بعد مرور 125 سنة على إنشائها.. الأقصر تشهد عودة تشغيل أقدم معصرة زيوت يدوية وتراثية بإسنا.. وتم تطويرها ضمن مشروع اكتشاف الأصول.. والملاك يعيدون الحياة لها وتنتج أول زجاجة زيت خس لخدمة المواطنين بالجن

وسط أجواء من الفرحة والسعادة، شهدت مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، إعادة تشغيل معصرة زيوت بكور بإسنا لأول مرة منذ عدة سنوات مضت، وذلك من خلال مشروع "الاستثمار فى السياحة المستدامة والمتكاملة بمدينة إسنا" الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والذى يقوم بتنفيذه شركة تكوين لتنمية المجتمعات المتكاملة.

وتمت إعادة تشغيل المعصرة التراثية، خلال مجهود المشروع حيث تم ترميم وتجديد مناطق الجذب الرئيسية فى إسنا، بما فى ذلك معصرة بكور للزيوت والتى أصبحت مزار مهم جدًا فى جولة إسنا السياحية، حيث يعتبر هذا المشروع يهدف إلى تعزيز الإمكانات السياحية لمدينة إسنا، وتحقيق التوازن فيما يتعلق بالحفاظ على التراث والترويج السياحى والتطوير المجتمعى، ويؤدى هذا الدعم إلى خلق فرص عمل، وانتعاش السياحة، وزيادة استثمارات القطاعين العام والخاص، وتجديد تراث المواقع ذات الأهمية التاريخية فى إسنا.

وأعاد مشروع اكتشاف أصول إسنا التراثية بالتعاون بين وزارة السياحة والآثار، والجانب الأمريكى، التاريخ والسحر والجمال لـ"معصرة بكور للزيوت" التى تعتبر أقدم معصرة زيوت يدوية فى الأقصر ويعود تاريخها لأكثر من 125 سنة مضت، حيث تحولت المعصرة الواقعة على بعد 100 متر من معبد خنوم بمدينة إسنا جراء التطوير لتحفة تراثية مميزة، تجذب الضيوف والسائحين من حول العالم.

وكان مبنى معصرة الزيوت اليدوية بمدينة إسنا، عبارة عن جدران قديمة ومبنى مكون من غرفتين تم بناؤه بالطوب اللبن والذى كان قديمًا كان أشهر من النار على العلم، وكان يتوافد عليه الزبائن طوال النهار لشراء الزيوت المميزة التى تم إنتاجها داخل المعصرة التاريخية بالمدينة، ومؤخرًا بالكاد تعمل المعصرة لأيام معدودة فى الشهر وتتوقف فترة لقلة الحبوب والبذور التى يتم طحنها وإخراج الزيوت منها لقلة الإقبال من الأهالى على الشراء وتهالك معداتها، وعادت للحياة من جديد بعد خطط التطوير التى حصلت عليها بدعم مشروع إكتشاف أصول إسنا التراثية المميز.

وفى هذا الصدد يقول عزت بكور نجل صاحب معصرة زيوت بكرة بمدينة إسنا، والذى ورثها مع أشقائه بعد وفاة الحاج ناصر والدهم، أنها تعتبر أقدم معصرة يدوية فى جنوب الأقصر، حيث أنها كانت عبارة عن حجر ضخم يعصر الغلة التى يتم جلبها بأنواع معينة لإنتاج الزيوت المختلفة، ويقوم الجمل بالدوران بالحجر والعصا لطحن الغلال لتنتج العجينة النهائية قبل دخولها مرحلة العصر، موضحًا أن أول عصر وطحن للغلال تبدأ بعد الفجر مباشرة حتى الساعة العاشرة صباحًا، حيث يقوم شخص بقيادة الجمل أو البقرة حسب الماشية المتوفرة لتحريكه فى حركات دائرية لإتمام العصر للغلال حتى وصولها لمرحلة العجينة، وبعد العصر تدخل العجينة لمرحلة المكبس والذى يوضع داخله "براش" عبارة عن عقد دائرية لحبال بأشكال مختلفة معينة يتم وضعها بطريقة فنية داخل المكبس لكى تخرج العجينة زيتها والشكل النهائى للزيوت التى تقدم للتجار لبيعها للمواطنين.

وأضاف عزت بكور لـ"انفراد"، أن المعصرة لها تاريخ كبير يعود لعشرات السنين، ففى مرحلة الكبس يتم الضغط على المكبس عبر عصا كبيرة وأسفله "البراش" لعصر العجين لانتاج الزيوت، حيث تسقط على حجر كبير مفرغ بشكل يخرج الزيت لبئر أسفل المكبس لتجميع الزيوت داخله، موضحًا أنه من خيرات المكان أن الجيران كانوا يتجمعون خلال الوصول لمرحلة الكبس للعجينة للحصول على بركة الزيت من أجداده قبل تعبئتها فى أوانى معينة لبيعها للتجار بأسعار فى متناول الجميع، موضحًا أنه توجد بالمعصرة لديهم أوانى ضخمة منحوتة بطريقة فنية لتجميع الزيوت داخلها لتأخذ كل كمية دورتها قبل مرحلة التصفية والبيع النهائي.

أما عن التاريخ التراثى لأقدم معصرة، فيقول عمر فخرى، مفتش الآثار الإسلامية والقبطية بقطاع آثار إسنا، أن المعصرة تعد من التراث التاريخى بمحافظة الأقصر، حيث بنيت منذ أكثر من 125 سنة وفى فترة ولاية محمد على باشا وأسرته حكم مصر، حيث بنيت فى عام 1897 وهى معصرة الزيت الوحيدة المتبقية العاملة فى إسنا، وكانت معصرة الزيت هذه تنتج زيوتًا مصنوعة من حبوب الخس والسمسم، ونادرًا ما يوجد زيت الخس فى الوقت الحاضر، ويقال فى الماضى أن هذا الزيت كان يستخدم كمصدر دواء لبعض الأمراض.

وأضاف عمر فخرى لـ"انفراد"، أن الغرفة الثانية تسمى "بيت الزيت" وهى التى يتم داخلها استخلاص الزيت عن طريق آلة يدوية تتكون من قوائم وعوارض من الخشب المتين المقلوظ، وتوضع أعلاها كمية الطحين ويتم ضغطها بشدة للقرص على الحبال الموضوعة داخلها لكى تنتج الزيوت المصفاة وبها مجرى يقوم بتصفية الزيت من الشوائب تمامًا، مؤكدًا على أن معصرة الزيوت التاريخية بالأقصر دخلت فى مشروع إعادة اكتشاف الأصول التراثية والثقافية بمدينة إسنا، الذى يهدف إلى إطلاق إمكانات التراث الثقافى المتنوع للمدينة، بما يمهد لإعادة إحياء تلك المنطقة بصورة مستدامة ووضع المدينة بما تشكله من معالم تراثية متميزة على الخريطة السياحية بمصر.

ومن الجدير بالذكر أن معصرة زيوت بكور التراثية بمدينة إسنا، بعد تطويرها أصبحت مزار سياحى هام ويزورها السياح لمشاهدة التراث داخلها فى إنتاج الزيوت المميزة، حيث أن زيت الخس التى تخرجها المعصرة لها فوائد كثيرة للغاية فهى غنية بالحديد والفسفور والكالسيوم والنحاس واليود وخلافه من المواد التى تساعد فى العلاج وتهدئة الأعصاب وعلاج السكر وآلام المرضى المختلفة، وهو مقوى عام يساعد فى تقوية عضلة القلب وتقوية الأعصاب.
















































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;