نحتفل بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسى العبقرى شامبليون، وهى مناسبة تستحق الاحتفال.
يعرف الجميع أن فك رموز حجر رشيد هو الذى غير كل شيء فى تاريخ مصر القديم، لقد كانت أثارنا قبل هذه الحركة العبقرية مجرد رموز مجهولة ونقوش مبهمة، لم نكن نعرف معناها ولا دلالتها، كنا نرى الكتابة طلاسم والمومياوات مساخيط، ونظن أن الأهرامات والآثار الضخمة بناها الجن، لكن كل شيء تغير بعد سنة 1822 فقد صار العلماء قادرون على فهم تاريخ واحدة من أجمل وأعرق الحضارات العالمية، ومن بعد ذلك حدس هوس بالحضارة المصرية فى كل العالم، وصرنا نحن فخورين بما فعله أجدادنا من مجد عظيم.
قصة حجر رشيد
يوم 19 يوليو من عام 1799م، تم اكتشاف حجر رشيد بواسطة الضابط الفرنسى بيير فرانسوا بوشار، إبان الحملة الفرنسية على مصر، ويحمل نقوشا لنصوص هيروغليفية وديموطيقية ويونانية.
تعود قصة اكتشاف حجر رشيد عندما جاءت الحملة الفرنسية عام 1798م بقيادة نابليون بونابرت، واستمرت بالتقدم عبر مدينة رشيد، وعثر الضباط بيير فرانسوا بوشار على الحجر المصنوع من البازلت عام 1799م.
وبعد اكتشاف حجر رشيد تم الإعلان عن هذا الاكتشاف فى الصحيفة التى كانت تصدرها الحملة لمقاتليها، وسمى بحجر رشيد لأنه اكتشف بمدينة رشيد الواقعة على مصب فرع نهر النيل فى البحر المتوسط.
وحجر رشيد هو نصب من الحجر صدر فى ممفيس، فى 196 قبل الميلاد نيابة عن الملك بطليموس الخامس، يظهر المرسوم فى ثلاثة نصوص: النص العلوى هو اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية المصرية، والجزء الأوسط نص الديموطيقية، والجزء الأدنى اليونانية القديمة، لأنه يقدم أساسا نفس النص فى جميع النصوص الثلاثة "مع بعض الاختلافات الطفيفة بينهم"، ليكون الحجر مفتاح الفهم الحديث للهيروغليفية المصرية.
مواصفات حجر رشيد
ويبلغ ارتفاع الحجر 113 سنتيمترًا، وعرضه 75 سنتيمترا وسمكه 27.5، والحجر منقوش عليه كتابة بثلاثة من اللغات القديمة وهى اللغة الهيروغليفية واللغة الديموطيقية أوالقبطية واللغة اليونانية، وقد نقشت الكتابات على هذا الحجر فى عهد الملك بطليموس الخامس.
لم يستطيع علماء الآثار فى العالم أن يتوصلوا لفك رموز الحجر، حتى جاء سنة 1822، عندما أعلن العالم الفرنسى، جان فرنسوا شامبليون مسئول قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، توصله لحل مسألة النقوش المكتوبة على الحجر، حيث اهتدى إلى الأشكال البيضاوية الموجودة فى النص الهيروغليفى، والتى تعرف بالخراطيس وتضم أسماء الملوك والملكات، وتمكن من مقارنة هذه الأسماء بالنص اليونانى من تمييز اسم بطليموس وكليوباترا وكانت هذه الحلقة التى أدت إلى فك رموز اللغة الهيروغليفية.
ما تم تدوينه على جحر رشيد
أما عن النقوش المدونة على الحجر فهى خطاب شكر وعرفان موجه من مجموعة من كهنة مدينة منف للملك بطليموس الخامس لإعفائه للمعابد من دفع بعض الرسوم، وتمت كتابته عام 196 قبل الميلاد.
سبب استخدام اللغة الهيروغليفية
استخدمت اللغة الهيروغليفية لأن الكهنة فى ذلك الوقت ما زالوا يستخدمونها، كما أن عامة الشعب كانوا يستخدمون اللغة الديموطيقية، ولذلك تم الكتابة على الحجر بالثلاث لغات حتى يستطيع الملك وعامة الشعب قراءتها.
وتم الاستيلاء على الحجر بواسطة الاستعمار البريطانى بطريق غير قانونى بالقوة ودون وجه حق ووضعه كإهداء فى المتحف البريطانى، منذ أن هزمت القوات البريطانية الفرنسيين فى مصر عام 1801، وأصبح الحجر الأصلى فى حوزة البريطانيين بعد استسلام الحملة الفرنسية ونقل إلى لندن، وعرض على الملأ فى المتحف البريطانى بشكل مستمر تقريبا منذ عام 1802، وكان الأثرالأكثر زيارة فى المتحف البريطانى.
هل يمكن أن يعود الحجر إلى مصر
منذ عدة سنوات تطالب مصر بعودة حجر رشيد من المتحف البريطاني، فهل من الممكن أن يعود إلى مصر؟.
فى عام 2018 ووفقا لما ذكرته صحيفة "ديلى تليجراف" البريطانية، أن مصر قد جددت الدعوات إلى إعادة حجر رشيد إلى مصر بعد أكثر من 200 عام، مضيفة أن اللوح القديم المحفور بثلاثة لغات ويحل طلاسم الكتابة الهيروغليفية المصرية، كان مصدر توتر طويل الأمد بين القاهرة ولندن.
وخلال عام 2009، طالب عالم الآثار المصرية الدكتور زاهى حواس، المتحف البريطانى إعادة الحجر أو إقراضه لمصر لعرضه فى المتحف المصرى الكبير، أثناء توليه المجلس الأعلى للآثار، وقال وقتها الدكتور حواس: إنه بالرغم من رغبته فى استعادة الحجر ليكون مقره فى القاهرة، إلا أنه مستعد للقبول بتسوية فى حالة وافق المتحف البريطانى على اقراضه لمصر لعرضه لمدة ثلاث أشهر.
وكان حواس قد كتب إلى المتحف يطلب عرض الحجر فى افتتاح المتحف المصرى الجديد فى الجيزة، وقد أرسل إلى متاحف أوروبية أخرى طلبات مماثلة، وقال إن الردود التى تلقاها من بعض المتاحف لم تكن جيدة، وإن المسئولين عن هذه المتاحف طرحوا تساؤلات تتعلق بضمانات عودة تلك التحف إليهم مرة أخرى.
وفى عام 2019، وقالت المتحدثة باسم المتحف البريطانى إنه لا توجد طلبات أو خطط حالية لإقراض حجر رشيد.