لاتزال أزمة الطاقة التى تفاقمت بفعل الحرب الأوكرانية الروسية تلقى بظللالها على العالم، حيث ارتفعت أسعار النفط العام الجارى 2022 إلى أعلى مستوياتها منذ 2008، وقفز فوق 139 دولارا للبرميل في مارس الماضى، بعد أن فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات على روسيا بسبب أزمة أوكرانيا، ثم تراجعت الأسعار إلى حوالي 108 دولارات للبرميل، حيث أدى ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الفائدة إلى إثارة المخاوف من حدوث ركود قد يؤدي إلى تراجع الطلب.
وتحاول منظمة أوبك وتحالف أوبك+ مواجهة التحديات الجديدة التى فرضتها تلك المتغيرات الدولية، وهو ما تتت مناقشته خلال اجتماع المنظمة الأخير مطلع أغسطس الجارى، حيث تم النظر في إمكانية إبقاء إنتاج النفط دون تغيير لشهر سبتمبر أو زيادته زيادة محدودة، فى ظل دعوات الولايات المتحدة لزيادة الإمدادات.
أوبك والتحديات
وحول الدور الذى يمكن أن تقوم به منظمة أوبك وأوبك+ أكد وزير الطاقة السعودى الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، أن مجموعة أوبك+ أكثر التزاماً ومرونة، ولديها وسائل ضمن إطار آليات إعلان التعاون تمكنها من التعامل مع هذه التحديات، التي تشمل إمكانية خفض الإنتاج في أي وقت، وبطرق مختلفة، وهو ما أثبتتهُ مجموعة أوبك بلس مراراً وبوضوح خلال عامي 2020 و2021.
وأضاف:"سنبدأ قريباً العمل على صياغة اتفاقية جديدة لما بعد عام 2022، سنواصل فيها البناء على خبراتنا وإنجازاتنا ونجاحاتنا السابقة، ونحن مصممون على جعل الاتفاقية الجديدة أكثر فاعلية، والواقع أن ما شهدناه، خلال الفترة الماضية من تقلباتٍ خطيرة أثرت سلبًا في أساسيات أداء السوق وقوضت استقرارها، لا يزيدنا إلا إصرارًا على تحقيق ذلك.
رد أمريكى
من جانبها علقت الولايات المتحدة الأمريكية على تصريحات وزير الطاقة السعودى حول إمكانية خفض "أوبك بلس" لإنتاج النفط في أي وقت، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، حيث قال: "نحن لسنا عضوًا في أوبك، ولسنا عضوًا في أوبك بلس، ولكن بالطبع لدينا علاقات وثيقة مع العديد من أعضاء أوبك بلس".
وأضاف: "إننا نناقش ضمان إمدادات ثابتة من الطاقة العالمية على أساس ثنائي، وعلى أساس متعدد الأطراف مع شركائنا في جميع أنحاء العالم. ستستمر هذه المحادثات، لا سيما أننا نواجه أزمة طاقة زادت حدتها بسبب العدوان الروسي على أوكرانيا".
وتابع بالقول: "من جانبنا، فعلنا ما في وسعنا محليًا من خلال الاستفادة من احتياطي البترول الاستراتيجي الخاص بنا بوتيرة غير مسبوقة. وكذلك من خلال العمل مع الحلفاء في جميع أنحاء العالم لزيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال للحلفاء والشركاء في مناطق أخرى من العالم الذين قد يحتاجون إليه، خاصة مع اقتراب أشهر الشتاء. جنبًا إلى جنب مع شركائنا الأوروبيين، أطلقنا أيضًا فريق عمل يركز على الآثار طويلة المدى للطاقة... هذه المناقشات مستمرة وكذلك مناقشاتنا مع أعضاء أوبك حول هذا الموضوع".
الكويت تعلن زيادة الإنتاج
من جانبها أعلنت الكويت على لسان نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتى وزير النفط وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الدكتور محمد الفارس، أن الدولة زادت إنتاجها من النفط الخام بما يتماشى مع حصتها المقررة البالغة 2.811 مليون برميل يوميا بموجب اتفاقية (أوبك +) وتماشيا مع التزام البلاد بضمان إمدادات آمنة ومستقرة من النفط إلى الأسواق الدولية.وفق"الأنباء الكويتية".
وقال الدكتور الفارس، وفق بيان صحفى لوزارة النفط الأربعاء، إن زيادة الإنتاج تتماشى مع الإعلانات الصادرة عن مؤسسة البترول الكويتية بأنها تقوم باستثمارات تضمن تزويد أسواق النفط الدولية بإمدادات كافية ويمكنها تلبية الطلب المستقبلي المتوقع.
وأكد أن دولة الكويت ستواصل دعم الجهود الرامية إلى تعزيز استقرار السوق لاسيما من خلال (أوبك +) مشيرا إلى أنه ومنذ عام 2020 نجحت (أوبك +) في استعادة توازن سوق النفط واستقرارها من خلال ضمان إمدادات كافية للأسواق.
وحذر من أن "نقاط الضعف الهيكلية في قطاع الإنتاج الناجمة عن سنوات من نقص الاستثمار أدت إلى أن تكون الطاقة الفائضة محدودة للغاية في جميع أنحاء العالم مما أوجد تقلبات كبيرة في أسواق النفط في وقت تحتاج فيه هذه الأسواق إلى الاستقرار بشكل لم يسبق له مثيل للسماح للمشاركين بالتخطيط لزيادة الطاقة الإنتاجية في المستقبل لتلبية الطلب المتزايد".
وأشار إلى أنه تحقيقا لهذه الأهداف الاستراتيجية فإن دولة الكويت تدعم جميع الجهود الرامية إلى حماية استقرارالسوق من التقلبات الأخيرة التي تهدد بتقويض الوظائف الأساسية للسوق.
الدور الروسى فى أسواق الطاقة
وبالنسبة لأهمية روسيا كعضو فى أوبك+، أكد الأمين العام الجديد لمنظمة أوبك هيثم الغيص أن وجود روسيا في تحالف أوبك+ أساسي لنجاح الاتفاق، وإن منظمة أوبك ليست في منافسة مع روسيا التي وصفها بأنها" لاعب كبير ورئيسي ومؤثر بشكل كبير في خارطة الطاقة العالمية"، بحسب صحيفة الراي الكويتية.
وقال الغيص إن "أوبك لا تتحكم بالأسعار لكنها تمارس ما يسمى بضبط الأسواق من حيث العرض والطلب"، ووصف الوضع الحالي لسوق النفط بأنها "متقلبة ومضطربة جدا".
وقال الغيص، متحدثا عن الزيادات الأخيرة في أسعار النفط "بالنسبة لي ما زلت أؤكد أن ارتفاع الأسعار ليس مرتبطا فقط بالأحداث بين روسيا وأوكرانيا، ولكن البيانات كلها تؤكد بأن الأسعار بدأت بالارتفاع بشكل تدريجي وتراكمي، وقبل اندلاع الأحداث الروسية الأوكرانية، بسبب التصور السائد في الأسواق بأن هناك نقصا في القدرة الإنتاجية الاحتياطية، والتي أصبحت محصورة في دول قليلة ومحدودة.