"كفيف لكن فنان".. "كمال" استطاع أن يتغلب على إعاقته لممارسة هواياته.. الرسم والنحت على الخشب والإخراج المسرحى أبرزها.. حصد المركز الأول لعزف مقطوعة "فالس" لعمار الشريعى.. وابتكر ساعة فلسفية لعمر الإنس

"طوبة في عينى كانت سر سعادتى".. بهذه الكلمات بدأ كمال عبد الحفيظ، الفنان الكفيف، وابن قرية الكاجوج التابعة لمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، في الحديث عن مشواره مع إعاقته البصرية وكيف تحولت حياته للأفضل – على حد قوله – بعد الطوبة التى أصيب بها في صغره. كمال عبد الحفيظ، الذى يبلغ من العمر 38 سنة، وُلد كغيره من الأطفال يرى ويلعب مع الصغار، وكان مصاب بمياه زرقاء على العين وأجريت له عملية في عيناه الاثنين، ولكن إحداهما نجحت وأصبح يبصر بها والأخرى فشلت، واستمر الطفل كمال على هذا الوضع حتى وصل إلى سن 11 سنة، وهنا خرج من بيته في أحد الأيام وبينما كان الأطفال يلعبون بجواره قذف أحدهم حجراً "طوبة" أصابت عينه السليمة، ومع رحلة علاج أصيب بعدها بالعمى. يتحدث كمال لـ"انفراد"، عن نفسه قائلاً: "هذه الطوبة سر سعادتى ولو كنت مبصر لما وصلت للذى وصلت إليه الآن بفضل الله"، مضيفاً أن أسرته كانت حريصة على تعليمه فألحقته بمدرسة النور للمكفوفين في أول دفعة لافتتاح هذه المدرسة داخل محافظة أسوان، بعد أن حصل على استثناء دخول من وزارة التربية والتعليم لتجاوزه السن المحددة للمرحلة الابتدائية وكان وقتها قد بلغ 12 سنة. قال كمال: أول موهبة ظهرت عندى هى الشعر وكان وقتها سنى 16 سنة، وكتبت أول قصيدة بعنوان "سألونى"، ثم دخلت في مجال الرسم وسمعت خلال إحدى البرامج التليفزيونية عن مبصر يرسم عربية على آلة كاتبة ، ومن هنا بدأت في تحويل نفس الفكرة ولكن بطريقة تناسب إعاقتى، وكان عندى آلة كاتبة بطريقة برايل واجتهدت حتى رسمت العربية، وتواصلت مع المركز النموذجى لرعاية المكفوفين بحلمية الزيتون بالقاهرة وآخر مركز المكفوفين بالرياض بالمملكة العربية السعودية ثم تطرقت لرسم البيئة المحيطة، وابتكرت استخدام فوطة صغيرة أو سجادة للرسم. وتابع الفنان الكفيف، بأنه كان يلون ويملأ الفراغات وذلك من خلال طريقة ابتكرتها لتمييز الألوان عن بعضها وهى عبارة عن تجميع كروت الاتصال والشحن القديمة وكتابة حروف عليها لترمز إلى اللون، مثل: " س إشارة إلى اللون الاسود ، ح إشارة إلى اللون الأحمر ، ص إشارة إلى اللون الأصفر، ف إشارة إلى اللون البنفسج"، وهكذا.. ، ثم بدأ في قص هذه المربعات ثم ربطها في بعضها عن طريق تثبيتها بخيط ثم في قلم، حتى تسهل عليه معرفة الألوان دون الاستعانة بأحد وسؤاله عن الألوان كل حين وآخر، موضحاً بأن طريقة الألوان تكون بخطوط طولية وعرضية ثم دوائر حتى لا تترك فراغات فى الألوان. وأشار إلى أن من ضمن أعماله الفنية في الرسم، لوحة لها علاقة بعلم النفس، وهى تتحدث عن عمر الإنسان كما أشار إليها علماء النفس بأن الإنسان كل فترة عمرية يأخذ شيئاً من الحيوانات، مثل أول 10 سنين يأخذ من القطة التى تلعب وتجرى وتقفز على الجدران، والثانية مرحلة القرود وهى التى تقفز للحصول على رزقها من الأشجار، وغير ذلك. واستكمل الحديث عن لوحته الفنية، قائلاً: أما عن فكرتى التى نفذتها بالرسم، كانت عبارة عن ساعة تبدأ بـ"الهلال" وهى لحظة الميلاد، ثم تتحرك الساعة إلى الواحدة وهنا تشير إلى "قلب أخضر" ويعنى الطفولة، وبعدها "الكرة" وهى تشير إلى لعب الطفل، ثم "عصفور" يطير من هنا إلى هناك، ثم "قلب أحمر" وهنا مرحلة المراهقة والحب، ثم "كتاب" وهى مرحلة التعليم، ثم "الشجرة" وهى مرحلة الثبات والقوة، ثم "الشمس" وهى مرحلة التألق والمجد، ثم "وردة" وهى مرحلة الأبوة والجد والناس من حواليه، ثم "الراية" وهى مرحلة الاستسلام لبعض الأمراض، ثم "شجرة" لها ورقة واحدة وغصن واحد ناشف وهى مرحلة الشيخوخة ونهاية العمر، ثم "السهم الأسود" وهو الممات. وأضاف، أنه تطرق إلى مجال الموسيقى، ويعتز بالمعلمة "هناء أحمد جلال" بمدرسة النور للمكفوفين وهى من شجعته على ممارسة هذه الهواية حتى وصل إلى مرحلة متقدمة وحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية مع الراحل عمار الشريعى بمقطوعة "فالس". وأوضح، بأنه تطرق إلى المسرح، ونمى موهبة الكتابة المسرحية، وألف العديد منها التى جسدتها مدرسة النور للمكفوفين في العديد من المحافل وحصد بها العديد من الجوائز على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى عمله في الإخراج لهذه المسرحيات، مؤكداً أن مشرفى المدرسة هم من يتيحون له الفرصة في ممارسة هذه الموهبة المسرحية. وفى السياق، لفت إلى أنه تطرق إلى مجال النحت، وبدأ يفكر في "الحجر" الذى أصابه في الطفولة ووجه إليه بعض الكلمات قائلاً له: "هو أنت اللى قسيت عليا وخليتنى كفيف، أنا هنحت فيك وأخلى الناس تدهش بيك، وبدل ما انت خليت في معتقد الناس حاجة وحشة أنا هخلى فيك حاجه أحلى"، ثم بدأ النحت حتى وصل إلى تقييم الحجر نفسه من يتناسب مع النحت ومن غير ذلك، فليس كل حجر يكون صالح للنحت عليه "على حد تعبيره"، موضحاً بأن فكرة الحجر أوحت له فكرة النحت على الخشب، وأول تجربة كانت عبارة عن "سبحة" وبعد نجاح هذه الفكرة انطلق إلى نحت خشبى لتجسيد أشكال السيارة والطائرة والكتاب والتمثال وغير ذلك.


















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;