أكد الرئيس العراقي، لدكتور برهم صالح، اليوم السبت، أن البلد يمر بظرف دقيق وحساس وتحديات جسيمة، وقال صالح، خلال المؤتمر الإسلامى لمناهضة العنف ضد المرأة، أن "تعزيز الجهود المناهضة للعنف ضد المرأة وتمكينها هو بلا شك مهمة وطنية تستحق الدعم لتحقيقها من سلطات رسمية وفعاليات سياسية واجتماعية، أنه يجب مواجهة ظاهرة الاتجار بالبشر الخطيرة والإجرامية التى تهدد بناتنا وإخواتنا وقيم مجتمعنا وتمثل انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان فى بلدنا".
وأضاف أن "تعزيز دور المرأة فى بلدنا هو حاجة أساسية لترسيخ الحكم الرشيد والتنمية المستدامة، ولا تنمية للمجتمع من دون أن يكون نصف المجتمع ضامناً لحقوقه وارادته فى سبيل بناء الوطن ورفعته".
وتابع: "يمر بلدنا اليوم بظرف دقيق وحساس وتحديات جسيمة، التعثرُ السياسى الراهن وحالة الانسداد فى التفاهم على إنجاز الاستحقاقات الوطنية الدستورية بعد مضى عشرة أشهر على إجراء الانتخابات هو أمر مقلق وغير مقبول"، لافتاً إلى أن "الحراك السياسى وتعدد مساراته يجب أن لا يتحول إلى خلاف يهدد سلامة المشروع الوطنى فى بناء الدولة واستكمال مؤسساتها وعلى كل الوطنيين طوى الخلافات والأخذ فى الاعتبار التحديات المُحدقة بالوطن".
وذكر أنه "يجب رص الصف الوطنى والتكاتف والانتصار لخيار الحوار مهما بلغت درجة الأزمة والخلاف، عوضا عن التصعيد والتصادم والتناحر -لا سمح الله- حيث أن الجميع سيكون خاسرا فيه، وضرورة الإصلاح ومعالجة مكامن الخلل القائمة وصولاً إلى حلول جذرية تُمكّن العراقيين فى بناء دولة حقيقية حامية وخادمة لمصالح كل العراقيين".
وبين أنه "يجب العمل على مكافحة الفساد وإرساء العدالة والمساواة وتكافئ الفرص، واصلاح المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك لتحصين بلدنا وشعبنا من هذه المخاطر الماثلة حولنا فى العالم من الإرهاب والفساد والتقلبات الاقتصادية الحادة"، مشيراً إلى أن "التحديات القائمة تفرض علينا جميعا حسن التفاهم والركون إلى مبدأ التنازلات لصالح ما هو وطنى جامع لصالح مشروع اصلاح حقيقى نتجاوز فيه الخلل الكامن فى منظومة الحكم".
من جانبه أكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن مفتاح الحل هو الجلوس جميعاً على طاولة الحوار الوطني، مشيراً إلى أن مبادرة الحوار الوطنى هى الطريق السليم لحل الأزمة.
وقال الكاظمى خلال كلمته بالمؤتمر أن "الوقوف مجدداً لتكريم المرأة عموماً والمرأة العراقية المضحية المخلصة الصبورة على وجه الخصوص هو مدعاة اعتزاز وافتخار، وأن الدور الذى أدته المرأة الأم والأخت والبنت فى الواقع العراقى كان على الدوام دور صبر وتحمّل للضغوط والأزمات وكان دور إسهام فاعل فى بناء كيان المجتمع وتقديم كل التضحيات لتحصين الأسرة والوطن".
وأضاف: "اليوم أود التحدث عن الوضع الراهن الذى يهم مستقبل جميع العراقيين، وعلى رأسهم أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا وزوجاتنا واللواتى هن أكثر تضرراً من أى أزمة أو صراع حصل سابقاً على أرض الوطن، و كم من أرملة ويتيمة وأخت فاقدة لإخوانها وأم فاقدة لأبنائها لدينا اليوم فى العراق؟ هذا السؤال كم من نساء فقدن من أجل الوطن، هؤلاء ضحايا نتاج سياسات خاطئة اتخذتها بعض القيادات فى الماضي، ونتيجة فقدان العقلانية والحكمة والصبر فى القرارات، ونتيجة غياب صوت الحوار والنقاش السليم".
