فى عام 1991 أصدر رئيس الجمهورية القرار الجمهورى رقم 46 بإنشاء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، وكانت وقتها رسالة الصندوق واضحة ومحددة مواجهة الظاهرة من خلال برامج وآليات تسعى لمحاصرة كل مظاهرها وملاحقة كل المستجدات، التى تطرأ على سياقها لوقاية شباب مصر من الوقوع فى براثن المخدرات وحمايتهم، ومد يد العون لمن يقع منهم فى براثن الإدمان.
غير أن 25 عاما مضت، فشل فيها الصندوق فى تحقيق أى هدف من أهدافه التى أنشئ من أجلها، فباعتراف الدكتور عمرو عثمان مدير الصندوق، تسجل نسبة الإدمان فى مصر 2.4%، ونسبة التعاطى بلغت 10%، وهى تتعدى نسبة التعاطى العالمية التى تسجل 5%، وهو ما يشير بدقة إلى تضاعف أعداد المدمنين، بل ويعترف بتضاعف أعداد المدمنين وزيادتهم فى السنوات الأخيرة.
وكانت الأرقام الرسمية المعلنة خلال عام 1990 نحو مليون شخص، تضاعف العدد فى 2015 إلى أكثر من 6 مليارات، وانخفض سن التعاطى للمخدرات إلى 11 سنة، وكان يتراوح وقت إنشاء الصندوق بين 30 و40 سنة، وتشير التقديرات إلى أنه يتم إنفاق 28 مليار جنيه على تجارة الكيف، وأن حجم الاتجار فى المخدرات فى مصر وصل إلى 160 مليارا، بخلاف ما تتكبده الدولة من علاج لهؤلاء المدمنين،
والمؤكد أن المسئولية لا يتحملها مركز مكافحة الإدمان بمفرده، غير أن المسئولية الكبرى بالتأكيد تقع على عاتقه إذ أنه أنشئ خصيصا لهذه المهمة، فالصندوق فشل أولا فى محاصرة ظاهرة الإدمان، وفشل ثانيا فى وقاية الشباب منها، وتركهم ضحية اللعنة القاتلة التى تمتص دماءهم وصحتهم، وفشل ثالثا فى مد يد العون للمدمنين الذين يريد كل منهم أن يعود سليما معافى، للمشاركة فى التنمية إنقاذا لنفسه وأسرته.
ولم يقف الأمر عند حدود الفشل فى مواجهة أعداد المدمنين وعلاجهم، وإنما فشل الصندوق فى مواجهة مراكز علاج الإدمان الوهمية التى تمارس النصب على المواطنين، وتسرق جيوبهم وأجسادهم، وتتركهم يئنون تحت وطأة المرض وتنفق عليهم الدولة ملايين الجنيهات شهريا.
وبلغة الأرقام التى لا تعترف بالعواطف، وبحسب الإحصاءات التى يعترف بها المركز نفسه، فإن أعداد من تقدموا للعلاج فى المركز من تعاطى المواد المخدرة بلغ 42 ألف شخص خلال 2013 مقارنة بـ19 ألف شخص عام 2011، وهو عدد هزيل جدا مقارنة بعدد المرضى الذين يقدر عددهم بأكثر من 6 ملايين متعاطى.
ويفاجئنا المركز ووزيرة التضامن الاجتماعى كل فترة بإعلان وضع خطة قومية لمكافحة الإدمان، وكأن المركز أنشئ حديثا وأضيفت له مهمة مكافحة المخدرات.. ياسادة لا تخدعوا المواطن وتعلنوا عن خططكم الوهمية على الورق.. استقيموا يرحمكم..