداة إيران والزج بلبنان فى صراع إقليمى ومشكلات لا طائل له بها، فى حين جاء الجزء الأخر مؤيدا للموقف العربى ومعتبرا أن عدم تصويت لبنان للقرار بمثابة شق للصف العربى وتغريد خارج السرب.
سعد الحريرى يهاجم موقف الحكومة برفض التصويت على القرار
وهاجم سعد الحريرى موقف وزير الخارجية معبرا عن الاسف لامتناعة عن التصويت على القرار، وقال فى بيان رسمى أن " الإمتناع لا يعبر عن رأى غالبية اللبنانيين، الذين يعانون من التدخل الإيرانى فى شؤونهم الداخلية، ويبادلون المملكة العربية السعودية، قيادة وشعبا، مشاعر المحبة والتضامن لما لها من أياد بيضاء وتاريخ مشهود بالوقوف إلى جانب لبنان فى الأزمات كما فى مسيرة إعادة الإعمار والتنمية بعد كل أزمة وعدوان إسرائيلى".
وأضاف الحريرى أن التذرع بذكر تدخل حزب الله فى البحرين فى البيان الختامى لوزراء الخارجية، لا يبرر التهرب من الإجماع العربى حيال مسألة أساسية تتناول التدخل الإيرانى فى الشؤون العربية الداخلية، بل هو تذرع مبتور لا يتطابق مع مفهوم تقديم المصلحة الوطنية اللبنانية على الاجماع العربى.
وقال: "نحن بكل بساطة أمام موقف لا وظيفة له سوى استرضاء ايران والإساءة لتاريخ لبنان مع اشقائه العرب، وهو أمر مرفوض فى قاموسنا ولا ندرجه فى خانة تعبر عن موقف الدولة اللبنانية".
صحيفة النهار: موقف لبنان يؤثر على صورة لبنان فى المنطقة والعالم
ومن جانبها قالت صحيفة النهار اللبنانية أن مخالفة لبنان أمس للإجماع العربى وخروجه عنه فى اجتماع وزراء الخارجية العرب الذى دان السياسات الإيرانية فى المنطقة وتدخلاتها فى دولها ومن بينها لبنان تحديدا أرخى ظلالا كثيفة وقاتمة على صورة لبنان فى المنطقة والعالم.
وأضافت الصحيفة فى تعليقها على موقف الحكومة باتباع سياسة النأى بالنفس أنه يفيد من جهة حزب الله وإيران فى حين أنه كشف من جانب آخر واقع لبنان ولا سيما من الناحية الديبلوماسية والسياسة الخارجية حيث بدأ تبعيا وليس نائيا بنفسه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يعد ثمة شك فى أن هذا السياسة التبعية الخارجية التى تهمش لبنان أكثر فاكثر باتت تتهدده باوخم العواقب وليس أقلها ترسيخ التعامل العربى والخارجى معه على أنه فاقد القدرة على استقلاليته بما يعيد ترسيخ تجربة الوصاية السورية على السياسة الخارجية اللبنانية ولكن هذه المرة لمصلحة إيران وحليفها "حزب الله".
وهو الامر الذى يثير مخاوف عميقة لدى هذه الأوساط من اضمحلال صورة الدولة اللبنانية خارجيا ما دام أى عامل داخلى لن يتمكن من وقف الإنجرار وراء هذه التبعية الديبلوماسية التى يجرى ترسيخها على يد وزراء من مجموعة " 8 آذار" فيما يستكين وزراء "14 آذار" وتسلم رئاسة الحكومة بالأمر الواقع.
جبران باسيل يدافع عن القرار: للحفاظ على وحدتنا
وفى المقابل دافع وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل، عن امتناع بلاده عن التصويت على القرار، وقال "أتينا إلى القاهرة للتضامن مع السعودية ضد الاعتداء الذى تعرضت له سفارتها وقنصليتها فى إيران، وذلك التزاما منا بالاتفاقات الدولية، ورفض انتهاك حرمة أى سفارة أو بعثة دبلوماسية خصوصا، إذا كانت للمملكة، كذلك الأمر التزاما بالمادة 8 من ميثاق جامعة الدول العربية، الذى ينص على عدم التدخل فى شؤون الدول الداخلية"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وأضاف "لقد تشعب الموضوع إلى أكثر من ذلك.. والاشتباك الكبير فى المنطقة أدخلانا فى أمور ثانية، ولبنان أخذ قراره الحكومى فى الابتعاد عن هذه المشاكل، واعتماد سياسة النأى بلبنان عن هذه الأزمات، وهذا ما حصل اليوم، من دون أن نعطل الاجماع العربى اليوم، والتضامن العربى".
وتابع: "لقد نجحنا ثانية، فى الحفاظ على وحدتنا الداخلية، دون التخريب على الإجماع العربى، ولذلك فإن لبنان امتنع عن التصويت، فى قرار الوزراء العرب، ونأى بنفسه عن الأمر. أما فى البيان الذى ذكر حزب الله اللبنانى، وربطه بأعمال إرهابية، فطالبنا بإزالته واعترضنا على هذا البيان.