وتابع أن "الأزمات السياسية فى العراق من غير المعقول أن تكون بلا حلول، وإن هناك دائماً طرقاً لنختارها، فإما طريق الأزمة والفوضى والصراع السياسى وتهديد السلم الاجتماعي، وإما طريق الاستقرار، والأمن، والبناء، والازدهار"، متسائلاً :"هل أزمات العراق على كل المستويات ميؤوس منها؟! وهذا ما يحاول البعض من اليائسين ومصدرى الإحباط للمجتمع زراعته فى عقول الناس وإجبارهم على تصديقه".
ونوه الكاظمي: "كانت لدينا أزمات أمنية طاحنة فى الماضي، وكنا ندفع يومياً شهداء فى شوارع كل المدن، وكان داعش الإرهابى ينشر الرعب، وكان البعض يتحدث باليأس عن إمكانية تحقيق الأمن، ولكن -والحمد لله- بحضور فتوى مرجع السلام والمحبة الإمام السيد على السيستانى أدام اللُه ظله، وبالتفافِ كل العراقيين والقوى السياسية الوطنية حول قواتنا المسلحة بكل صنوفها قاتلنا المعتدين على أرواح شعبنا، وانتصرنا عليهم، وطاردناهم، وطوال العامين الماضيين أَمِنَ العراقيون على مُدنهم وأرواحهم وأبنائهم من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وسواها".
وبين: "هل نحن أمام أزمة أمنية اليوم؟، لا... نحن فى هذه اللحظة بأزمة سياسية، وصراع بين إخوة الوطن الواحد، وبين من كانوا يقاتلون الإرهاب فى خندق واحد.. ولكن للأسف هذه الأزمة السياسية تهدد المنجز الأمني، وتهدد استقرار الناس، نعم.. الناس بدأت تشعر بالقلق والإحباط".
وذكر: "كان لدينا أزمة اقتصادية خانقة بسبب وباء كورونا، وانهيار أسعار النفط، والتضخم فى اعتماد الدولة على واردات النفط، والبعض كان وما يزال يتحدث بيأس عن عدم إمكانية تحقيق أى تقدم اقتصادى أو عدم إمكانية تسديد رواتب الموظفين، ونحمد الله إننا معاً كعراقيين تجاوزنا هذه الأزمة، ووفرنا الرواتب، وأطلقنا المشاريع الاقتصادية للإصلاح الاقتصادي، وحققنا نمواً اقتصادياً فريداً على مستوى المنطقة، وأصبحت كل دول العالم تتطلع للاستثمار فى العراق".
ولفت: "هل تحل الأزمات الاقتصادية الكبرى بالتمنيات؟ لا بل تحل بالصبر والتخطيط والتقدم الهادئ، وأما الارتباكات والصراعات فهى تخلق معرقلات للتقدم الاقتصادي، أقول فى هذا الصدد أن العراق ما زال يمتلك فرصة كبيرة لتحقيق قفزات اقتصادية إذا ما تكاتفت الأطراف السياسية فيه على رأى ثابت كما فعلت فى الحرب ضد داعش".
وأشار إلى أن "التحديات الاقتصادية الدولية التى قد ننظر إلى تأثيراتها ومخاطرها بعد سنوات قليلة قد لا تقل عن التحديات التى واجهها شعبنا فى السابق؛ ولهذا يجبُ أن نبدأَ اليوم العمل بالتضامن لتحصين البلد أمامها، وهذه مهمة صعبة وسط الخلافات والتقاطعات السياسية ولكنها ليست مستحيلةً إذا ما توفرت الإراد للحوار لبناء عراق يليق بالعراقيين، للأسف.. يحاول البعض شخصنة الأزمات.. وأنا قلت سابقاً وأقول اليوم أمامكم: أيتها الأخوات والإخوة.. العراق أكبر من أى شخص، وأمام مصلحة العراق وكرامة العراقيين وأمنهم واستقرارهم تهون المناصب والاعتبارات والمسميات".
