مؤشرات الاقتصاد المصرى الحالية، تشهد العديد من الأرقام والنسب المئوية ذات الدلالات الخطيرة، ويعد أبرزها الديون التى سوف تتحمها الأجيال القادمة، بين ديون خارجية بقيمة 53 مليار دولار، وديون داخلية تصل إلى 2.7 تريليون جنيه، تؤثر فى تحقيق معدل نمو يسهم فى رفع نسب التشغيل وخفض معدلات البطالة التى تمثل حاليًا 13% من قوة العمل.
ولعل الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد، والذى بدأت قبل أيام مع بداية السنة المالية الجديدة 2016 - 2017، ووافق عليها مجلس النوات الأسبوع الماضى، هى الأضخم فى تاريخ مصر من حيث حجم الإنفاق والإيرادات المتوقعة، وقيمة العجز بين الإيرادات والمصروفات الحكومية، وخدمة الدين.
ومن الضرورى أن تضع الحكومة من الآليات التى تعمل على خفض نسبة الدين العام من مستواه الحالى البالغ 98% من الناتج المحلى الإجمالى، إلى 85% خلال سنوات قليلة، حتى تعود مرة أخرى إلى النسب الآمنة التى تؤثر بشكل كبير على خطط الدولة للتنمية الاقتصادية والإجتماعية، وحق الأجيال القادمة فى حياة أفضل.
ويعد تفعيل أداء المجلس التنسيقى للبنك المركزى، ضرورة فى ظل دقة المرحلة الحالية ومتطلباتها من ضرورة التنسيق بين الجهات الاقتصادية، خاصة طرفى السياستين النقدية والمالية ومجلس التنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية وأعضاء المجموعة الوزراية الاقتصادية، بعد مطالب كثيرة خلال الفترة الماضية بوجود هذا التنسيق، وهو ما يسهم فى دعم خطة دعم النمو وخفض مستوى التضخم وزيادة الاستثمار، وبالتالى ينعكس ذلك على خفض نسبة الاقتراض من البنوك لتمويل عجز الموازنة، الذى وصل إلى 11.5% من الناتج المحلى الإجمالى.
ويعد ارتفاع نسبة العجز فى الموازنة العاملة للدولة من أهم الدوافع لاقتراض الحكومة من البنوك مليارات الجنيهات سنويًا، وهو ما يؤثر على قدرة البنوك على تمويل المشروعات الخاصة والتى تسهم فى دعم النمو فى الناتج المحلى الإجمالى.
والبحث عن موارد استثمارية عبر رؤوس الأموال المحلية، وتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر والذى بدأت توليه الدولة اهتماما كبير بإنشاء المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة، الرئيس عبد الفتاح السيسى، وعضوية رئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزى وأعضاء المجموعة الوزراية الاقتصادية، من أهم الآليات التى تسهم فى تخفيف الضغط على موارد خدمة الدين العام عبر آلية الاقتراض من البنوك.
والآليات المقترحة الأخرى تتمثل فى إصلاح منظومة دعم السلع البترولية والغذائية، بما لا يؤثر على محدود الدخل، وهو ما يعمل توفير جزء كبير من الإنفاق على هذا البند فى الموازنة العامة للدولة، ويسهم فى ضبط أوضاع المالية العامة للدولة.
ويعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة، والموارد المتوقعة منها التى تتراوح بين 20 و25 مليار جنيه، سوف تسهم فى زيادة الحصيلة الضريبية للبلاد، إلى جانب تقليل معدل التهرب الضريبى، الذى يعد أبرز التحديات الحالية أمام مسئولى السياسة المالية.
ومن الأدوات الهامة التى من الممكن أن تسهم فى حل أزمة الدين العام، وهو مشروع قانون الصكوك المتوقع أن يتم مراجعته من قبل وزارة المالية، والذى يتطلب الإسراع بعرض على مجلس النواب، وإقراره كأداة تمويل هامة خلال الفترة المقبلة.
ويبقى العامل الأهم فى منظومة التقدم الاقتصادى لدول العالم، وهو مكافحة الفساد، حيث يلتهم سنويًا المليارات من الجنيهات، وهو الاتجاه الذى تؤكد عليه الدولة على كافة المستويات بأنه لا مكان لأى فاسد خلال الفترة القادمة.
وعندما ننظر إلى بعض الدول، نجد أن متوسط نسبة الدين العام للناتج المحلى الإجمالى فى دول الإتحاد الأوروبى، تصل إلى 85%، وفى دولة كسويسرا تصل إلى 33% فقط، وفى مصر وصل إلى 98% من الناتج المحلى الإجمالى وهو من المستويات الخطرة.
وتشير أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزى المصرى، إلى أن إجمالى الدين العام المحلى ارتفع إلى 2496.5 مليار جنيه – 2.5 تريليون جنيه - فى نهاية مارس 2016، منه 90% مستحق على الحكومة و0.9% على الهيئات العامة الاقتصادية و9.1% على بنك الاستثمار القومى.
وتشير التوقعات الخاصة بقيمة العجز فى الموازنة العامة للدولة، بنهاية العام المالى الماضى، إلى 322 مليار جنيه، ويتم تمويله عن طريق طرح البنك المركزى لأذون وسندات خزانة، أدوات الدين الحكومية، نيابة عن وزارة المالية، وعن طريق المساعدات والمنح من الدول العربية والقروض الدولية.