وأوضح الكاظمي:"اليوم هناك من يحاول أن يعيد لغة اليأس والإحباط بين العراقيين، ودورنا ومسؤوليتنا التأريخية أن نقول لشعبنا: أن أزمات العراق ليست بلا حلول. بالأمس كان الحل أن يتعاون الجميع مع الحكومة والقوى الأمنية والإجراءات الاقتصادية، واليوم الحل هو أن يتراجع الجميع من القوى المختلفة فيما بينها أمام مصلحة العراق، وأن يكون الجميع مستعداً لتقديم التنازلات؛ حتى لا نضيّع الوطن فى صراعات وتحديات سياسية واللحظة التى لا سمح الله وإن حدث فيها الصدام، فإن إطلاقات الرصاص لن تتوقف وتبقى لسنين".
ومضى بالقول: "أنا متأكد أن كل العراقيين حريصون على بلادهم، وإن كل القوى السياسية الوطنية بدون استثناء تعمل من أجل العراق وخدمته، وأن العراق أكبر من الجميع.. والعراقيون عبر كل مدن العراق وقراه يدركون جيداً أن ما نعيشه اليوم ليس صراعاً صفرياً بين الإخوة فى الوطن، وإنما هو اختلاف واجتهاد يحتاج إلى الحوار ثم الحوار ثم الحوار من أجل حل هذه المشكلة".
وقال: إن"العراقيين فى كل مكان يدركون أن من يخوض الاختلاف السياسى من الطبيعى أن يحمل الآخرين المسؤولية ولا يحملها لنفسه.. ولهذا أول أن الجميع يتحمل المسؤولية عن التوصل إلى الحلول الممكنة لهذه الأزمة، بعيداً عن لغة التخوين والتسقيط والاتهامات والتشكيك وتوتير الاجواء واستخدام وسائل التواصل الاجتماعى للاعتداء على كرامة الناس والشخصيات الوطنية".
وشدد على أن "مفتاح الحل هو جلوس الجميع على طاولة الحوار الوطنى والمصارحة والمكاشفة بأن أزمةَ الثقة الحالية تُحلُ باستعادة الثقة أولاً، ومن ثم الذهاب إلى الاتفاق على الإصلاحات الضرورية التى يحتاجها شعبُنا فى كل المستويات والصعد، وأن نرمم الثقة بين الإخوة الذين تصدعت الثقة بينهم ليس أمراً ميؤوساً منه أيضاً، بل هو ممكن ومتاح اليوم إذا ما تذكر الجميع الأواصر العميقة التى تجمعنا جميعاً، والمسؤولية الوطنية والتأريخية التى نتحملها جميعاً هى مفتاح الحل".
وأكد أن "هذه الحكومة فعلت الكثير لحل الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية، أو إيجاد طريق للحل، وقدمنا مؤخراً مبادرة الحوار الوطنى التى رحبت بها كل القوى السياسية، ونحن نعتقد أنها الطريق السليم لحل هذه الأزمة، الحوار هو الحل. وسنبذل كل الجهود لتفعيلها وتطويرها".
وتابع: "ما يهمنا اليوم هو أن يستأنف العراق مساره الديمقراطى الطبيعى وأن يحفظ دم العراقيين وأمنهم وسلمهم، وأن نقلل تأثير الخلافات السياسية السلبى على حياة الأسرة العراقية، وأن نصون المسؤولية الوطنية التى تكفلنا بها، ونسلمها إلى من يأتى بعدنا بشرف وأمانة، مرةً أخرى أحيى المرأة العراقية التى علمتنا الحكمة، والصبر، والتحمل، وعزة النفس.. ونحييها أمّاً وأختاً وزوجةً وهى توصينا:((الوطن غالى وعزيز))".
فى السياق ذاته، أكد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، على ضرورة الجلوس على طاولة الحوار والمضى بانتخابات مبكرة.
وقال الحلبوسى خلال المؤتمر الإسلامى لمناهضة العنف ضد المرأة: "أدعو القوى السياسية إلى الجلوس لطاولة حوار تصل لحلول للأزمة السياسية"، مجدداً "تأييده لمبادرة الحوار الوطني".
وأضاف أن "وضع البلد لا يمكن أن يستمر فى هذه الحالة ،وإن ما وصلنا إليه اليوم يمثل تراجعاً عمّا كنّا عليه"، لافتاً إلى أن "نهاية هذا العام لا تستطيع الحكومة أن تنفق أى أموال من دون موازنة".